جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

المدلسون.. قراءة فى خطاب المعاندة "8"

محمد الباز يكتب: جمال عيد.. بلطجى حقوق الإنسان

محمد الباز
محمد الباز

حقوق الإنسان بالنسبة له مصدر للشهرة والتكسب والحصول على التمويل والجوائز الدولية

تواطأ على جريمة صديقه الشاذ جنسيًا لأنه لا يعرف إلا حقوق أصدقائه

يعول على زواجه من أمريكية ليهاجم ويسب من يشاء ويعانى من فوبيا باعتباره من «أرامل يناير»




إذا أردت أن تصل إلى خبيئة إنسان تأمل ملامح وجهه.
كل منّا يحمل تفاصيل روحه بين عينيه، نظراته تفضحه، تكشف خبث نواياه وكذب قلبه.. وأيضًا سوء مصيره.
عندما تتأمل وجه المحامى والناشط الحقوقى جمال عيد ستتأكد مما أقوله لك، فملامحه الجامدة تعكس غلظة فى روحه، تنعكس على ما يقوله ويفعله.
قد يكون من المبكر أن أضعه أمامكم بين قوسين، تعودت أن أدلك على الطريق ثم تصل أنت إلى قناعتك الخاصة، لكنه يجبرنا  علي أن نصفه حتى تستطيع أن تفهم ما يقوم به ببجاحة منقطعة النظير.
جمال عيد ليس إلا «بلطجى حقوق إنسان».
المحامى المولود فى العام ١٩٦٤، والذى حصل على ليسانس الحقوق من جامعة عين شمس، وسلك طريق العمل فى مجال حقوق الإنسان، والتوصيف دقيق، فحقوق الإنسان بالنسبة له مهنة، مصدر للشهرة والتكسب والحصول على التمويل والجوائز الدولية والحماية أيضًا، بصرف النظر عن قناعته بنبل ما يباشره أو قيمة ما يقدمه للناس.. فالأهم لديه هو ما يقدمه لنفسه.
نظريًا يمكن أن يحتج جمال عيد علينا بأنه ناشط مهم فى مجال حقوق الإنسان.
هو صاحب «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان»، التى أسسها فى العام ٢٠٠٣، والتى أصبح بسببها ذا حيثية فى المجال العام، يشترك فى الحركات السياسية، يتحدث إلى وسائل الإعلام، يظهر فى المؤتمرات الدولية، يحصل على الجوائز بصرف النظر عن كونها مشبوهة أو نزيهة، رغم أنه من الصعب أن تجد شيئًا فى مجال جمال عيد نزيهًا أبدًا.
لكن عمليًا لا يمكن التعامل مع جمال عيد على أنه حقوقى من أى اتجاه، فحقوق الإنسان عنده هى تلك التى تكون لصالحه ولصالح أصدقائه، ومن ينتمى إليهم ويدافع عن مصالحهم، لأنهم فى النهاية يشكلون الحماية الكاملة لمصالحه.
هل يمكن أن نتعامل مع جمال عيد على أنه حقوقى نزيه، وهو الذى كتب شامتًا فى موت طلعت زكريا، فقال على حسابه الشخصى بـ«تويتر»: «مات من كره ثورة يناير، مات من افترى على الثورة وأطلق أكذوبة علاقات جنسية كاملة، مات من كره الثورة، وكره بعض مؤيدى ثورة يناير، وأنا ضمنهم، لن أشمت به ولن أترحم عليه».
حاول جمال عيد أن يستر عورته عندما قال إنه لن يشمت بطلعت زكريا ولن يترحم عليه.
فها هو يقول إنه ليس شامتًا، رغم أن حروف كلماته تشى بالشماتة والفرح فى موت إنسان، ولا أعرف ما الذى تعنيه حقوق الإنسان إلا إذا كنت لا تحافظ عليها وتدافع عنها لصالح معارضيك قبل مؤيديك.
قد يكون طلعت زكريا أخطأ بالفعل فى مهاجمته ثورة يناير، بالغ كثيرًا فى كراهيته لها، أسرف على نفسه فى اتهام من شاركوا فيها، لكن أين احترام الرأى الآخر حتى لو كان خطأً؟
لقد قال طلعت زكريا ما قاله، وهو مقتنع به وهذا يكفيه، ولم يكن مبررًا أبدًا لاتهامه بأى شىء.
حشد جمال عيد كل أسلحته ليسلب من طلعت زكريا كل وأى شىء، لمجرد أنه يختلف معه، أو يكرهه كما عبر هو بنفسه، الأمر الذى لا بد أن تعافه نفسك بشدة، وتتقزز من صاحبه، فما معنى أن يعبر شخص ببساطة هكذا عن كراهيته لشخص آخر؟ إلا أن يكون عليل النفس، سقيم الروح، مشوه الوجدان، غارقًا فى مستنقع من الوحل الإنسانى.
وحتى تتأكد مما أقوله، لن أفشى لك سرًا، فالقصة معروفة ومتداولة فى الأوساط الحقوقية والسياسية والصحفية أيضًا.
شاب فى بداية حياته كان يعمل مع أحد أصحاب الجمعيات الحقوقية، التى تدافع عن الحقوق الشخصية، وجد نفسه فى موقف صعب جدًا، فصاحب الجمعية يراوده عن نفسه بالتلميح، وعندما صده الشاب أكثر من مرة، صرح له بأنه يريد أن يمارس معه الجنس، وإذا رفض فلن يستمر فى عمله.
مساومة رخيصة جدًا، يعرفها الجميع عن صاحب المركز الحقوقى الشهير، والذى يعرفه جمال عيد أيضا، بل يعرف قصة شذوذه، التى عليها شواهد كثيرة، ورغم أن الشاب أعلن ما حدث معه، وطلب المساندة من أصدقاء الحقوقى الشاذ، إلا أنهم جميعًا صمتوا، ذهبوا بأنظارهم بعيدًا عن الواقعة وصاحبها.
وقتها لم أسمع صوتًا لجمال عيد، لم يقل رأيًا فيما فعله صديقه، ولا أقصد مسألة شذوذه الجنسى، فليس بعيدًا أن يقره جمال عليها من باب حرية ممارسة الحقوق الشخصية، ولكن فى مسألة شكوى الشاب الذى وجد نفسه مهانًا ومظلومًا دون أن ينصفه أحد.
هذا تمامًا هو حال الحقوقيين فى مصر، فهم فيما يعتبرونه انتهاكًا لحقوق الإنسان من خصومهم أسود لا يشق لها غبار، وفيما هو انتهاك حقيقى لحقوق الإنسان من أصدقائهم وزملائهم نعام يدفنون رءوسهم فى التراب.
ما فعله جمال عيد بعد وفاة طلعت زكريا يؤكد أنه سياسى ملوث، يصوغ مواقفه بحدة، وليس أحد حماة حقوق الإنسان كما يروج لنفسه، وأعتقد أن السبب فى هذا الانحراف الكبير الذى أصابه أنه واحد من أرامل ثورة يناير.
لا تتعجب من التعبير، فلثورة يناير أرامل، هؤلاء الذين اعتقدوا أنهم من قاموا بالثورة، وعليه فلا بد أن يحصلوا على كل شىء، فإذا بهم يجدون أنفسهم مطاردين بلا مكاسب ومتهمين بلا تقدير، وهو ما أورثهم أزمات نفسية لا يقدرون على مواجهتها.
كان جمال عيد حاضرًا من اللحظة الأولى فى الحراك السياسى، الذى كانت نهايته إخراج مبارك من السلطة، شارك وتحدث وتفاعل ودفع ثمنًا، لا ينكر عليه أحد ذلك، لكنه لا يستطيع كذلك أن ينكر أنه كان ينتظر الثمن الأكبر مقابل ما سبق ودفعه، لكن الرياح أتت- كعادتها- بما لا تشتهى السفن، ولا يشتهى عيد.
بعد ثورة يناير، وبدلًا من أن يجد نفسه فى بداية صفوفها، وجد نفسه متهمًا فى قضية التمويل الأجنبى، ورغم أن القضية سارت حتى نهايتها بمنطق السياسة، إلا أنها فى جوهرها كانت قضية جنائية حقيقية، فالتمويل فى حد ذاته ليس جريمة، لكن عندما يستخدم لخلخلة بلد وهز استقراره واللعب بمستقبل أجياله، يصبح جريمة كاملة، وهو ما فعله جمال عيد ورفاقه، وعليه كان لا بد أن يكون متهمًا.
وعندما جاء الإخوان استبعدوه من كل شىء، لم يمنحوه ما يعتقد أنه يستحقه، فشن عليهم حربًا طاحنة من خلال تغريداته النارية التى لا تزال موثقة حتى الآن.
فعلى طريقته المعتادة فى الشماتة قال عيد: «الإخوان خطفوا الثورة بدرى، وأرادوا أن يطيحوا بشيخ الأزهر ولكنهم فشلوا».
تجدد الأمل لدى جمال عيد فى الأيام التى سبقت ٣٠ يونيو، كان من الثائرين على الإخوان، ليس بسبب رفضه نظامًا فاشيًا قرر أن يغير هوية مصر فقط، ولكن لأن زوال الإخوان يمكن أن يمنحه فرصة ليعمل من جديد، أن يحتل المكانة التى يعتقد أنه يستحقها، لكن مشهد ٣ يوليو أفزعه ولا يزال يفزعه حتى الآن، فدخل فى الطائفة السمجة الساذجة التى يحلو لأصحابها أن يرددوا أن "٣٠ يونيو" ثورة و"٣ يوليو" انقلاب.
أعتقد أن مشهد "٣ يوليو" هو السر فى كراهية كثيرين ومعاداتهم لمشروع ما بعد ٣٠ يونيو، أغضبهم أن يكون القائد العام للقوات المسلحة آنذاك، الفريق أول عبدالفتاح السيسى، هو من يتلو بيان الثورة، عرفوا أن الشعب سيتمسك به، سيدفعه إلى مقدمة الصفوف، سيطالبه بأن يكون رئيسًا، فبدأوا من اللحظة الأولى فى تكسيره والإساءة إليه، وهو ما دفعهم إلى الإساءة إلى ثورة ٣٠ يونيو كلها، وتجريدها من أهم سماتها، وهى أنها ثورة شعب عفوية تمامًا.
هنا لا بد أن نثبت حقيقة لا يمكن لأحد أن يتجاهلها، وهى أن عبدالفتاح السيسى الذى وقف يلقى بيان ٣ يوليو ٢٠١٣ فى هذه اللحظة لم يكن عسكريًا بأى وجه من الوجوه، انحيازه إلى الشعب المصرى فى لحظة فارقة، مساندًا وداعمًا للثورة، كل ذلك جعل منه مدنيًا أكثر من المدنيين، لكن ولأن هذا لم يكن أبدًا فى صف السادة السياسيين المدنيين، فقد اصطفوا ضده، وحاولوا، ولا يزالون، أن ينالوا منه، وكأنهم يعاقبونه على أنه سلبهم فرصة أن يحققوا ما يريدونه لأنفسهم بصرف النظر عما يريده الشعب كله.
هذه الأزمة التى يعيشها جمال عيد منذ سنوات جعلته يتصرف كالمجنون، ويتحدث كالمعتوه، لا يلقى بالًا لشىء، ولا يتحسب عواقب ما يقوله.
وقبل أن ترى فيما يفعله جمال عيد شجاعة لا بد أن نصفق له عليها، فهو يقول ما يريد، ويهاجم كما يشاء، ويتحرك بحرية دون أن يعترض طريقه أحد، سأقول لك إن السر فى الحماية التى يعتقد جمال أنه يحملها فى جيبه.
يعوّل جمال عيد كثيرًا على زواجه من أمريكية.
الأمر ليس سرًا بالمناسبة، فى تحقيقات قضية التمويلات الأجنبية الكبرى، التى كان متهمًا فيها، قال إن «زوجته مكسيكية أمريكية وليست مسلمة، ولها عمل خاص بها يدر دخلًا أعلى منه ولها محل إقامة بمصر».
وقبل أن تسأل وما الأزمة أن تكون زوجته أمريكية، فكثيرون فى مصر تزوجوا من أجنبيات؟
سأقول لك إن الأمر مختلف بعض الشىء عند جمال عيد، فقد بدأ حياته فى سلك حقوق الإنسان موظف أرشيف عاديًا جدًا فى إحدى منظمات المجتمع المدنى، حتى تعرف على زوجته، التى كانت السبب فى النقلة الكبرى التى هو فيها الآن، بما يعنى أننا أمام مشروع مشترك، الزوجة الأمريكية بعلاقاتها ونفاذها فى جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان العالمية، والزوج بالدور الذى يقوم به هنا فى مصر، مصدرًا نفسه على أنه المدافع الأول عن حقوق الإنسان والكاشف الأول لتجاوزات النظام، وهو مشروع أعتقد أنهما لن يتساهلا فى التفريط فيه.
يتحرك جمال بحرية اعتقادًا منه أن زواجه من أمريكية يمكن أن يمثل حماية له، وقد تسخر فى نفسك من هذا الوطنى الغضنفر الذى يختبئ فى ثوب زوجته، على طريقة جحا، الذى سألوه عن بلده، فقال «البلد اللى فيها مراتى».
الواقع يقول إن جمال عيد يعيش فى وهم كبير. ويمكن أن تضع يدك على الوهم من عدة مواقف، أعتقد أنه يعرف تفاصيلها جيدًا.
عندما كان جمال عيد متهمًا على ذمة قضايا التمويلات الكبرى، وكان معتادًا على السفر خارج مصر بمعدل مرة كل شهر تقريبًا- وهى الأسفار التى يمكن أن تكون المفتاح الذى يكشف سر ما تراكم لديه من ثروات- تم منعه من السفر، هاج وماج وأصدرت عدة مؤسسات دولية بيانات شجب واستنكار لما حدث معه، وهذا طبيعى جدًا، لكن الذى لم يكن طبيعيًا بالمرة هو الطريقة التى عالج بها جمال الأمر.
لقد تعامل مع نفسه على أنه البطل المغوار الذى تخشى أجهزة الدولة من خروجه ولقائه رموز المنظمات الحقوقية فى العالم، لأنه، كما قال وقتها، يكشف ما يحدث فى مصر من جرائم.
دعك من سذاجة الطرح والفكرة، فلو فرضنا أن جمال عيد يضع يده على جرائم سرية تحدث فى مصر، فلن يمنعه من تقديمه للعالم شىء، حيث يمكنه أن يرسل بها عبر وسائط اتصال عديدة، لكنه خطط لصنع هالة حول نفسه، فهو المناضل الكبير الذى يحبس النظام المصرى أنفاسه من تحركاته واتصالاته.
يعرف جمال عيد أن الغرب لا يمنحه أمواله لينقل له حقيقة ما يحدث فى مصر، ولكن ليقول لهم ما يرغبون فى سماعه، وأعتقد أنه لا يمكن أن ينكر أنه الآن أحد المصادر الأساسية التى تعتمد عليها عدة سفارات فى جمع المعلومات عما يحدث فى مصر، وكان منحطًا وساقطًا ما فعله عندما جمع معلومات من مواقع وصفحات إخوانية وقدمها كتقارير حقوقية عمل عليها بنفسه إلى عدة سفارات، وهو ما وضعه فى ورطة كبيرة بعد اكتشاف مصادره المهترئة، إلا أن الوسطاء تدخلوا وحافظوا عليه، فهو بالنسبة لكثيرين كنز استراتيجى من المعلومات المغلوطة والموجهة التى لا يمانع أن يكون مصدرها وربما صانعها أيضًا.
يعتقد جمال عيد أيضًا أنه الحقوقى الشريف الوحيد.
فعلى الرغم من أن للعاملين فى مجال حقوق الإنسان أدبيات، إلا أنه يتجاوز كل الأدبيات والأخلاقيات أيضًا فى حق من يعملون فى نفس المجال.
كتب مرة على حسابه الخاص بـ«تويتر»: «لأننا مش حقوقيين ديكور لدولة الاستبداد، مش حافظ أبوسعدة وداليا زيادة وغيرهم، عشان بنقول دى دولة بوليسية اتمنعت من السفر، طيب دى دولة بوليسية».
دعك من الصفاقة المطلقة التى يتحدث بها جمال عيد.
ركز فقط فى المنطق المنحط، الذى يتعامل به ويصوغ من خلاله مواقفه.
إنه يستحل لنفسه أن يأخذ موقفًا بعينه، ويعتبره الصواب المطلق، ويدافع عنه، فى حين يريد حرمان الآخرين من أن يأخذوا الموقف الذى يرونه صحيحًا ويدافعون عنه، فهو وحده الذى يمتلك الحقيقة، أما الآخرون فمزورون، وهو منطق مريض تمامًا وليس مغلوطًا فقط.
الأمر الثانى الذى يمكن أن تتعجب منه هو أن جمال عيد لا يتردد فى أن ينال ممن يختلفون معه بالاسم، ويغضب عندما يتم التعامل معه بنفس الطريقة، بل يصرخ ويعتبر ذلك توجيها ومؤامرة عليه، وأن الأجهزة الأمنية كلها تتحالف ضده، دون أن يسأل نفسه: إذا كان من حقى أن أنال من الآخرين فلماذا أمنعهم من أن ينالوا منى؟ لكنها القاعدة الشهيرة التى تقول إن الحمير لا يشمون أنفسهم، ولذلك يستمرون فى الحياة دون غضب.
لو تركت مساحة البلطجة المقنعة التى يستخدمها جمال عيد، وحاولت أن تقترب من خطابه ستجده زعيمًا فى التدليس كما هو زعيم فى البلطجة.
صباح ٢٥ نوفمبر ٢٠١٩، كتب جمال على حسابه الخاص بتويتر «منعونى من السفر، جمدوا أموالى، قفلوا مكتبات عامة فتحتها للفقراء، سرقوا العربية، تهديدات تليفونية، ضربونى بالشارع وكسروا ضلوعى، كسروا سيارة استلفتها ليوم، سجنوا أصحابى ضمن آلاف الأبرياء، صحفيين شغلهم التشهير وتلفيق أكاذيب ضدى وأسرتى، لذا فأنا فخور بالسيسى ونظامه وداخليته وإعلامه».
ما كتبه هنا يغنينى فى الحقيقة ويغنيكم أيضًا عن تصفح بقية ما كتبه خلال السنوات الماضية، فكم التدليس هنا لا يمكن أن يتحمله إنسان طبيعى.
فالمنع من السفر وتجميد الأموال وإغلاق المكتبات التى يقول إنه فتحها للفقراء، كلها أمور تمت فى إطار قانونى، لم تتم بإجراءات تعسفية ضده، وكان عادلًا أن يقول المحامى الحقوقى النزيه لماذا جرى عليه كل هذا؟ لكنه لا يستطيع أن يواجه الناس بأسباب هذه الإجراءات القانونية، فقط يغمز ويلمز، ليوحى بأنه خطر على الدولة ولذلك يحاصرونه ويقتصون منه.
لقد دخل جمال عيد فى مرحلة هذيان كاملة، فكل ما يحدث له يعيده إلى الدولة وأجهزتها، أتخيله فى شخصية «يونس شلبى»، المصور الصحفى فى فيلم «امرأة واحدة لا تكفى»، الذى كان يعانى من فوبيا المباحث، فيعتبر أن كل الناس مباحث يراقبونه ويعدون عليه خطواته، رغم أنه فعليًا لا أحد يهتم به أو يلتفت إليه.
عندما تختفى سيارته فلا بد أن النظام هو الذى سرقها.
وكان غريبًا جدا مثلًا عندما تواصل معه أحد أعضاء مجلس نقابة الصحفيين من المحسوبين على المعارضة والمعاندين تمامًا للنظام، يسأله عن المساندة التى يمكن أن يقدمها له بعد سرقة سيارته، أن يتعامل معه على أنه هو الآخر مباحث وأمنجى وأن الجميع يعملون ضده، وهو ما جعل عضو مجلس النقابة يأسف تمامًا لأنه حاول أن يتواصل مع جمال عيد من الأساس، فقد أيقن أن حالته المرضية أصبحت مستعصية على العلاج أو الحل، فهو يرى أنه الوحيد المعارض للنظام والآخرون جميعًا أمنجية.
لو قلت لكم اسم عضو مجلس نقابة الصحفيين، الذى تواصل مع جمال عيد، فلا بد أن تسخروا مما حدث ولأشفقتم على هذا العضو تمامًا، لكن ولأننى لم أستمع منه مباشرة للواقعة، بل نقل لى آخرون ما جرى، فمن الأفضل أن أحتفظ باسمه.
الفوبيا التى يعانى منها جمال عيد ظهرت عندما روج أن هناك من يتعقبه، وأن هناك اتصالات تليفونية يهدده خلالها أشخاص لا يعرفهم، تقدم ببلاغ، ولما تم فحصه، وفحص المكالمات التى يدعى أنها تحمل تهديدًا له، إذا بها مكالمات بينه وبين أشخاص فيها حوار متبادل وحاد.
والسؤال: هل يعتقد جمال عيد أن الجميع يؤيدونه فيما يفعله، وأن الأجهزة الأمنية وحدها الغاضبة منه ولذلك تتعقبه وتهدده؟ ألا يعتقد مثلًا أن هناك مواطنين يرفضون سلوكه، ومن حقهم أن يعترضوا عليه، بل ويتحدثوا معه ويسمعوه ما يريدون، أم أنه يحتفظ لنفسه وحده بهذا الحق، على اعتبار أنه صاحب التوكيل الوحيد لحقوق الإنسان فى مصر.
لا تشغلنى حياة جمال عيد الخاصة كثيرًا.
ولا تشغلنى مكاسبه التى حققها، ولا يزال، من خلال عمله فى مجال حقوق الإنسان.
ولا يشغلنى أيضًا موقفه السياسى، فمن حقه أن يكون معارضًا، وإن كنت أرفض أن يكون مدلسًا تمامًا.
من بين تدليسه هذا ما ختم به تغريدته، التى مارس فيها أكبر قدر من الأكاذيب، حيث قال إن هناك صحفيين شغلهم التشهير به.
هنا لا بد أن يفيق جمال عيد، فهو أقل كثيرًا من أن ينشغل به أحد، وإذا كان يريد أن يعرف موقعه وحجمه وموضعه، فهو ليس أكثر من وجه قبيح يعكس التردى الذى وصلت إليه المنظمات الحقوقية، وطبيعى أن يشتبك الإعلام مع الوجوه القبيحة حتى يفضحها ويكشف أصحابها.
ثم يا أيها المدلس الكبير، لماذا لا تعتبر ما يقوله الإعلام عنك وعن أمثالك من باب حرية الرأى، أم أنك لا تؤمن بها إلا إذا كانت لصالحك؟
أعتقد أنك كذلك تمامًا.