جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

بعد وفاة طالبتين.. «الدستور» تكشف حقيقة الالتهاب السحائي بمدارس الأسكندرية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

حالة من الجدل أثيرت في محافظة الأسكندرية، عقب الإعلان عن وفاة طالبة في مدرسة «صقر»، نتيجة إصابتها بفيرس «الالتهاب السحائي»، والذي انتشر في مصر منذ عامين، وتحديدًا بين تجمعات الطلاب.

الجدل أثير، بسبب فزع أولياء الأمور من انتشار الفيرس بالمدارس الأخرى، لا سيما أنه الحالة الثانية خلال 10 أيام، رغم إصرار وزارة الصحة على النفي أنه لا يوجد أثر لذلك المرض، وأن وفاة الأطفال ترجع لأسباب أخرى لم تفصح عنها.

مرض الالتهاب السحائي أو ما يعرف بالتهاب السحايا، هو مرض تورم البطانة المحيطة بالمخ، والتهاب الحبل الشوكي، وتعتبر البكتريا هي المسبب الرئيسي لأخطر أنواع هذا المرض.

أما السحايا فهي الأغشية التي تغلف المخ والنخاع الشوكي، وينتج عن التهابها عدوى فيروسية أو فطرية أو بكتيرية، وتختلف الخطورة بحسب مسببات تلك الالتهاب؛ إذ أن الالتهاب السحائي الفيروسي يكون عادة خفيفًا ولا يستدعي العلاج، أم الالتهاب السحائي الفطري أو البكتيري فيكون أكثر خطورة وقد يسبب الموت.

«الدستور» حاورت عدد من أولياء أمور مدرسة «صقر»، لنبين حقيقة إصابة طلابها بهذا المرض، فالبداية كانت مع رضا عبدالمنعم، إحدى أولياء الأمور، التي حدثت واقعة الاشتباه في وفاة الطالبة «كارما مصطفى عبدالعزيز» في مدرسة نجلتها، فتؤكد أن الفتاة التي لم تبلغ سوى عامين توفيت نتيجة إصابتها بمرض الالتهاب السحائي، مشيرة إلى استغراب كثير من أولياء الأمور بسبب بيان وزارة الصحة بأن الوفاه ليست ناتجة عن ذلك المرض.

تضيف: «مش عارفين ليه الصحة مقالتش أنها ماتت بسبب الالتهاب السحائي، ولو مش التهاب كانوا مفروض يوضحوا أيه سبب موت الطفلة بالسرعه دي، بس ناس كتير أكدوا أنه التهاب سحائي».

وتوضح أنه سبق وأصيب ابنها بالالتهاب السحائي خلال العام الماضي بذات المدرسة، إلا أنه تلقى العلاج سريعًا رغم ارتفاع درجة حرارته بشدة، مشددة على ضرورة وجود تطهير للمدرسة بالكامل وليس الفصل التي كانت تتواجد به الفتاة.

تؤيدها في الرأي «سلمى أحمد»، إحدى أولياء الأمور بذات المدرسة، والتي استشهدات على صحة واقعة وفاة الطالبة «كارما» نتيجة إصابتها بمرض الالتهاب السحائي، هو طلب إدارة المدرسة من جميع الطلاب الحضور غدًا من أجل تلقى تطعيم ضد هذا الفيروس.

تضيف: «لو الوفاة مش ناتجة عن الإصابة بالفيروس، أمال على أساس أيه وزارة الصحة كانت عاوزة الأولاد بكرة في الفصل عشان يطعموا، احنا من كتر الخوف وعدم الوضوح، محدش هيودي ولاده لمدة أسبوع المدرسة دي، لازم يكون فيه مصداقية شوية».

أما إيهاب يونس، أحد أولياء أمور بالمدرسة، يقول إن الطفلة كانت تتلقى مضادًا حيويًا وعلاجات لمدة 4 أيام، والمدرسة كانت على علم ولم تعطيها أجازة أو تعزلها عن باقي الطلاب، مشيرًا إلى أنها دخلت العناية المركزة بعد تشخيص مرضها بالالتهاب السحائي.

يستطرد: «ده مش مرض بسيط ده خطر و بيؤدي للوفاة، وزي ما المدرسة والصحة خايفين على سمعة المدرسة من الغلق، خافوا على صحة أولادنا، ايه الضرر في أخد الاحتياط وإعطاء التطعيم لكل الطلاب وتطهير المدرسة وإعلان حالة الطوارىء بها؟».

محمد كامل، أحد أولياء الأمور بالمدرسة ذاتها، يؤكد أن أعراض وفاة الطفلة جميعها كانت متماشية مع مرض الالتهاب السحائي، فالفتاة كانت تصاب بغيبوبة وتسمم بالدم والتهاب بالمخ، والتحليل السلبي لا يستبعد التشخيص بنسبة 100%.

يضيف: «لازم المدرسة تقفل يومين عشان تتعقم ويتم التطهير كإجراء احتياطي حتى لو مفيش حاجة، ولازم يكون فيه تطعيم يجي من وزارة الصحة كجرعات وقائية للطلاب، حتى لو المدرسة هتوفره واحنا كأولياء أمور ندفع تمن التطعيم ويكون على نفقتنا الخاصة».

يختتم: «نرجو الالتزام بقواعد الشفافية والمهنية وعدم المخاطرة بصحة الأطفال، دون الوقوف على الموقف وإطلاع أولياء الأمور على وثيقة رسمية توضح خلو المدرسة من أي معوقات صحية تعيق العملية التعليمية».

يعد الرضع والأطفال وصغار البالغين هم أكثر الأشخاص المعرضين للإصابة بالمرض، فيما يصنف مرض التهاب السحايا والتلوث الدموي من أكثر الأمراض الخطيرة التي تهاجم هذه الأعمار.

ويعتبر مرض التهاب السحايا والتلوث الدموي من الأمراض النادرة، فهو ليس من الأمراض الشائعة ولكن من الممكن أن تفتك بالمريض خلال ساعات، وفي بعض الأحيان يستطيع معظم الأشخاص التعايش مع هذا المرض، في حال تشخيصه في وقت مبكر.

تتمثل أعراض الالتهاب السحائي في الصداع الحاد والتقيؤ وارتفاع في درجة الحرارة، تصلب الرقبة، والحساسية للضوء، عدم القدرة على التركيز، ومعظم الحالات قد تصاب بطفح جلدي.

ويتم تشخيص مرض الالتهاب السحائي، بسحب سائل من العمود الفقري، ومن ثم يتم فحص السائل للتحري عن وجود فيروس أو بكتيريا أو فطريات و التعرف على نوعها.

لم تكن «صقر» المدرسة الوحيدة التي انتشر بها الالتهاب السحائي في الأسكندرية، ولكن سبق منذ أيام قليلة، أن أصيبت طفلة أخرى بمرض الالتهاب السحائي، في مدرسة «النجار» بذات المحافظة، وأخرى كانت تحت الملاحظة، وتم إغلاق المدرسة لتطهيرها من الفيروس حتى يوم الأحد القادم.

هدى سعران، إحدى أولياء أمور مدرسة «النجار» بمنطقة سموحة، تقول: «نرجو عمل حملة تطعيم لطلبة جميع الصفوف خصوصًا الإبتدائية، نستنى كام حالة كمان تموت عشان تتحركوا، المدرسة فيها بنت توفيت والتانية تحت الملاحظة».

وتوضح أن مصل التطعيم ليس متوفرًا في مراكز الصحة، ولم تجلبه المدرسة من أجل تطعيم الطلاب وحمايتهم، مضيفة: «ياريت تقولولنا على الأماكن المتوفر فيها المصل لأن بنتي مأخدتهوش قبل كدة، وغير متوفر في مراكز اللقاح».