جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

القرصان..الأكراد يعلنون النفير ويحشدون المقاومة الشعبية لصد عدوان أردوغان

أردوغان
أردوغان

أعلن أكراد سوريا النفير العام فى مناطق سيطرتهم شمال وشمال شرق سوريا، لمواجهة العملية العسكرية التركية، التى بدأت، أمس، بضربات جوية مدعومة بنيران المدفعية على مناطق مدنية، وسط وقوع انفجارات فى بلدة رأس العين السورية.

أفادت وكالة الأنباء السورية بأن القصف الجوى والمدفعى التركى امتد إلى بلدتى عين عيسى وتل أبيض فى ريف الرقة، وذلك بعد أن بدأت القوات التركية قصفًا جويًا ومدفعيًا على مدينة رأس العين فى ريف الحسكة شمالى سوريا.
وتسبب القصف فى حركة نزوح كبيرة للأهالى، واستهدف مواقع لقوات سوريا الديمقراطية فى قرى المشرافة وخربة البنات بريف رأس العين.
وأكدت قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، أن المقاتلات التركية بدأت فى شن ضربات جوية، مضيفة أن حالة ذعر هائلة تسود بين سكان شمال شرق سوريا.
ونقلت قناة «روسيا اليوم» الإخبارية، عن مصادر إعلامية سورية قولها: «إن تركيا بدأت عدوانًا على منطقة رأس العين بريف محافظة الحسكة الشمالى الغربى»، مشيرة إلى أن قصفًا جويًا ومدفعيًا مكثفًا على المنطقة أدى إلى حركة نزوح كبيرة للأهالى.
وأهابت الإدارة الذاتية الكردية، فى بيان، أمس، بكل إداراتها ومؤسساتها وشعبها بكل مكوناته التوجه إلى المنطقة الحدودية المحاذية لتركيا، للقيام بواجبها الأخلاقى وإبداء المقاومة فى هذه اللحظات التاريخية الحساسة.
وأكدت قوات سوريا الديمقراطية أنها لن تستهدف الدولة التركية لكنها قادرة على صد الهجوم التركى.
وأشارت إلى امتلاكها أدلة متعددة على دعم تركيا تنظيم «داعش» الإرهابى، مضيفة أن أنقرة تسعى إلى احتلال أرض الأكراد والاعتداء على الشعب.
وأدانت مصر، فى بيان صادر عن وزارة الخارجية، أمس، بأشد العبارات العدوان التركى على الأراضى السورية. وقال البيان إن تلك الخطوة تُمثل اعتداءً صارخًا غير مقبول على سيادة دولة عربية شقيقة استغلالًا للظروف التى تمر بها والتطورات الجارية، وبما يتنافى مع قواعد القانون الدولى.
وأكد البيان مسئولية المجتمع الدولى، ممثلًا فى مجلس الأمن، فى التصدى لهذا التطور بالغ الخطورة، الذى يُهدد الأمن والسلم الدوليين، ووقف أى مساعٍ تهدف إلى احتلال أراضٍ سورية أو إجراء «هندسة ديمغرافية» لتعديل التركيبة السكانية فى شمال سوريا.
وحذر البيان من تبعات الخطوة التركية على وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية أو مسار العملية السياسية فى سوريا وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤.
ودعت مصر لعقد اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية، لبحث تلك التطورات وسُبل العمل على الحفاظ على سيادة سوريا ووحدة شعبها وسلامة أراضيها.
وأعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، عن قلقه وانزعاجه حيال العملية العسكرية التركية فى العمق السورى.
وأكد مصدر مسئول بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، فى بيان، أن هذه العملية تمثل انتهاكًا صريحًا للسيادة السورية، وتهدد وحدة التراب السورى، وتفتح الباب أمام المزيد من التدهور فى الموقف الأمنى والإنسانى، مضيفًا أن «التوغل التركى فى الأراضى السورية يهدد بإشعال المزيد من الصراعات فى شرق سوريا وشمالها، وقد يسمح باستعادة تنظيم داعش الإرهابى بعض قوته».
وشدد المصدر على أن التدخلات الأجنبية فى سوريا مدانة ومرفوضة أيًا كان الطرف الذى يمارسها، وأن المطلوب الآن هو إعطاء دفعة للعملية السياسية بعد تشكيل اللجنة الدستورية، وليس الانخراط فى مزيد من التصعيد العسكرى.
وأشار المصدر إلى أن المجلس الوزارى لجامعة الدول العربية، أكد فى اجتماعه الأخير الشهر الماضى، إدانة التدخلات الخارجية فى عموم سوريا، مطالبًا الجانب التركى بسحب قواته من كل الأراضى السورية.
كما أكد المجلس رفض أى ترتيبات قد ترسخ لواقع جديد على الأراضى السورية، بما لا ينسجم مع الاتفاقات والقوانين الدولية، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع دول الجوار.
وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية أن عناصر تنظيم «داعش» الإرهابى هاجموا مواقعها فى الرقة، بالتزامن مع العملية.
وقال مدير المركز الإعلامى لقوات سوريا الديمقراطية، مصطفى بالى، حسب قناة «روسيا اليوم»، إنه «فى الوقت الذى بدأت فيه تركيا بشن عملية عسكرية شمال شرق سوريا، شنت خلايا داعش النائمة هجومًا كبيرًا على القواعد الأمنية لقوات سوريا الديمقراطية فى الرقة».
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية إنها أبعدت قواتها المتمركزة بشمال سوريا من مسار العملية التركية فى المنطقة، نافية أى تغيير فى الوجود العسكرى الأمريكى بسوريا.
وهدد عضو مجلس الشيوخ الأمريكى الجمهورى، لينزى جراهام، تركيا بأنها ستواجه «عقوبات من الجحيم» إذا نقلت قواتها العسكرية إلى شمال سوريا، فى أعقاب قرار الرئيس الأمريكى سحب القوات الأمريكية.
وكتب البرلمانى الأمريكى، فى تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»، أنه «إذا انتقلت تركيا إلى شمال سوريا ستتبع ذلك عقوبات كثيرة ومدمرة من الكونجرس الأمريكى».
وقال مسئولون أتراك إن الجيش التركى قصف الحدود السورية العراقية لمنع الأكراد من استخدام طريق العبور لتحصين مواقعهم فى المنطقة، وأوضح مسئول أمنى أن النية كانت قطع الطريق قبل العملية فى سوريا، مضيفًا: «بهذه الطريقة تم إيقاف عبور الأكراد إلى سوريا وخطوط الدعم بما فى ذلك الذخيرة».
وواجه قرار «ترامب» سحب القوات الأمريكية من شمال سوريا انتقاد معظم أعضاء الكونجرس الأمريكى من الحزبين الديمقراطى والجمهورى، ومن بينهم لينزى جراهام الذى وصف القرار بأنه كارثة فى طور الإعداد، متعهدًا بأنه سيعمل على فرض عقوبات جديدة على تركيا إذا دخلت سوريا.
وقال «جراهام»: «سنفرض عقوبات تؤيد من الحزبين على تركيا بسبب غزو سوريا، وسوف ندعو إلى تعليق عضويتها فى حلف شمال الأطلسى (ناتو)، بعد العدوان على القوات الكردية التى ساعدت الولايات المتحدة فى القضاء على تنظيم داعش».
ودافع «ترامب» عن قراره سحب القوات الأمريكية من شمال سوريا، لكنه هدد أيضًا بمحو الاقتصاد التركى إذا فعلت أى شىء يتخطى الحدود.
وبدأ العديد من سكان منطقة تل أبيض، الواقعة فى منطقة الجزيرة شمال سوريا والتى تبعد ١٠٠ كلم عن مدينة الرقة باتجاه الشمال، فى النزوح أمس، حسب المرصد السورى لحقوق الإنسان.
وقال بدران جيا كُرد، مستشار الإدارة الذاتية لشمال سوريا وشرقها، إن «جميع أبناء المنطقة من الأكراد والعرب والسريان والآشور يناشدون قوى التحالف الدولى والمجتمع الدولى ردع التهديد التركى الغاشم، الّذى يستهدف أمن واستقرار المنطقة الآمنة أصلًا».
وأشار إلى أن «المنطقة تشهد غليانًا جماهيريًا، وقد تظاهر أبناء المنطقة ضد تركيا، وهم يدعون إلى المقاومة فى وجه هذا الاحتلال ويدعمون قوات سوريا الديمقراطية، ويناشدون المجتمع الدولى للحدّ من أى عملية عسكرية تقوم بها أنقرة والجماعات الإرهابية المدعومة منها».
وتوقّع المستشار الكردى حدوث عمليات إبادة ونهب وقتل وتغيير ديموجرافى على غرار ما حصل فى عفرين سابقًا.
وتزعم تركيا أنها تريد إنشاء ما تسميه «منطقة آمنة» على طول حدودها الجنوبية مع سوريا، التى يسيطر عليها حاليًا المقاتلون الأكراد السوريون، المعروفون باسم «وحدات حماية الشعب».
وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب جماعة إرهابية مرتبطة بحزب العمال الكردستانى المحظور، الذى يقاتل منذ ٣٥ عامًا ضد الدولة التركية.
وطالب «أردوغان» بإقامة «منطقة آمنة» يبلغ عمقها ٣٠ كيلومترًا وتمتد لأكثر من ٤٨٠ كيلومترًا باتجاه الحدود العراقية.
وبمجرد تأمين المنطقة، تسعى تركيا إلى إعادة توطين مليونى سورى فروا من بلادهم إلى تركيا بسبب النزاع فى وطنهم.
وحذرت وزيرة الدفاع الألمانية، أنيجريت كرامب ـ كارينباور، تركيا من التسبب فى مزيد من التصعيد فى المنطقة، فيما دعت بريطانيا تركيا لعدم القيام بعمل عسكرى منفرد فى سوريا.
ودعا رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، تركيا إلى وقف عمليتها العسكرية شمالى سوريا، محذرًا أنقرة من أن الاتحاد لن يدفع مقابل إقامة أى منطقة آمنة هناك.