جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

مصنعك جاهز بالتراخيص.. كيف تدعم الدولة الشباب بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

طرحت هيئة التنمية الصناعية، بالتعاون مع جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، كراسات الشروط الخاصة بمجمعين صناعيين بالغردقة بالبحر الأحمر ومرغم ٢ بالإسكندرية، وذلك فى إطار مبادرة «مصنعك جاهز بالتراخيص» ضمن خطة وزارة التجارة والصناعة لدعم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، من خلال إقامة ٢٢ مجمعًا صناعيًا حتى عام ٢٠٢٠، فيما يجرى حاليًا الإعداد لطرح ٣ مجمعات جديدة بالغربية والمنيا وسوهاج.
وتستهدف هيئة التنمية الصناعية طرح ١٣ مجمعًا صناعيًا جديدًا فى الصعيد والوجه البحرى، منها مجمع المحلة الكبرى بالغربية وغرب جرجا بسوهاج ومجمع المطاهرة بالمنيا وبياض العرب ببنى سويف والبغدادى بالأقصر والجنينة والشباك بأسوان، فضلًا عن عرب العوامر بأسيوط ووحوش عيسى بالبحيرة ومجمع بمحافظة قنا ومجمعين صناعيين بالفيوم الجديدة.
وتقوم فكرة المبادرة على إنشاء مجمعات صناعية مجهزة بوحدات بمساحات مختلفة، تستهدف نشاطات صناعية متنوعة، حسب الميزة النسبية للمحافظة التى يقع بها المشروع، وهى كاملة المرافق والمبانى وجاهزة بالترخيص، ليبدأ المستثمر مشروعه والتشغيل فور الحصول على الوحدة.
«الدستور» تنشر هنا مجموعة من قصص النجاح، التى وقف وراءها جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، الذى ساند ودعم وموّل أيادى مصرية سطرت نجاحاتها بحروف من نور، لتكون نبراسًا لمن يرغب فى الاستفادة من مشروعات الجهاز.

مصنع للتونة المعلبة
قال الدكتور هانى المنشاوى، صاحب أول مصنع لتعليب أسماك التونة فى الإسكندرية، يحمل اسم «فواتح الشهية»: «أتشرف بدعم خاص من الجهاز للقيام بهذه المهمة، والجميل أن الدعم لم يكن ماديًا فقط، ولكن امتد إلى الجانب التكنولوجى، حيث يعتمد المصنع على الكثير من الأبحاث العلمية، التى يتم تطبيقها لضمان الجودة، ونحن الآن نصدر منتجاتنا لعدة دول»، مشيرًا إلى أن جهاز تنمية المشروعات يوفر إرشادات الأمن الوقائى والتعقيم لضمان جودة المنتج، ومطابقته المعايير والمواصفات المصرية.
ويعتبر «المنشاوى» نفسه واحدًا من أبناء جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، إذ بدأ نشاطه من خلال قرض بقيمة ١٩٠ ألف جنيه، عام ١٩٩٨، وبعد ٢٠ عامًا، وصل رأسماله إلى ٥٤ مليون جنيه.
وأوضحت مشرفة العمال بالمصنع أن الإدارة تولى أهمية كبرى للتأكد من التزام العمال بإرشادات التعقيم والنظافة الشخصية، حيث يتولى فريق من المشرفين التأكد من نظافة اليدين والأظافر، ووضع غطاء على الرأس، وكمامة على الأنف والفم، لكل عامل بصفة دورية كل ساعة تقريبًا.
وأضافت أنه يتم التنبيه على العمال بإبلاغ المشرف المسئول فى حال تعرض أحدهم إلى وعكة صحية، ليخضع إلى كشف طبى، وتحديد التصرف المناسب معه، من حيث منحه راحة أو إبعاده عن مراحل تصنيع المنتج.
وتحدث مشرف المصنع عن مراحل تصنيع وتعبئة التونة، قائلًا: إن المرحلة الأولى تتمثل فى تسلم الأسماك وقياس درجة ملوحتها، للتأكد من صلاحيتها، ثم تبدأ مرحلة الانتقاء والفرز، على حسب نوعية المنتج المطلوب، وبعد ذلك تأتى عملية التعقيم من خلال آلات مخصصة، ثم تبدأ مرحلة التعليب، ثم التغليف، وهنا يتم الاعتماد على الأيدى العاملة، وفى بعض الحالات يتم إنجاز الأمر باستخدام ماكينات مخصصة لذلك.

مصنع لإنتاج الورق المقوى
سامى بدر، خمسينى يعمل منذ سنوات طويلة فى مجال صناعة الورق، ابتكر ماكينة سمحت له بأن يترك العمل لدى المصانع ويبدأ مشروعه الخاص، منتجًا للورق.
وقال «بدر» إنه تمكن، عبر دعم من جهاز تنمية المشروعات فى الإسكندرية، من أن يكون منافسًا لمصانع أخرى بمنتجاته.
وأضاف أن تطوير الماكينة استغرق منه عامًا ونصف العام، كى يعتمد عليها بشكل كامل، وجاء ذلك بالتزامن مع عمله فى شركة المنتجات الورقية قبل أن ينفصل عنها ويتفرغ لمشروعه الجديد.
وواصل: «توجهت لجهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، واقترضت مبلغًا ماليًا لمشروعى، ووجدت دعمًا ومساندة كبيرة، ظهرت فى إنهاء الأوراق والحصول على التراخيص اللازمة فى وقت سريع».
وحصل «بدر» على عدد من القروض من الجهاز، بدأت بمبلغ بسيط ١٠ آلاف جنيه، والآن ينتج المصنع حوالى ٣٠٠ كرتونة منتجات ورقية يوميًا، واستطاع الرجل بطموحه أن يفتح سوقًا لمنتجاته بدول مختلفة، مثل السعودية، وليبيا، وجورجيا، والمغرب، وغيرها، ويتوسع بالمشروع ليصل إلى ٣ مصانع، وأصبح يمتلك ٢٣ ماكينة.
وأشار إلى أن الجهاز وفر له التدريب اللازم، وأتاح له جميع المتطلبات التى يحتاجها ليصل بمشروعه إلى النجاح.

ورشة أثاث
ذكر محمد الحلاج، نجار، ابن محافظة البحيرة، إنه ورث هذه المهنة عن أبيه وأجداده، ويمتلك ورشته الخاصة، لكنه كان يحتاج إلى سيولة مالية لشراء الأخشاب اللازمة لتطوير مشروعه، وهو ما وفره له جهاز تنمية المشروعات.
وأضاف «الحلاج» أنه يحلم بأن يتسع نشاطه ويمتد إلى جميع المحافظات، وأن يورث مهنته لأبنائه، وأن يساعد فى تشغيل الشباب.

مصنع للبلاستيك بالإسكندرية
أكدت «سارة»، السيدة الإسكندرانية، التى بدأت مشروعها الخاص فى عام ١٩٩٨، بمصنع صغير للبلاستيك به ماكينتان، أن مصنعها توسع الآن ويعمل به الكثير من الشباب.
وأضافت أنها اقترضت ١٨٥ ألف جنيه من جهاز تنمية المشروعات لتطوير مشروعها الصغير، مشيرة إلى أن الجهاز دعمها بالمال والمشاركة فى المعارض والتدريب، وتابعت: «المصنع يوفر فرص عمل كريمة لمن يرغب فى كسب لقمة عيش حلال».
وأشارت الحاجة صباح، إحدى العاملات فى مصنع البلاستيك، وهى أم لثلاثة أبناء، إلى أن المصنع يعمل به ٢٢ عاملًا بانتظام، فضلا عن وجود ٢٠ عاملًا آخرين كعمالة غير منتظمة، يتكسبون قوتهم ويقدمون مهارات دقيقة فى العمل، ومهارات فنية لتحويل حبيبات البلاستيك إلى عبوات بلاستيكية متعددة الاستخدامات ومختلفة الأشكال والألوان. وذكرت أنها تشعر بالراحة والاستقرار فى عملها، مؤكدة أن الذى يعمل بجد ويريد أن يأكل عيشًا فعليه أن يتعلم بسرعة ويتقن عمله أيضًا. وكشف مشرف العمال فى المصنع عن طريقة تصنيع العبوات، موضحًا أن القرار يأتى من الإدارة أولا بشأن تصنيع العبوات المطلوبة، ثم يتم وضعها فى الاسطمبات المناسبة على ماكينات النفخ وحسب القالب المطلوب تنفيذه.
وأضاف: «يتم تركيب الغطيان، على حسب حجم العبوة، ثم توضع على الماكينة لتتم عملية الفرز والجودة عن طريق مشرفى الإنتاج، ويتم تجهيزها لتبدأ عملية النقل والشحن للشركة».


مصنع ساعات مصرية
قال عمر مكرم، الذى حلم بأن ينشئ مصنعًا لإنتاج الساعات فى مصر، وأصبح حلمه حقيقة: «تقدمت منذ ٣ سنوات بطلب لجهاز المشروعات المتوسطة والصغيرة للحصول على قرض لمصنع ساعات، وكانت نقطة تحول فى المشروع، إذ أجرى المتخصصون دراسة جدوى وأخذت الموافقة على التمويل».
وأضاف أن الجهاز لم يكتف بإعطائه التمويل، بل كانت هناك خدمة ما بعد التمويل، تتضمن متابعة دورية من الجهاز للمشروع، وتقديم الدعم الفنى، وإعطاء كورسات التصدير، بجانب معارض محلية ودولية.
وشرح فكرة مصنعه: «مصر دائما تستورد الساعات، لذا أردت فى هذا المشروع إنتاج ساعات محلية. إذا كان الأجنبى يستطيع فأنا أستطيع أيضا. لدينا مشكلة هى (عقدة الخواجة)، لأن المستهلك المصرى لا يتقبل منتجنا بسهولة، فيما مضى كان سعر الساعة المستوردة أرخص من المحلية، لكن اليوم يتم بيع الساعة بنصف تكلفة المستورد».
واختتم: «ننتج أكثر من ١٠٠ موديل ساعة حائط، و٧٥ ألف ساعة فى السنة، وما زلنا فى ازدياد، كما أنتجنا أيضا أول ساعة يد، وبالنسبة للمنبه نعتبر أول مصنع ينتج منبهات، وتم تصنيع موديلين مختلفين».

مصنع رخام
سردت داليا نبيل، زوجة وأم لـ٣ أطفال، صاحبة مصنع جرانيت ورخام بالمنيا، قصة نجاحها، التى بدأت منذ عامين بفكرة تبناها جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، ثم تكللت بمشاركة منتجات المصنع فى معرض دولى بالصين.
وقالت: «منذ عامين، وبناء على نصيحة الأصدقاء، اقترضت ٦٥٠ ألف جنيه من الجهاز، على مرحلتين، الأولى ٢٠٠ ألف جنيه، والثانية ٤٥٠ ألف جنيه، بالتقسيط على ٥ سنوات بفائدة أقل من أى بنك». وأضافت: «لم يكتف الجهاز بتقديم الدعم المالى فقط للحصول على المواد الخام، بل قدم لنا أيضا التدريبات والدعم الفنى، كما ساعدنا على المشاركة فى معرض بالصين لعرض منتجاتنا وتبادل الخبرات ومعرفة مواصفات السوق المحلية والعالمية»، مشيرة إلى أنها صممت موقعًا إلكترونيًا للمصنع، وساعدها الجهاز فى الدعاية. وينتج مصنع الرخام والجرانيت بالمنيا مختلف أنواع الرخام بجميع أشكاله وألوانه، بطاقة إنتاجية تتراوح بين ٥٠ و١٠٠ متر فى اليوم، ولم تتوقف طموحات «داليا» عند هذا الحد فحسب، بل تتطلع لغزو أسواق عالمية بمنتجها، وأن تصدر للدول الإفريقية على وجه الخصوص.

مصنع تعبئة وتغليف
كشف أحمد الغولى، ٤٢ عاما، صاحب مشروع لتغليف وتخزين المواد الغذائية فى البحيرة عن أن مشروعه بدأ صغيرًا، والآن أصبح يصدر لأكثر من دولة خليجية، مثل السعودية والإمارات، بفضل جهاز تنمية وتمويل المشروعات.
وقال: «بدأت نشاطى مع الجهاز منذ ست سنوات، وكان نشاطى فى البداية تجاريًا محليًا فقط، ولكن الجهاز وفر لى فرصة المشاركة فى المعارض الغذائية المختلفة، كما أتاح لى فرصة التصدير للخارج، خاصة للدول العربية».
وأوضح: «مشروعى عبارة عن تخزين وتغليف المواد الغذائية بعد تسلمها من التجار، ليتم توزيعها بعد ذلك، سواء فى مصر أو خارجها، وحاليا نعمل فى السوق المصرية والسوق الخليجية، بفضل جهاز المشروعات، الذى قدم لنا الدعمين المادى والفنى، وهدفى هو تطوير المشروع والتوسع، سواء فى حجم العمالة أو التجارة والمخارن، ليصبح أكبر مشروع فى محافظة البحيرة».
وتابع: «جهاز تنمية المشروعات يساند جميع الشباب الذين يمتلكون حلمًا ولديهم خطط ومشروعات جيدة، ويقدم كل الدعم، سواء تمويل مادى أو دعم فنى، لأن دور الجهاز لا يقتصر على التمويل فقط، فمن وجهة نظرى الدعم الفنى أهم من المادى». وأشار إلى أن هناك مشروعات قد تنتهى بسرعة بالفشل، لأن أصحابها لا يملكون خبرات كافية فى الإدارة، ولم يستعينوا بجهاز المشروعات الصغيرة، مؤكدا أن أهم ما يميز الجهاز عن غيره هو متابعة أى مشروع يموله، لإتاحة الفرص لأصحاب المشروعات للتوسع وتحقيق أهدافهم، وهم واثقون من أن هناك جهة رسمية تقف بجانبهم.


محل بيع أقمشة وستائر
امتلكت المواطنة وسام، من محافظة البحيرة، العزيمة والإصرار على تحدى الظروف المحيطة بها من صعوبات مالية ومجتمعية، وواصلت السعى وراء تحقيق حلمها فى إنشاء محل للأزياء، رغم عزوف الناس عن شراء الأقمشة منها فى البداية.
وبجانب عزيمتها، فإن جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة كان له الفضل الكبير فى نجاح «وسام»، إذ وفر لها الدعم المناسب لبداية مشروعها وكذلك الاستمرار فى هذا النجاح. وقالت «وسام» إنها قدّمت طلبًا للجهاز وتسلمت قرضًا لتنفيذ المشروع، ثم جددت القرض مرة أخرى للسفر وتسلم الأقمشة من الخارج، مؤكدة أن الجهاز لم يخذلها طالما أنها منتظمة فى السداد و«هم أكتر ناس وقفوا جانبى».
وأشارت إلى أن أرفف محلها فى البداية كانت تحمل ثوبًا أو اثنين على الأكثر، والآن أصبحت الأقمشة تغطى تلك الأرفف.