جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

خواجة



لـ حد بداية القرن العشرين مكنش المصريين يعرفوا حاجة اسمها «مصرى» ولا «عربى».
ما أعرفش بـ الظبط الكلام دا بدأ إمتى، لكن اللى أعرفه كويس، إنه لو المقصود بـ «مصرى» إنه عنده الجنسية المصرية، فـ فكرة الجنسية نفسها مكنتش موجودة، ولو المقصود الهوية والثقافة، فـ كان محسوم إنه مفيش حاجة اسمها الهوية المصرية.
الهوية كانت بـ تبقى على أساس طبقى أو دينى أو قبلى، ولو طبقى دينى قبلى يبقى عنب العنب، زى الوضع فى كتير من قبائل الصعيد الكبيرة، مالك الأراضى المسلم الهوارى مثلًا، والنصارى اللى بـ يشتغلوا فى الحساب أو مستخدمين، فـ هم زى موظفين، وطبعوا مش هوارة.
بـ التالى، مثلًا واحد زى سليم تقلا، اللى هو أسس جريدة الأهرام، محدش كان بـ يفكر هو مصرى ولا لأ، كان بـ ينصهر فى المجتمع، لكن يفضل إنه رجل أعمال، ويفضل إنه مسيحى، فـ رجل الأعمال المسيحى دا تصنيف، يتساوى مع جروبى، يتساوى مع أى رجل أعمال مسيحى مصرى كان ولّا شامى ولّا أوروبى.
الكلام عن «مصرى» و«مش مصرى» بدأ على استحياء فى القرن الـ ١٩، فى أواخره تحديدًا، وفضل يتصاعد لـ حد ما وصل الذروة سنة ١٩١٩، وفضل لـ حد ١٩٥٦ موضوع مصر والمصرى والمصريين هو القضية الأبرز عند المثقفين، لـ حد ما دخلت العروبة على الخط ١٩٥٨ مع الوحدة، أو ما يسمى الوحدة.
فيه كلمة تركية، دخلت مع العثمانلى، هى كلمة «خاجة» نطقها زى «حاجة»، بس خاء بدال الحاء، الكلمة دى المصريين هـ يحرفوها ويقيفوها تقييفين غير بعض. الأول الكلمة معناها «السيد المحترم»، بس اللطيف إنها هناك فى تركيا هـ تبقى خاصة بـ الخصيان اللى بـ يعلموا ولاد الأكابر، وفى سلسلة «مسرح العبث»، هـ نشرح أكتر دِول الأغوات دُول، إنما فى مصر الكلمة خدت مسارين تانيين خالص.
الأول هى كلمة «خوجة»، وبقت بـ تتقال لـ المدرس النظامى الميرى الرسمى، يعنى مدرس فى مدرسة حكومية، مش مدرس خاص فى البيت، يعنى مش «المعلم» فى المطلق، إنما المعلم المعين من قبل الدولة.
المسار التانى هى كلمة «خواجة»، اللى هـ تفضل تتقلب، لـ حد ما تبقى بـ توصف الشخص «المسيحى الأجنبى رجل الأعمال»، بعدين تتطور تتطور لـ حد ما تبقى بـ معنى الأجنبى، لكنها مش لـ كل الأجانب، يعنى لو واحد إندونيسى مثلًا مش خواجة، بقت مرتبطة أكتر بـ الأجنبى اللى جى من الشمال، المستعمر المحتل.
الشحنة الدلالية لـ الكلمة دى فيها مشاعر متناقضة، بين إحساس بـ تفوق الخواجة دى، والدونية تجاهه، لكن فى الوقت نفسه الشكاية منه بـ اعتباره ظالم مستبد مغتصب، يمكن دا يفسر تعبير «عقدة الخواجة»، اللى هو شعور بغيض مش مريح، لكنك مش قادر تتخلص منه.
الغريب إنه فى بعض البلاد، خصوصًا فى الصعيد، الكلمة خدت منحى تانى خالص، وبقت بـ تتقال لـ المسيحيين فى العموم، يعنى فى بلدنا «بنى محمد- أسيوط» الشخص المسيحى كنا نقول عليه خواجة، مع إن الاستخدام دا مكنش مستخدم فى مدينة أسيوط نفسها، وكانوا يستغربوه.
إيه علاقة الخواجة بـ المسيحى؟
آه
علشان هناك مفيش أجانب، فـ بقت تتقال لـ «الموظفين»، اللى كان أغلبهم مسيحيين بـ يشتغلوا فى الأمور الحسابية.
يا دين النبى ع اللفة!
آه يا عم
لغة يا عم، لغة
إنت لسه شفت حاجة