جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

ميليشيات الصعيد «2»


امتلاك القبائل والعائلات فى محافظة قنا الأسلحة النارية أمر معتاد عليه، أما اقتناء العائلات أسلحة ثقيلة ميدانية، فأمر خطير، خاصة بعد إعلان مديرية أمن قنا ضبط نحو ٣٠ جرينوف، و٤ صواريخ مضادة للطائرات، وسلاح آر بى جى، خلال الحملات الأمنية الأخيرة.
تشكل قريتا حمرة دوم وأبوحزام، فى قنا، وقرى نجع عبدالرسول النخيلة وبهيج وبنى محمد ونجع عبدالرسول وقرية الحواتكة ودير القصير والمعابدة، وبعض قرى مدينة ديروط- أهم بؤر تجارة الأسلحة فى الصعيد. أجهزة الأمن اكتشفت فى أعقاب الانفلات الأمنى فى يناير ٢٠١١ أن تلك الأسلحة واردة من الصين وبعض دول شرق آسيا، وأسلحة إسرائيلية وبلجيكية، وألمانية، ولم تكشف أجهزة الأمن وقتها عن الطريق الذى سلكته تلك الأسلحة من منشأها الأصلى فى الصين، حتى وصلت إلى تلك القرى فى الصعيد. ومن المحتمل أن أسلحة أخرى تسربت من الحدود الغربية، فى أعقاب اندلاع الثورة الليبية، وبداية القتال الطويل على شكل حرب عصابات. وقد أعلنت الصحف أنه تم ضبط أسلحة وذخائر قادمة من هناك.
ولا نستبعد أيضًا تسريب كميات كبيرة من الأسلحة عبر حدودنا الشمالية الشرقية، خلال أحداث سيناء فى فترة الانفلات أيضًا، وضعف السيطرة الأمنية على الأنفاق بيننا وبين جيراننا الفلسطينيين، وربما كانت عمليات اقتحام بعض السجون المصرية وتحرير سجنائها بتلك الأسلحة، وتم التخلص منها ببيعها لبعض العربان الذين تعاونوا معهم.
جزء آخر من الأسلحة يتم تصنيعه محليًا فى بعض الورش المنتشرة فى قرى الصعيد النائية، وفيها يتم تصنيع الفرد الخرطوش وبعض الأسلحة الأخرى، كما يتم تحويل مسدسات الصوت إلى مسدسات طلقات حية.
خطورة الأسلحة تكمن فى محاولة حامليها فرض سيطرتهم بالقوة على الآخرين، أو العائلات التى فى حالة نزاع ثأرى، وهو ما لاحظناه من انتشار عصابات البلطجية، حيث نشرت على مواقع اليوتيوب والتواصل الاجتماعى مقاطع كاملة من أصوات الرصاص المنهمر بغزارة ودون توقف.
قضية انتشار الأسلحة فى أيدى الناس تشكل نقطة ضغط هائلة على وزارة الداخلية، مع أنها تمكنت من فرض سيطرتها تمامًا على الشارع المصرى المنفلت، ولم نعد نشاهد تلك الأسلحة، ولكنها اختفت فجأة بعد أن ظهر رجال الشرطة فى الشوارع، ولا شك أن محاولة الحكومة فرض سيطرتها وقانونها، وفرض العدالة وتطبيق القوانين، مرهون بقدرتها على التخلص من الأسلحة غير الشرعية، المختبئة فى البيوت، التى تظهر من آنٍ لآخر عند بوادر أى نزاع عائلى بين قبيلتين فى أى قرية من القرى. ونرى أنه ينبغى على وزارة الداخلية السير قُدمًا فى مسألة ضبط تلك الأسلحة غير المرخصة فى أيدى الأفراد وذلك عن طريق:
- تخصيص رقم تليفون معروف للجميع لتلقى البلاغات عن تلك الأسلحة، وإجراء التحريات عن حائزى الأسلحة غير المرخصة، وتنظيم الحملات لجمعها.
- تشجيع العائلات على ترك الأسلحة بتقديم حوافز لتلك العائلات يتمثل فى تعيين أحد أبنائها بالحكومة نظير تسليم عشرين قطعة سلاح، أو ترخيص أسلحة لهم بدلًا من تلك الأسلحة المحظورة.
- تغليظ عقوبة إطلاق النيران، لأى سبب، سواء من سلاح مرخص أو غير مرخص.
- تشديد الرقابة على المنافذ الدولية.
- وأخيرًا ضرورة قيام رجال الدين بالتوعية عن أضرار الأسلحة على المجتمع.