جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

الوجه الآخر لـ"شريف أبوالنجا" الذى لا يعرفه مرضى السرطان فى مصر

شريف ابو النجا
شريف ابو النجا

ترددت كثيرًا قبل أن أكتب شهادتي عن الدكتور شريف أبوالنجا، مدير مستشفى 57357 لعلاج سرطان الأطفال، حتي لا يقال إنها محاولة للاصطياد فى الماء العكر، أو ركوب الموج، ولكن الحياد وقت الأزمة جريمة أخلاقية أيضًا وربما شهادة حق تغير واقعًا نتمنى أن يكون أفضل.

جمعتني بالدكتور شريف أبوالنجا عدة وقائع، بعضها في لقاءات مباشرة أثناء مناسبات عامة، وأكثرها كان محادثات هاتفية بحكم عملي الصحفي، تواصلت معه للمرة الأولي منذ حوالي عام ونصف العام، بعد استغاثة من أسرة فقيرة جدا جاءت من محافظة الشرقية معلقة الآمال علي صرح 57357 الذي يملأ الدنيا ضجيجًا عن الخير والأمل والإنسانية، ففوجئت بمعاملة قاسية من رجال أبوالنجا الذين رفضوا دخول الطفل المريض بسرطان الدم بحجة عدم وجود أسرَّة.

أتذكر جيدًا صوت الأم التي كانت في حال انهيار تامة، وطلبت مني (باعتباري صحفية)، أن اتحدث إلى أحد المسئولين بالمستشفى للسماح للطفل المريض بالدخول، وبالفعل طلبت الدكتور شريف أبوالنجا وكانت المرة الأولى التي أتحدث معه، والحقيقة كانت صدمة كبيرة جدًا بالنسبة لي، لم يسمح لي باستكمال شرح حالة الأسرة أو الطفل، وبدأ في نوبة صراخ وتهليل لم أصدقها، صدمتني الألفاظ التي تلفظ بها في حق المريض وأسرته، وقال إنه لا يعترف بالصحافة ولا بالوساطة وإن المريض يذهب لمستشفى آخر، وأنه لو خرج ووجد الأسرة سوف «يضربهم بالحذاء لأنهم اشتكوا للصحافة»، وأن محاولتي تلك تعد جريمة، حاولت أوضح له الأسباب لكنه بدأ في وصلة سباب لم أتحملها فأغلقت الهاتف.

ليس من طبعي السماح لأي مصدر بتخطي حدوده لكنني لم أستطع وقتها الرد عليه من شدة صدمتي، جلست لدقائق والهاتف لا يكف عن الرنين، أسرة الطفل متلهفة لسماع أي خبر، بعد تفكير تواصلت مع أحد الأصدقاء من نواب مجلس الشعب، وطلبت منه التدخل سواء لدي 57 أو أي مستشفى آخر لعلاج الطفل، وكانت صدمتي الكبرى أنني فوجئت بأبوالنجا يتصل بي بعدها بحوالي 10 دقائق، وهو يعاتبني أشد العتاب قائلًا: "مش كنتي تقولي إن الحالة تبع سعادة النائب"!. 

وقتها لم تكن كل هذه المكالمات مسجلة ولم يكن لدي أي دليل يمكنني الاستناد إليه، لكنني اليوم وأنا أكتب هذه الشهادة لدي مكالمة مدتها 20 دقيقة لأبوالنجا ولكنها مكالمة حديثة، تواصلت معه هذه المرة لإجراء حوار صحفي، فوجدت الشخص نفسه لم يتغير، يحترف الشتائم والبذاءات، وصفَ المرضي بأفظع الألفاظ، وقال جملته الشهيرة: "اللي بيموت يروح مكان تاني"، ووصف الشعب المصري بلفظ خادش للحياء، وقال إنه يمنح الأطباء أعلي رواتب وهو شخصيًا يحصل علي أعلي راتب طبيب في مصر وليس لديه غضاضة في ذلك.

أشهد الله على كل ما ذكرته في هذه الشهادة، وأتوجه للمسئولين في هذا البلد بالسؤال الذي يشغلني كلما تحدثت مع شريف أبوالنجا أو شاهدته في لقاء أو في مناسبة عامة، إذا كان هذا تعامل الرجل مع الصحافة، إذا كان الرجل لا يتوانى عن ترديد الألفاظ الخارجة بحق المرضي والمصريين في حوار صحفي يعلم أنه مسجل، فكيف يتعامل مع المرضي المستضعفين؟ وهل ستتركون 57 الذي ظل لسنوات نموذجًا للعمل الخيري فريسة له.