جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

أيمن الحكيم يكتب: كيف غدر أحمد فؤاد نجم برفيق دربه؟

أحمد فؤاد نجم
أحمد فؤاد نجم

هذه شهادة رجل عاش التجربة وعرفها وتداخل فيها وكان موجودًا فى مطبخها منذ يومها الأول حتى مشهدها الأخير. عرف الشيخ إمام فى العام ١٩٦٠، وظل لصيقا به وصديقا له إلى يوم الوداع فى مثل هذه الأيام من العام ١٩٩٥. تعرف على أحمد فؤاد نجم فى بيت الأبنودى يوم كان أبو النجوم يشق طريقه كشاعر ليس له سوى ديوان واحد «عن تجربته الأولى فى السجن بتهمة التزوير» وكتابين عن كرة القدم، وشاءت الظروف أن يحضر اللقاء الأول الذى رتبته الأقدار بين نجم والشيخ إمام فى بيت سعد الموجى، فيخرج منه نجم إلى (حوش قدم) برفقة صديقه الجديد ليصنعا أهم تجربة مصرية فى الأغنية السياسية فى القرن العشرين.
وضعته يدُ الله فى التجربة، فكان زميلًا للشيخ إمام فى السجن، ولحن له الشيخ ٣٠ قصيدة وأغنية، وكان سببًا فى تعارف نجم وعزة بلبع، التعارف الذى أفضى إلى زواج، ويمكنك بلا مبالغة أن تعتبره أهم وثيقة حية تؤرخ لحياة وتجربة (مولانا).
وعندما يحكى الشاعر المناضل زين العابدين فؤاد عن (مولانا) فهو يتكلم من مقام العارفين، وما يرويه هنا ولنا هو شهادة (رفيق) عن (صديق)، تضيف جديدًا إلى تاريخ الشيخ إمام وتنصفه فى ذكرى رحيله وفى عام الاحتفال بمئوية ميلاده. هذه حكايات طازجة يرويها زين العابدين فؤاد نظن أنها ستعيد كتابة تاريخ شيخ الأغنية السياسية وعمدة (حوش قدم).

مكاسب الحفلات سبب الخلاف الكبير.. و«الفاجومى» أهان صاحبه لصالح سعاد حسنى
أول خناقة كبيرة بين نجم وإمام كانت عام ١٩٧٣، فبعد نصر أكتوبر كتب نجم فى تمجيد الجندى المصرى المنتصر أغنية «دولا مين ودولا مين دولا عساكر مصريين»، ولحنها الشيخ إمام وفى ليلة كانوا معزومين على سهرة فى بيت على بدرخان وزوجته سعاد حسنى، وغنوا الأغنية وأعجبت بها سعاد حسنى وطلبت من نجم أن تغنيها واستأذنته أن تعطى الكلمات لكمال الطويل ليعيد تلحينها، وفوجئ الشيخ إمام بالأغنية فى الراديو بلحن كمال الطويل، وعرف بالاتفاق الذى جرى من ورائه بين نجم وسعاد، وأحس بإهانة شديدة وبنذالة غير مبررة من صاحبه ورفيقه الذى لم يدافع عنه، وغضب بشدة خاصة أن لحن الطويل كان قريبًا ومتأثرًا بلحن الشيخ.
كنت أيامها مجندا فى الجيش ولما نزلت إجازة عرفت بأمر الخناقة بين إمام ونجم وتدخلت للصلح وبذلت مجهودا كبيرا فى تلطيف الأجواء وإزالة الغضب من صدر الشيخ، وسقت له مبررات واختلقت لنجم أعذارا إلى أن صفا الجو وبلع الشيخ الإهانة وعادت المياه إلى مجاريها.
لكن الخناقة الأكبر حدثت فى الرحلة الشهيرة التى غنيا فيها فى فرنسا ومنها إلى الجزائر وبدأت الفلوس تجرى فى أيديهما والشهرة تطاردهما والطلب عليهما يتضاعف والأسطورة تكبر، وفى الجزائر تعاقدا على إحياء ٣٠ حفلة يطوفان فيها بكل ولايات ومدن الجزائر، وكان الإعلام الجزائرى يفرد الصفحات والحلقات للاحتفاء بهما، لكن فجأة اختفى نجم واتضح لهم أنه تزوج من أشهر ممثلات المسرح الجزائرى وأقام معها ورفض أن يصحبهم فى الحفل، فكان الشيخ إمام يظهر بمفرده بصحبة عازف الإيقاع محمد على. وتصاعد الخلاف عندما اعترض نجم على تقسيم المكاسب المالية، وكانوا قد اتفقوا أن تتوزع بنسب ثابتة: ٤٠٪ لنجم ومثلها لإمام والباقى لمحمد على، فجأة رأى نجم أن محمد على لا يفعل شيئا يستحق عليه نسبة الـ٢٠٪، كما أنه أساس التجربة وسبب نجاحها ولا يمكن أن يتساوى مع أحد.. وبدأت الخلافات تتسرب إلى الصحافة العربية ووجدت من يسكب البنزين على النار ويزيدها اشتعالا.
أحس الشيخ بإهانة لشخصه واستهانة بدوره، ولما رجع للقاهرة كان رد فعله عنيفا ويدل على غضبه الشديد من نجم وتصرفاته، وفاكر مرة كان يغنى فيها فى السيدة زينب، وفوجئت بأنه لا يغنى أى أغنية من كلمات نجم، وبعد السهرة أخذته على جنب وقلت له: يا مولانا إنت كده تضر نفسك.. ده شغلك قبل ما يكون شغل نجم. وأصر على موقفه، وفى تلك الفترة لحن وغنى لعدد من الشعراء الفلسطينيين منهم توفيق زيّاد وسميح القاسم وفدوى طوقان وأحمد دحبور.. وطلب منى أن أكتب له أغانى، قلت له: مش شغلتى ولا طموحى. وحاولت قدر جهدى التخفيف من غضب الشيخ واحتقانه، وكنت أتعمد حينها أن أصعد معه إلى المسرح لأقدمه وأقدم الأغانى التى سيغنيها، فأختار أغانى لنجم، فيجد نفسه مجبرًا على غنائها.. لكنه ظل غاضبا مما يسمعه عن تصرفات نجم وتقديمه نصوص أغانيه التى سبق للشيخ أن لحنها لمطربين آخرين وملحنين جدد وكأنه يمسح تاريخ الشيخ ورصيده. وبذلنا محاولات للصلح ولم الشمل، إلى أن نجحنا فى ترتيب موعد بين الطرفين وأنا أذكر اليوم والتاريخ جيدا لأنه مرتبط بمناسبة لا تنسى فى حياة نجم، وعديت أنا وزوجتى جوسلين وأخذنا معنا الشيخ إمام إلى مكان القعدة وكانت بحضور صافى ناز كاظم رغم انفصالها عن نجم وقتها لكن علاقتها الإنسانية بالطرفين كانت طيبة، وقعدنا ننتظر نجم ومرت ساعة واثنتان وثلاث، وأحس الشيخ إمام بالإهانة فطلب أن أعيده إلى حوش قدم وركنت السيارة على ناصية الشارع وأخذت يد الشيخ لتوصيله وأثناء سيرنا فوجئت بنجم يجلس على القهوة منهمكا فى لعب الكوتشينة وببساطة شديدة رمى التماسى علينا فوقفنا وسمعه الشيخ وفهم الموقف فمد خطوته وأسرع فى السير، قلت له: استنى أوصلك.. فسحب يده بعصبية، وقال: أنا عارف السكة.
وقفت أعاتب نجم، وكيف لا يأتى إلى الموعد أو يعتذر على الأقل فأخبرنى أن زوجته فى حالة وضع ولا بد أن يكون بجوارها فى المستشفى وأخذته بسيارتى إلى المستشفى ودخلت زوجتى إلى حجرة العمليات وولدت «زينب» فى هذا اليوم.
ظل التوتر قائما فى العلاقة بين نجم وإمام حتى رحيل الشيخ، تقابلا فى أكثر من مناسبة وتبادلا سلاما باردا.. ورحل الشيخ وفى حلقه مرارة من رفيق رحلته.

صافى ناز كاظم منعت عزة بلبع من تقديم أغنية «نعشق»
غنى الشيخ إمام من كلماتى نحو ٣٠ أغنية بعضها حقق شهرة وذيوعا وصارت من العلامات فى تاريخه مثل «اتجمعوا العشاق، الفلاحين»، وبعضها ضاع من تراث الشيخ ولا يتذكره أحد، ومن النوع الأخير أتوقف أمام أغنيتين.
الأولى كتبتها لعزة بلبع ولحنها الشيخ بالفعل.. وأعتبر نفسى كنت سببا فى انضمام عزة إلى التجربة وزواجها فيما بعد من نجم.. فى يوم تلقيتا تليفونًا من صديقى د. حسام عيسى يقول لى إن له ابنة أخت موهوبة فى الغناء وبما أنها طالبة فى كلية التجارة بجامعة الإسكندرية فإنها ترغب فى حضور الأمسية التى كنا سنقيمها بالكلية بعد أيام بحضور إمام ونجم ومحمد على، وعزمتنا شقيقته ناهد عيسى «أم عزة» على العشاء، وكان أول لقاء بين نجم وعزة وفى السيارة ونحن فى الطريق غنت لنا عزة مجموعة أغنيات لفيروز وأديث بياف، فأطربتنا بالعربية والفرنسية ومن يومها لم تفارقنا عزة ومازالت تحمل تراث نجم وإمام وتغنيه فى الحفلات والميادين وتنقله للأجيال الجديدة. وفى مرة اتفقنا على أن أكتب لعزة أغنية خاصة بها تغنيها فى حفلاتنا، كانت أغنية رومانسية تقول كلماتها: «نعشق- وتحضن عينينا كل الحياة لما نعشق- يصبح نهارنا جنينة والصبح يطلع مشقشق- يحضن معانا الرفاقة والقلب آه لما يعشق- يفتح ولا ألف طاقة فيها العصافير تزقزق».
أغنية طويلة لحنها الشيخ وحفظتها عزة، لكن نجم أبدى اعتراضا على الأغنية ورفض أن تغنيها عزة وعرفنا أن الفرمان صدر من زوجته حينها صافى ناز كاظم. لم تُغن الأغنية وذهبت إلى غياهب النسيان. الأغنية الثانية كتبتها فى الشيخ إمام نفسه، ولما سمع كلماتها طار بها فرحا ولحنها وغناها أكثر من مرة فى جلساتنا الخاصة استعدادا لأن يغنيها فى الحفلات العامة، كان عنوانها «مدخل إلى عالم الشيخ إمام» وتقول كلماتها: «ويبتدى الغنا- تخرج من جراب الأرض جنينة الألوان- تعرف الألوان تكون- وأنت ما بين اللون وبين اللون تفتح كتاب الكون- ما بين الأصفر الأخضر يفوح البرتقان- ما بين الأخضر الأصفر يكون البحر ويبتدى الغنا- تعرف الأرض الجمل- يعرف الورد العسل- يشبع العشاق ندى وقُبل- تشبك صوابع العشق فى شعر البنات ورد الغزل.. ثم أقول فى ختامها: ويبتدى الغنا تمتد ريشتك تخلق الألوان- الأزرق البحر- الأبيض الحمام- الأحمر البداية والولادة والختام- ويبتدى الغنا تتفتح الورود بالمغنى فى الأكمام- ويبتدى الغنا وأول الغنا إمام». وكان من المفترض أن يغنيها إمام فى اليوم التالى فى حفل جماهيرى، لكنى فوجئت به يقول: مش ح أغنيها، سألته: ليه يا مولانا؟، أجاب: ما أقدرش أقف قدام الناس وأغنى عن نفسى وأقول أول الغنا إمام.. واحترمت قراره ووجهة نظره، واتنست الأغنية.
والحقيقة أنا عمرى ما زعلت من الشيخ إمام حتى لو كانت قراراته ومواقفه غير مبررة أو غير مفهومة أحيانا.. فى سنة ١٩٨٥ مثلا تحمس المصريون والعرب فى كندا لاستضافة الشيخ إمام وتنظيم مجموعة حفلات له، قالوا لى: الشيخ زار أوروبا وغنى فيها لكن عمره ما جاء إلى أمريكا الشمالية وبما أن له جمهورا عريضا فيها لماذا لا يأتى إلينا؟. كلمته وأقنعته ووافق واتفقنا على ترتيبات السفر والحفلات وكله تمام، والمنظمون هناك حجزوا المسارح وعملوا الدعاية وطبعوا التذاكر وباعوا جزءا منها لتوفير تكاليف تذاكر الطيران.. لكن قبل أيام من السفر فوجئت بالشيخ يقرر إلغاء الرحلة، فجأة سيطر عليه إحساس بأنه لو سافر إلى هذه البلاد البعيدة ممكن يموت وعمل صلاة استخارة كانت نتيجتها «مفيش سفر».

صلاح جاهين دفع لهم الكفالة مرتين ثم شتموه
قرر نجم الانتقام من المثقفين الذين رأى أنهم خذلوه ولم يقفوا بجواره عندما اعتقله النظام هو وإمام، وكانت الفوازير تتضمن آراء حادة وجارحة أحيانا فى مبدعين ومثقفين كبار، وبعضها رأيت أنه ظريف ويعدى مثل ما كتبه نجم عن يوسف السباعى «وجيه بالوراثة وجاهل عصامى».. لكن كانت هناك فزورة بعينها يعرف الشيخ إمام مدى اعتراضى عليها ورفضى لها فكان لا يغنيها فى وجودى، وهى الفزورة التى كتبها نجم عن صلاح جاهين وتضمنت أوصافا جارحة بحقه «شاعر بيتخن من بوزه- ممكن تخوف به عيالك».
ما أغضبنى أن نجم كتبها بعد موقف نبيل من صلاح جاهين تجاهه هو وإمام وكنت شاهدا عليه وطرفا فيه، ففى هذه «الحبسة» قررت النيابة الإفراج عن نجم وإمام ومحمد على بكفالة مالية قدرها ١٠٠ جنيه لكل واحد فيهم، ولم يكن واحدا منهم يحتكم على هذا المبلغ، و٣٠٠ جنيه مسألة صعبة، فكلمت صلاح جاهين فى التليفون وكانت علاقتى به طيبة جدا، وبلا تردد قال: ابعت لى حد ياخد فلوس الكفالة.. وأرسلت له على الفور أحد أصدقائنا وتسلم منه الفلوس، لكنى عرفت أن «المتهمين» لم يخرجوا، سألت فعرفت أن صاحبنا أخد الفلوس لنفسه وصرفها.
كلمت صلاح جاهين تانى وحكيت له ما حدث، فدفع فلوس الكفالة للمرة الثانية، ولذلك كنت أرى أنه لا يستحق «الشتيمة» بعد هذا الموقف النبيل، آه كلنا زعلنا منه وعتبنا عليه لما عمل «خلى بالك من زوزو» أيامها، وكان رأينا أنها لا تليق به ولا بتاريخه ولا ظروف البلد «بعد النكسة»، لكنى كنت متعاطفا معه وأرفض تجريحه، وكان الشيخ إمام يعرف موقفى منه فلا يغنى «شاعر بيتخن من بوزه» وأنا موجود، خاصة إذا كانت القعدة فى بيتى وكنت أقول لهم: «غنوها بره.. مش وأنا قاعد».

«أبوالنجوم» امتنع عن حضور تأبين صديقه فى «التجمع»
طوال هذه الرحلة كانت علاقتى بالشيخ إمام «عال» ولم نختلف ولا مرة.. أما نجم فاختلفنا كثيرا، وفيه مرة قعدت عشر سنوات لا أكلمه ولا أراه من يوم حفل تأبين الشيخ إمام فى حزب التجمع سنة ١٩٩٥ إلى ذكراه العاشرة، والذى حدث أننى رتبت حفل تأبين الشيخ مع فتحية العسال فى مقر حزب التجمع وبنينا برنامج الحفل على حضور نجم ومشاركته، ويوم التأبين دخلت صافى ناز كاظم وفى يديها نوارة التى بادرتنى قائلة: بابا جاى ولا تبدأوا الحفل لغاية لما يوصل. قعدنا ننتظر نجم ولكنه تأخر، فقلنا نعرض الفيلم التسجيلى عن الفقيد لغاية لما يحضر نجم لكن نجم لم يحضر وانتهت فقرات الحفل ولم يظهر.. يومها حسيت بألم شديد ولم أجد أى مبرر لغيابه.
فى هذه الفترة نجم نقل سكنه إلى شقته بالمقطم، وبما أننى أسكن على نفس الهضبة، فقد حرصت على ألا يعرف عنوانى وأحيانا كان يزورنى صديقى الجميل السيناريست محسن زايد، فيخبرنى أنه سيتوجه من عندى لزيارة نجم فأستحلفه ألا يذكر له أنه كان عندى.
أول مرة أدخل فيها بيت نجم بعد واقعة التأبين كانت بسبب ابنته نوارة، اتصلت بى ورجتنى أن أكون موجودا فى أول لقاء يجمع بين زوجها ووالدها، وكانت المرة الأولى التى تزور والدها بعد زواجها فى يوم ميلادها الذى قررت أن تحتفل به عند والدها ولظروف يطول شرحها خافت من توترات يمكن أن تحدث فرأت أن وجودى ضروريا، ولأجل خاطر نوارة ذهبت ولما سمع نجم صوتى من على الباب اندفع تجاهى يعانقنى وعمل «هوليله»، قلت له: أنا جاى علشان نوارة، وكان بيته مليئا بأصدقاء كثيرين أذكر منهم أحمد إسماعيل وحازم شاهين وزين العابدين محمد، وتصافينا وعملنا عيد ميلاد نوارة وصورته ونشرته على صفحتى على فيسبوك.

كتابة «اتجمعوا العشاق» على ورق بفرة
الأغنية الوحيدة التى كتبتها ليغنيها الشيخ إمام وأرسلت كلماتها إليه من السجن ليلحنها هى «اتجمعوا العشاق»، كنت وقتها محبوسا فى سجن الاستئناف مع أحمد عبدالله رزة وسمير غطاس وطه عبدالعليم وكثيرين ممن جرى اعتقالهم فى حركة الطلبة عام ١٩٧٢، وكان نجم معنا وراء القضبان، وفكرت أن الشيخ الذى كان بمفرده فى حوش قدم لا بد أن يكون فى حاجة إلى كلمات جديدة، وكتبت الأغنية على ورق «بفرة»، ودسستها داخل برتقالة يوسفى، وكان هناك من يقف تحت حيطان السجن ليلتقطها ويوصلها للشيخ ولحنها إمام وذاع صيتها. وفى ميدان التحرير ليلة ٣٠ يناير ٢٠١١ وفى عز اشتعال الثورة كنت على موعد مع مشهد لا يغيب عن ذاكرتى، فقد كان هناك أكثر من ٥٠ ألف شخص يرددون مع حازم شاهين وفرقة إسكندريلا بصوت يهز الميدان ويخلع القلوب «مين يقدر ساعة يحبس مصر»، وشعرت ساعتها أن روح الشيخ إمام ترفرف علينا وتردد معنا وتشاركنا تلك اللحظات التى طالما حلم بها. ولما جاء نجم إلى الميدان ورأى المشهد صرخ بصوت عال: يا إمام.. يا قمة.. فيه حد يموت يا حمار قبل ما يشوف اليوم ده؟.
قلت له: يا نجم.. الشيخ إمام سبقنا كلنا للميدان، فقد كانت الجماهير تغنى ثلاثة من ألحانه: «شيد قصورك، يا مصر قومى وشدى الحيل، واتجمعوا العشاق».
شعرت ساعتها أن مولانا معنا، وأن هذا الشباب الذى يحفظ أغانيه ويرددها منحه خلودا وأن اسمه عصى على النسيان.