جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

ضرائب «جوجل» و«فيسبوك».. ربع خطوة على الطريق!


 

 

قالوا إن مجلس النواب قطع خطوة مهمة على الطريق الصحيح، بإقراره نصًا قانونيًا يفرض ضريبة على إعلانات «جوجل» و«فيسبوك»، وغيرهما من المنصات الإلكترونية المختلفة. ونقول إنها ليست أكثر من ربع خطوة لن تكون لها فائدة أو «لازمة» لو لم يقطع المجلس ووزارتا المالية والاستثمار، الخطوة إلا ربع الباقية. ولن نلتفت إلى المتشائمين الذين يرون أن بيننا وبين التطبيق «خطوة ونص»، وأن الشركات الأجنبية «لا حاتسلِّم ولا حاتبص»!.

في مشروع «قانون تنظيم الصحافة والإعلام»، الذي وافق عليه البرلمان، قالت الفقرة الثانية من المادة ٦٦ إنه «لا يجوز في جميع الأحوال لأي موقع إلكتروني جلب إعلانات من السوق المصرية، ما لم يكن مقيدًا بالمجلس الأعلى، وخاضعًا لأحكام القانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١ بشأن التهرب الضريبي». وأعتقد أنك لو أعدت قراءة المادة عدة مرات لن تخرج منها بأي شيء، كما لن تستطيع معي صبرًا، لو حاولت توضيح كيف أن من صاغ تلك المادة لا يعرف شيئًا عن المواقع الإلكترونية أو عن جلب وبيع وشراء الإعلانات بها، ولا علاقة له بـ«الكهربا»!. وعليه سـ«نقصر الشر»، أي سنقوم بتقصيره، ونقول مع القائلين إن إقرار مجلس النواب هذا النص قانوني، خطوة مهمة على الطريق الصحيح. فقط سنطرح سؤالًا بسيطًا عن آلية تحصيل تلك الضرائب!.

من الأسئلة الشائعة التي يطرحها المستخدمون على شبكة التواصل الاجتماعي الأشهر: هل ستُفرض علىّ ضريبة القيمة المضافة عند شراء إعلانات فيسبوك؟ وكانت الإجابة في أن الوضع في أيرلندا مختلف عن دول الاتحاد الأوروبي، وعن بقية دول العالم خارج دول الاتحاد. كما أن تحصيل ضريبة القيمة المضافة من عدمه، يختلف بالنسبة للإعلانات ذات الأغراض التجارية.

في أيرلندا، تتم عملية شراء إعلانات «فيسبوك» عبر مقر الشركة الرئيسي في أوروبا الموجود في دبلن، فإذا كان عنوان نشاطك التجاري في أيرلندا، فإن الشركة ستضيف ضريبة القيمة المضافة بالمعدل المعمول به هناك إلى تكاليف شرائك للإعلانات. وسيتم تحصيل ضريبة القيمة المضافة بغض النظر عما إذا كانت إعلاناتك لأغراض تجارية أو لأغراض شخصية. وإذا كان عنوان نشاطك التجاري في الاتحاد الأوروبي، لكن خارج أيرلندا، وتريد شراء إعلانات فيسبوك لأغراض تجارية، فلن تُضاف ضريبة القيمة المضافة إلى التكاليف. لكن ستتم مطالبتك بإجراء تقييم ذاتي لرسوم ضريبة القيمة المضافة الخاصة بك بالمعدلات المعمول بها في البلد الذي تمارس فيه نشاطك التجاري. وستضاف الضريبة إلى تكاليف إعلاناتك بالمعدل المعمول به في البلد الذي تتواجد به، لو لم تكن لأغراض تجارية، أي لأغراض شخصية. أما إذا كان عنوان نشاطك التجاري خارج الاتحاد الأوروبي، فلن يتم تحصيل ضريبة القيمة المضافة منك.

مصر، طبعًا، خارج الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، قال رئيس مصلحة الضرائب المصرية، في تصريحات، يوم الأحد الماضي، إن الإعلانات على المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، تخضع بالفعل لقانون ضريبة القيمة المضافة، ونسبتها ١٤٪. وزاد على ذلك فأضاف أنهم يبحثون تطبيقها بأثر رجعي منذ سبتمبر ٢٠١٦. وبشرنا بأن التقديرات الأولية لحصيلة فرض ضريبة على إعلانات «جوجل» و«فيسبوك»، وبقية المنصات الإلكترونية المختلفة المتحصَّلة من السوق المصرية، لن تقل عن مليار جنيه سنويًا. وقال إن مصلحة الضرائب تقوم الآن بوضع دراسة لآلية تحصيل الضريبة على تلك الأنشطة، تتضمن ضرورة وجود مكاتب لمحركات البحث وشبكات التواصل الاجتماعي داخل مصر لمحاسبتها ضريبيًا. وهذا تقريبًا ما قلناه في أغسطس الماضي. قلنا إننا لن نستطيع فرض أي ضريبة على شركتي «فيسبوك» و«تويتر»، أو غيرهما، إلا بإخضاعهما لاتحاد الغرف التجارية واتحادات المستثمرين.

رئيس مصلحة الضرائب، قال إن الدراسة التي تقوم المصلحة، الآن، بإعدادها، توصلت إلى أن معظم دول العالم، تفرض ضرائب على الإعلانات الخاصة بمحركات البحث وشبكات التواصل الاجتماعي وتشمل «جوجل» و«فيسبوك»، والمنصات الإلكترونية المختلفة. ولو عدت إلى عدد الدستور الصادر في ٢٥ أغسطس الماضي ستجد أننا أوضحنا ذلك باستفاضة في مقال عنوانه: ضرائب «جوجل» و«فيسبوك»، الذي ذكرنا فيه أن هناك ٩ دول، إلى الآن، قامت بفرض ضريبة على «جوجل» و«فيسبوك»: الولايات المتحدة، روسيا، بريطانيا، فرنسا، أستراليا، إيطاليا، إسبانيا وما توصف بـ«إسرائيل». وذكرنا أيضًا أن الضريبة التي فرضتها الولايات المتحدة على الشركتين، «فيسبوك» و«جوجل»، بلغت قيمتها ٣٥٪. وأن شركة «فيسبوك» انضمت في ٢٥ أبريل ٢٠١٦، إلى قائمة شركات تكنولوجيا المعلومات المسجلة لدى مصلحة الضرائب الاتحادية الروسية، وستدفع ضريبة نسبتها ١٨٪ باعتبارها شركة أجنبية تبيع محتوى إلكترونيًا داخل البلاد.

أملي كبير في ألا تستدعي ذاكرتك، تلك النكات «البايخة»، عن اعتزام الحكومة المصرية فرض رسوم أو تسعيرة على مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي. وهي النكات التي انطلقت من خيالات وأوهام وأحلام «نائب» في البرلمان، اقترح أن يكون الدخول على هذه المواقع باشتراك، وحدد «التسعيرة» بـ٢٠٠ جنيه، قبل أن يقترح نائب آخر تسعيرة أخرى هي ٣٠ جنيهًا للساعة. وظهرت كائنات أضاعت وقتها ووقتنا في طرح ومناقشة تخريجات أو اختراعات من عينة أن المستفيد من الخدمة هو من يقوم بأداء مقابلها للموّرد الأجنبي غير المقيم، وهو ما يطلقون عليه «التكليف العكسي». أملي كبير في ألا تستدعي ذاكرتك تلك النكات «البايخة»، لأن الضرائب التي تفرضها الدول التسع، عن الأرباح التي تحققها الشركتان لا علاقة لها بـ«جيوب» المواطنين أو المستخدمين. وهو ما قد يحدث عندنا، بعيدًا عن الخيالات والأوهام والاقتراحات الكوميدية، التي فوجئنا منذ أيام بأنها تحولت إلى واقع في أوغندا التي صارت أول دولة في العالم تفرض الضرائب على مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي: «واتس آب» و«فيسبوك»، و«تويتر».

صدق أو لا تصدق، مش مهم، فما حدث فعلًا، والعهدة على شبكة «سي إن إن»، هو أن الحكومة الأوغندية، بدأت تطبيق قانون يفرض ضريبة قيمتها ٢٠٠ شلن أوغندي يوميًا على كل مستخدمي مواقع التواصل السابق ذكرها. وقبل أن تتوقف عن الضحك، بسبب ضخامة الرقم، اعلم، حفظك الله، أن الجنيه المصري يساوي ٢١٧ شلن أو شيلينج أوغندي. وأنصحك ألا تردد المثل القائل «اللي يشوف بلاوي غيره.... إلخ» حرصًا على العلاقات المصرية الأوغندية!.