جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

معبود الجماهير.. أيام الوعظ والسلطنة «22»

محمد الباز يكتب: أنيس منصور يشجع عدوية ويكشف عورة كشك

محمد الباز
محمد الباز

- أنيس منصور: حين نجح عدوية أصبح له ألف أب رغم التبرؤ منه فى البداية
- أنيس رد على الشيخ بـ«سلاح السخرية» حين وصفه بـ«كشكفون»


كان أنيس منصور رحيمًا جدًا بأحمد عدوية، استمع إليه وتفهم ما وراء صوته من شجن، لم يأخذه إلى المساحات المظلمة التى يخضع فيها المطرب الشعبى إلى محاكمات أخلاقية لا علاقة لها بالفن، ولا بما يؤديه من أغانٍ جمعها من أفواه الناس على المقاهى والشوارع، لم يتعال على الظاهرة، ولكن حاول أن يبحث لها عن تفسير.
لا تستبعد بالطبع طبيعة وفلسفة أنيس منصور فى الكتابة، فهو أحد كتاب الإثارة الكبار فى تاريخ الصحافة المصرية، وقد يكون دفاعه عن عدوية الدائم نوعًا من مخالفة المألوف، فالجميع يهاجمونه، لا جديد فى ذلك ولا ميزة، فليس عليه إلا أن يذهب فى الاتجاه العكسى، وكان هذا منهجًا ثابتًا لدى أنيس، لكن ليس معنى ذلك أنه قال فى عدوية شيئًا لم يقتنع به.
فى كتابات أنيس منصور، يمكن أن نجد بعضًا من تاريخ أحمد عدوية.
«فى بطن الحوت» واحد من كتب أنيس منصور التى كان يصدرها ليوثق فيها مقالاته الصحفية، فى هذا الكتاب كتب عن عدوية مرتين.
المرة الأولى قال عنه: لأن المطرب الشعبى أحمد عدوية نجح فى الغناء والبقاء، فقد ظهر له آباء كثيرون، فقالوا إن أول من اكتشفه الشاعر الغنائى مأمون الشناوى، وهو أيضا الذى قدم لنا هانى شاكر، فكان يأخذه من يده إلى النقاد والكتاب ليغنى لهم ويتأكدوا من جمال صوته، وقالت المطربة شريفة فاضل إنها وجدت عدوية فى كباريهات بيروت وإنها دعته لأن يغنى فى الكازينو الذى كانت تملكه فى شارع الهرم، وعرفنا فيما بعد أن معظم الشعراء ألفوا أغنياته وكذلك فعل معه معظم الملحنين، ولكن المشكلة أن عدوية كان يغنى فى الكباريهات والسيجارة فى فمه، ويخرج إلى الهواء البارد.
يؤكد أنيس منصور هنا على فكرة مهمة جدا، وهى أن عدوية عندما بدأ مسيرته الفنية تبرأ الجميع منه، لكن عندما استطاع أن يغنى ويبقى أصبح له ألف أب، لأن النجاح دائما له ألف أب، لكن دون أن يدرى يؤكد أنيس عن نفسه فكرة أنه كان سماعيا فيما يكتب، ولا أدرى لماذا لم يبحث أو على الأقل يسأل عن بداية عدوية الحقيقية، بدلا من التهويمات التى أغرق قارئه فيها.
المرة الثانية التى ظهر فيها عدوية «فى بطن الحوت» كانت عندما أشار أنيس إلى ما يعانيه عدوية من مشاكل، يقول عنه: مشكلة عدوية أنه كان يغنى فى الكباريهات والسيجارة فى فمه، ويخرج إلى الهواء البارد ثم يعود إلى دفء الكباريهات كل ليلة، ولم يستطع الساخن والبارد والدخان أن يحجب صوت عدوية المبحوح، وكان من المستحيل أن يغنى فى الإذاعة أو التليفزيون والسبب أغانيه المضحكة المعانى والكلمات.
ويصرح أنيس برأيه فى عدوية، يقول: هاجموه كثيرا ولكنى رأيت من عشرات السنين أن صوته مميز وجميل، وأنه أقوى الأصوات الشعبية، وأن لصوته ملامح لا مثيل لها، فكلمنى الموسيقار محمد عبدالوهاب وقال لى: وهذا رأيى ولكن لا أريد أن أغضب المطربين الآخرين.
فى جريدة «الشرق الأوسط» وفى ٢٨ أكتوبر ٢٠٠٥، يعود أنيس منصور إلى ما قاله عن عدوية فى مقال كان عنوانه «تعلمت من قليل الأدب»، يقول: فى يوم امتدحت المطرب الشعبى أحمد عدوية، وقلت: إنه صاحب أقوى الأصوات وأكثرها تميزا، وهو أعجوبة بين المطربين، أما السبب فهو أن أحمد عدوية له صوت قوى رغم أنه لا يرعاه رعاية كاملة، فهو يغنى فى الكباريهات، حيث الجو ملوث بالدخان ثم يخرج من الكباريه إلى الهواء البارد، ثم يدخل فى كباريه آخر، من حار إلى بارد، ومن بارد إلى حار، ومع ذلك فصوته لا يتأثر، وفوجئت بأن عبدالوهاب قال: أنا من رأيك، ولكنى لا أستطيع أن أصرح بذلك فسوف يساء فهمى من المطربين والملحنين ورجال الدين.
دع عنك تكرار أنيس منصور للمواقف نفسها بصيغ أخرى، فالمعنى فى النهاية واحد، وتتعجب أنه كان يتتبع عدوية تقريبا.
هل نعود مرة أخرى إلى ما كتبه عنه فى كتابه «فى بطن الحوت»، يحكى أنيس أن زميلة له كانت تعمل سكرتيرة فى مجلة «آخر ساعة» عندما كان رئيسا لتحريرها، وفى زفافها طلبت أن يغنى لها عدوية، وجاء وغنى وصفق له الجميع بحماس، ولما سأل العروس: ما الذى تحب أن تسمعه من أغانيه؟، طلبت أغنية خضر العطار وهى أغنية إعلانية أو إعلان غنائى عن الفلفل والكمون والبهارات.
يجمل أنيس منصور رأيه فى عدوية بقوله: ظهرت أصوات شعبية كثيرة كلها خرجت من جيبه الصغير، وما زال هو صاحب أكثر الأصوات الشعبية قوة وتميزا أيضا، ولما جاء المطرب الفرنسى الأرمنى «آزنافور» إلى القاهرة، وسمع صوت عدوية، قال: لو كان يغنى بالفرنسية لأصبح من أغنى الأغنياء، فصوته قوى ملآن شجنا، وبعض الخبثاء جعلوا عدوية يسمع صوت «آزنافور» وقال له إن هذا الخواجة يريد أن يغنى فى مصر، وتساءل عدوية: هل هو صديق لكم؟!، فقلنا نعم: قال: انصحوه بألا يجىء إلى مصر فيزداد عدد المتسولين واحدا، ولم ننقل إلى «آزنافور» ما قاله عدوية.
أنيس منصور الرحيم جدًا بعدوية لم يكن كذلك بكشك.
لن أقول لك إن أنيس كان يعرف الخطورة التى يمثلها كشك، كما نراها الآن، ربما لأنه لم يسمعه مباشرة، ولا حتى عبر شرائطه إلا قليلا، وربما لأنه لم يهتم بظاهرته، فهو فى النهاية مجرد خطيب مسجد، مهما امتد أثره وتأثيره فسيظل محدودا، ولكنى سأقول لك إن مناوشات أنيس منصور مع كشك كانت من باب تخليص الحقوق، فقد هاجمه كشك من فوق منبره، فبادله أنيس هجوما بهجوم.
فى أرشيف أنيس منصور عثرت على مقال كتبه فى جريدة «الأهرام» بزاويته اليومية «مواقف» فى ١٩ مايو ١٩٧٧، وهو من بين الأعوام الذهبية التى شهدت مجدا وتألقا وانتشارا لكشك.
يقول أنيس: حارت البرية فى عم الشيخ كشك، خطيب المسجد المعروف، فقد وجدتنى مرة أخرى أستمع إلى تسجيلاته فى السعودية عندما كنت أؤدى العمرة، وفتح الناس مناقشة عن الذى يعجب الشيخ كشك والذى لا يعجبه، وعن النقد الذى وجهه لمجلة أكتوبر، مع أن الذى كتبته مجلة أكتوبر عن الطبيبات المحجبات جدا، ليس إلا عرضا لظاهرة بين فتيات كلية طب القاهرة، بعضهن يغطين الوجه واليدين ولا يكشفن إلا العينين ويرين أن جسم المرأة عورة، حتى لو كان هذا الجسم لميت مطلوب تشريحه، وهذا التشريح درس عملى لكى تتعلم الفتاة كيف تكون طبيبة تعالج الأحياء من خلق الله، ثم إن هؤلاء الفتيات يعتقدن أن صوت المرأة عورة أيضا، فإذا سألها زميل فإنها لا ترد عليه، وفى أحد الامتحانات جلست طالبة أمام الأستاذ فى الامتحان الشفوى، طلب إليها أن تكشف وجهها ليعرف من هى، فلما اعتذرت الفتاة رفض الأستاذ أن يمتحن شبحا، فكشفت عن وجهها ووجده يشبه الصورة التى أمامه، وهذا طبيعى يجب أن يفعله الأستاذ ورجال الشرطة ورجال الجمارك فى أى بلد.
لم يكن أنيس منصور يبرر لشىء مما نشره، كان يحذر من امتداد ظاهرة المحجبات والمنتقبات فى مؤسسات الدولة، وهو أحد الأشكال التى اقتحمت بها الجماعات المتأسلمة مؤسسات الدولة وسيطرت عليها.
يعود أنيس ليواصل تعجبه: ولم أفهم ما الذى أغضب عم الشيخ كشك الذى لا يعجبه العجب ولا الصيام فى شعبان ورجب، ولا أعتقد أن الشيخ كشك قد انفرد دون خلق الله جميعا بفهم الدين وشرحه، فليس من الدين هذه الصور الخرافية، وليس من الدين أن تتحول المرأة إلى هذه الصورة البشعة والمضحكة أيضا، إذ كيف تكون الفتاة طبيبة وفى نفس الوقت لا تلمس جثة الميت ولا تعرف تكوينها أو تشريحها، ومن أين جاءت هذه البدعة وكيف تجد مثل هذه البدعة رجلا فصيحا له مئات الأسطوانات والكاسيتات مثل عم الشيخ كشك، وأنا لا أصدق ما يقال عن أحد التجار الشطار سوف يؤسس شركة أسطوانات اسمها «كشكفون» على وزن مصرفون وبيضافون، وإن كانت هذه الشركة قائمة بغير هذا الاسم، فكل خطب الشيخ مسجلة وتباع فى كل البلاد الإسلامية، وقد وجدتها فى اليابان وإندونيسيا والملايو، وخسارة حقيقية أن يكون مثل هذا الرجل قد سخر لسانه فى الهجوم بالحق وبغير الحق على أى شىء يقرأونه له، كأن الهجوم هو الأصل، وبقية خطبة الجمعة شىء ثانوى.
وقبل أن ينهى أنيس منصور مقاله، يقول: سامحك الله يا شيخ كشك، وأخرج لك من بين سامعيك من يتصدون للهجوم عليك بغير الحق فى مساجد أخرى.
جاء أنيس على بعضٍ مما يفعله كشك، لكنه لم يصل إلى قلب الأزمة، فلم يكن ما يقدمه الشيخ من فوق منبره عظات تعبر عن منهجه هو فى الدعوة، ولكنه كان مأمورا ومستأجرا، والفارق أنه كان موهوبا، لكنه باع موهبته لمن يتوهم أنه على الحق.
سخر أنيس منصور من كشك سخرية مرة، لخص حاله فهو معزول عن العالم وعما يحدث فيه، لا يعرف ما الذى يجب ولا يجب، ثم يهمز ويلمز فى كل خلق الله فى خطبه وأسطواناته التى توزع بالآلاف، والمؤكد أنها تدر عليه ملايين.
لم يبدأ أنيس منصور الهجوم على كشك، بل جاء بعد هجوم متتال شنه كشك على ما يكتبه وينشره أنيس، سواء فى مجلة أكتوبر التى كان يرأس تحريرها أو فى جريدة الأهرام التى كان ينشر مقالا يوميا بها على صفحتها الأخيرة، أو حتى ما يقوله فى لقاءاته التليفزيونية.
هاجم كشك أنيس منصور أكثر من مرة، فى أحد دروسه، عاب عليه ما كتبه عن الموضة، عندما قال إن المينى جيب والميكروجيب والمكسى هى الأسماء الحسنى فى عالم الموضة، ورغم أن أنيس فى الغالب كان حسن النية فيما قاله، إلا أن الواعظ حمل عليه على اعتبار أن الأسماء الحسنى هى لله فقط، ويظل يردد لمن الأسماء الحسنى؟ ويردد جمهوره: لله، فيكمل كشك: الأسماء الحسنى ليست فى عالم الرقاعة ولا فى عالم الصفاقة ولا عالم الميوعة ولا فى عالم المجون.
كان كشك يستعدى الناس على أنيس منصور، وكلما وجد فرصة لينال منه لا يتأخر أبدا، هاجمه عندما نقلوا له مرة أنه تحدث فى برنامج «النادى الدولى» الذى كان يقدمه سمير صبرى، عن النبى موسى، فقال كشك إن أنيس هاجم النبى موسى بما لا يليق، دون أن يفصح عما قاله أنيس.
وعندما كتب أنيس أن النقد الذى يوجهه كشك للمجتمع المصرى لا يجب السكوت عنه، شن عليه الواعظ هجوما طاغيا فى الخطبة رقم ١٦٣ التى ألقاها فى ٥ مارس ١٩٧٦، فقال نصا: إن هذا الصحفى الذى أراد أن يستعدى سلطات الأمن، فقال إنه سمع منى نقدا للمجتمع المصرى، نعم أنا أنقد المنحرفين، ألا تذكر يوم خرجت علينا ببدعة تسمى تحضير الأرواح؟ أتكتب وتريد أن أسكت عن هذه البدع؟.
يشير كشك إلى ما كتبه أنيس منصور بعد عودته من رحلته التى استغرقت ٢٠٠ يوم وسجله فى واحد من أروع كتب أدب الرحلات هو «حول العالم فى ٢٠٠ يوم»، حيث أشار إلى تحضير الأرواح عن طريق السلة، وهى اللعبة التى كانت مصر تلعبها، وعاب البعض على أنيس أنه شغل الشعب المصرى بالخرافات.
وفى واحدة من خطبه يقول: فى يوم الإثنين العاشر من يناير عام ١٩٧٧ قرأت فى جريدة الأهرام تحت عنوان « مواقف» قال كاتب المواقف أنيس منصور وكله أسى وحزن: لماذا لا نقدم الخمور على طائرات مصر للطيران، أستاذ الجيل أنيس منصور حزين وقرفان، ومما يزيد الأسى أنه بدأ العبارة بيمين كاذبة، قال: ليس والله هذا دفاعا عن الخمور التى كانت تقدم على طائرات شركة مصر للطيران، إذن فماذا يكون هذا الكلام إذا لم يكن دفاعا عن تقديم الخمور؟، لقد قلت فى هذا الكلام ما قاله مالك فى الخمر، وتقسم بالله، حنثت يمينك وهذه اليمين يمين غموس، لأن صاحبها حلف بها متعمدا، وسميت «غموس» لأنها تغمس صاحبها فى نار جهنم.
لم تكن البداية من عند أنيس منصور إذن، كان كشك قد بدأ الهجوم عليه مبكرا وبشكل متواصل، وربما يكون صمت أنيس عليه أغراه بالجرأة والمبالغة فى الهجوم عليه، لكن ما كتبه فى الأهرام تحديدًا فى عموده اليومى «مواقف» أوجع الشيخ كشك، ويبدو أنه آلمه جدا، لأنه عندما رد عليه فى أحد دروسه، بدا وكأنه فقد أعصابه تماما، فبدلا من أن يتحدث بمنطق وأدب نزل إلى لغة الشوارع والحوارى فى الرد على أنيس، وإذا قلت لى إن لغته دائما هى لغة الشوارع والحوارى، فسأقول لك عندك حق تماما، لكن هذه المرة كان السقوط مدويا.
تحدث كشك مع مريديه والمخدوعين به وفيه، قال: أنا مش أنيس منصور، أنا مش بتاع سرحان، زى أنيس، اللى داير يكتب عنى ويقول كشكفون، أنا مش كشكفون، الناس كلها عارفة أصلى، وعارفة أصلك، وأنا سألت على أصلك فى شربين (مسقط رأس أنيس)، وأنا عارف أنيس يقصد إيه، بيقول كشكفون على أساس إنى باخد حاجة من ورا التسجيلات، بيقلب علىّ الضرايب، متخفش أنا رحت الضرايب استقبلونى كويس، وسألونى معاك عقد من أى شركة؟ قلت لهم معايا عقد واحد مع الله.
يوجه كشك كلامه بعد ذلك لأنيس، يقول له: تعال اسأل الناس اللى بتسجل إذا كنت باخد منهم حاجة، كل اللى باخده دعوة طيبة، دول قالوا لو بتاخد على كل شريط من شرايطك قرش صاغ تبقى حاجة كبيرة أوى، قلت لهم مينفعش آخد حاجة لأنها تبقى رشوة، لأن وزارة الأوجاع –يقصد الأوقاف- بتدفع لى مرتب مقابل الخطبة، ولو مديت إيدى وأخدت قرش واحد يبقى رشوة.
كان الشيخ كشك وهو يتحدث عن كلمة ألقى بها أنيس منصور فى مقاله وهى «كشكفون»- متوترا وعصبيا، للدرجة التى تشعر معها أن على رأسه بطحة، يحاول أن يداريها، ولذلك يواصل كلامه، فيقسم بالله أنه لا يعرف بالأساس من يسجل، ثم إنه ليس بالتسجيلات، فهو ليس محمد عبدالوهاب.
لم يكن هذا هو سر عصبية كشك، فقد عرف أن كلمة أنيس «كشكفون» ستنال منه، ستجعل منه مسخة، فقد استخدم معه أنيس نفس السلاح الذى يستخدمه هو مع خصومه، يسخر منهم فيتحولون إلى مسخة، وبدلا من أن يصمت الشيخ لأن الله سلط عليه من انتقده بأسلوبه، وكأنه ينتقم منه أو على الأقل يؤدبه، فإذا كان لك لسان فللناس ألسن، إلا أنه يواصل الهجوم على أنيس ويلقبه بإبليس مسطول.
يقول له: لو فيه ٣٦ مليون إبليس مسطول لن يستطيعوا تشويه كشك.
ولأن الطائفى فى شخصية كشك لا يهدأ أبدًا، إنه يستعدى المسلمين جميعا على أنيس يقول له بجهل تام: أنيس يسخر منى، أتحداك لو قلت على الأنبا شنودة كلمة يا أنيس، لو قلت ضده كلمة واحدة لتحرك الكرسى من تحتك، ولأتتك رسالة من السفارة الأمريكية تقول لك تأدب.
وفى مفارقة لن تتخيلها، أو بالأدق لن تتحملها، فالشيخ كشك الذى شتم كل خلق الله وسخر منهم، يقول لأنيس منصور: إنت بتسخر من كشك، ده ربنا بيقول «ولا تنابزوا بالألقاب»، وتخيل أنت أن كشك هو صاحب هذه النكتة، فإذا كان يعرف أن الله نهى أن يتنابز الناس بالألقاب، فما الذى جعله يتسافل على الناس بهذا الشكل طول رحلته على المنبر؟!.
كان يجب أن يعرف كتابنا أن هذه هى نقطة ضعف كشك، إنه يخشى من الهجوم عليه، يخشى من السخرية منه والتريقة على ما يقوله، لكن أحدا لم يفعل ذلك، كانت أى كلمة تهزه، يقول لأنيس: أنت تقول لى إن البرية حارت فيا، أنت الذى حارت البرية فيك، فأنت فى رمضان تكتب عن عمر بن الخطاب، وبعد رمضان تكتب عن صوفيا لورين، وتذهب إلى الحج وبعد ذلك تدافع عن شرب الخمر، فلا أعرف هل أنت حاج ولا معتمر ولا حوستك سودا.
لقد بدا كشك أمام أنيس منصور ضعيفا متهافتا، ختم كلامه عنه بقوله: وإذا عدت للكتابة فسأعود للرد عليك مهما كنت ومهما كان من يقف وراءك، وكأنه يطلب عقد معاهدة وقف الحرب، لأنه بالفعل لم يكن على قدرها.
لقد أهمل كتابنا فى التصدى لظاهرة هذا الدجال الذى خدم الجماعات المتطرفة خدمة عمرها، لكنهم كانوا فيما يبدو غافلين عن أثره أو منشغلين عن تأثيره.