جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

أين ستذهب نصف ثروات المليارديرات بعد التنازل عنها للدولة؟

جريدة الدستور

الأحزاب: قائمة أثرياء العالم تضم مصريين.. ونعانى من ارتفاع نسبة الفقر

حظيت مبادرة «الدستور» لحث المليارديرات من رجال الأعمال على التنازل عن جزء من ثرواتهم للدولة المصرية والمساهمة فى دفع الاقتصاد المصرى، باهتمام واسع من جانب الأحزاب السياسية، مؤكدة أنها جاءت فى الوقت المناسب.
البداية كانت مع حزب «الوفد»، حيث قال المهندس حسين منصور، نائب رئيس الحزب، إن المبادرة جيدة وتدعو إلى المشاركة المجتمعية من جانب رجال الأعمال، وذلك للدفع بالعمل الأهلى الجاد الغائب فى مصر منذ عام ١٩٥٢، مؤكدًا أن المبادرة ستجعل رجال الأعمال يعودون إلى دعم العمل الأهلى مرة أخرى.
وأشاد النائب أحمد زيدان، عضو المكتب السياسى لائتلاف «دعم مصر»، بالمبادرة، حيث ستسهم فى دفع اقتصاد الدولة، لافتًا إلى أنه لا يجب إجبار رجال الأعمال على التنازل عن نصف ثروتهم، بل يتم إعفاؤهم من دفع الضرائب فى عدد من القطاعات الاستثمارية، مقابل دفعهم هذه التبرعات للمساهمة فى الاقتصاد الوطنى للبلاد.
وأضاف زيدان: «قائمة الأكثر ثراء فى العالم تضم رجال أعمال مصريين، فى الوقت الذى تعانى فيه مصر من الفقر، وبالتالى فإن رجال الأعمال عليهم أن يردوا الجميل الذى أسدته الدولة لهم لتكوين ثرواتهم، على أن يتم تخصيص المبالغ التى سيتم التبرع بها فى القضاء على بؤر الفقر والعشوائيات والبطالة التى تعانى منها البلاد».
من جهته، أشاد حازم عمر، رئيس حزب «الشعب الجمهورى»، بالمبادرة، قائلًا: «هى مبادرة جيدة ويجب أن تكون تطوعية وليست إلزامية، فالوازع الوطنى هو الأساس فى تلك المبادرة».
وشدد «عمر» على ضرورة أن تُكثف الحكومة جهودها لحل أزمة عجز الموازنة والمشاكل الاقتصادية، مضيفًا: «مصر فى حاجة لإصلاح تطبيق المنظومة الضريبية، وأن يتم التوسع أفقيًا وليس رأسيًا».
وأشار إلى وجود خلل كبير فى المنظومة الضريبة المصرية، لأن موظفى الحكومة يدفعون ضرائب سنويًا تُقدر بـ٣٦ مليار جنيه، بينما المهن الحرة تدفع ضرائب تقدر بمليار و٤٠٠ مليون جنيه، وهو أكبر دليل على أن هناك إشارة خلل وتهرّبًا صارخًا من الضرائب.
من جانبه، قال محمد ممدوح، رئيس مجلس أمناء مجلس الشباب المصرى، إنه يجب توجيه رجال الأعمال للمشاركة المجتمعية، مؤكدًا أنها ملائمة ومعمول بها على مستوى دول العالم، وبها فائدة مشتركة سواء للمستثمر أو الدولة، كما أن المستثمر يستفيد بتوفير دعاية له من المبالغ المنصرفة لصالح المشاركة المجتمعية.
وأوضح «ممدوح» أن المشاركة المجتمعية تخلق حالة من الترابط بين الأطراف التنموية المتخصصة فى العمل المجتمعى بمصر، بالإضافة إلى تحسين الصورة الخاصة لرجال الأعمال.
وأضاف: «فى مصر توجد مشاركة مجتمعية من بعض الشركات التى بدأت بالفعل تتجه نحو ذلك، بالإضافة إلى إمكانية إطلاق القائمة البيضاء وإدراج المساهمين من رجال الأعمال والشركات فيها بشكل تشريفى يخدمهم».
من جهته، علّق المهندس حسام الخولى، الأمين العام لحزب «مستقبل وطن»، على المبادرة، قائلًا: «فى مجملها قد تكون جيدة ولكن لا يمكن إجبار رجال الأعمال على التبرع بجزء من ثرواتهم، أو اقتطاع جزء منها، وذلك لتشجيع وجود استثمارات فى البلاد».
وأضاف: «من المهم أن تتحول الأرباح إلى استثمارات تساعد على الحد من البطالة، وتساهم فى دفع الاقتصاد»، مؤكدًا أن الشركات الكبرى من الصعب أن تتهرب من الضرائب فى ظل القوانين المنظمة لها فى الوقت الحالى.
وتابع: «بعض رجال الأعمال المصريين يتبرعون بأرقام كبيرة من منطلق الوازع الوطنى والدينى، الذى يكون نابعًا من داخلهم من أجل تعافى الاقتصاد المصرى، ومن أجل المساهمة فى بناء المستشفيات وكفالة الأسر الفقيرة».
وطالب «الخولى» بضرورة تبنى مبادرات وتشريعات تستطيع ضم قطاع الأعمال غير الرسمى إلى الموازنة العامة للدولة، مما يساهم فى تشجيع الاستثمار فى البلاد، وخفض عجز الموازنة، مؤكدًا أن الأحزاب ووسائل الإعلام يجب أن تعمل على إبراز صور النجاح.

برلمانيون: اقتصادنا فى حاجة لدعم رجال الأعمال الوطنيين

قال الدكتور سامى المشد، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، إن مبادرة تنازل «مليارديرات» مصر عن جزء من ثرواتهم لصالح الدولة فكرة وطنية تخدم الصالح العام وتدعم تطويرها وتنمية مشروعاتها.
وأضاف «المشد» أنه يمكن إطلاق مشروع قومى يتحمل تكلفته رجال الأعمال، كالتأمين الصحى الشامل أو نظام التعليم الجيد، أو تطبيق منظومة متكاملة للصرف الصحى.
وأشار إلى أن الأغنياء عليهم مسئولية وطنية تجاه بلدهم، قائلًا: «فى المقابل لا بد أن تدعم الدولة هؤلاء الأشخاص، وتقدم لهم كل الإمكانيات لتطوير أعمالهم على المستوى المحلى أو العالمى من خلال الاتفاقيات الدولية والتنسيق مع الدول الصديقة وغيرها».
من جهته، أيّد المهندس ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة، مبادرة «الدستور»، لدعوة رجال الأعمال الأكثر ثراءً للتبرع بجزء من ثرواتهم إلى الدولة.
وقال «عمر» إن الوضع الاقتصادى الحالى فى أمس الحاجة للحصول على دعم من الوطنيين لمساعدة الدولة على النهوض من كبوتها واستقلال عجلة التنمية بها.
وأشار إلى أنه من الممكن دعوة رجال الأعمال الأكثر ثراءً إلى التكفل بعجز الموازنة الحالى أو التكفل بسداد ديون مصر على فترات زمنية كمساهمة فى تقليل فوائد الديون التى تلتهم الموازنة العامة.
وطالب «عمر» كل قادر بالتبرع لتحسين مستوى الأجور والمعاشات للموظفين وأصحاب المعاشات والتكفل بتطوير قرى ومراكز فقيرة فى المحافظات الأكثر فقرًا وتمويل مشروعات التنمية بها.
وأكدت النائبة مايسة عطوة، عضو لجنة القوى العاملة، أن رجال الأعمال الأثرياء عليهم مسئولية وطنية لدعم الدولة والدفع نحو تقليل التحديات الاقتصادية التى تواجهها، منوهة إلى أن تبرع رجال الأعمال لصالح الدولة يجب أن يكون بمنتهى إرادتهم.
وقالت، إنه لا يجوز وطنيًا أو دينيًا، أن تحتوى مصر على عدد كبير من أغنى رجال الأعمال فى العالم ونسبة الفقر بها تجاوز ٤٠٪.
وأضافت أنه يجب توجيه رجال الأعمال لدعم منظومة الأجور فى الدولة سواء فى القطاع الخاص أو العام، للوصول بها إلى مستوى جيد يساعد المواطنين على تحمل الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة.
وأشارت «عطوة» إلى أن الدولة فى أمس الحاجة إلى دعم أبنائها القادرين لتحسين أحوالها المعيشية، مقترحة أن يتقدم رجال الأعمال بتمويل مشروعات قومية لصالح الدولة وتوفير الدعم اللازم لتنفيذ مخطط التنمية الشاملة، إما من خلال التبرعات أو قروض دون فوائد.

النقابات المهنية: الوطن يمر بمرحلة صعبة وعلى الجميع التكاتف لعبور الأزمة

أثنى الكاتب الصحفى عبدالمحسن سلامة، نقيب الصحفيين، على المبادرة التى طرحتها مؤسسة «الدستور»، بدعوة رجال الأعمال من أصحاب المليارات للتنازل عن جزء من ثرواتهم لدعم الفقراء فى مصر، مؤكدًا أن طرحها جاء فى توقيته الصحيح.
وأشار سلامة، فى تصريحات، إلى أن الوطن يمر بمرحلة صعبة، وعلى الجميع أن يتكاتف من أجله، مضيفًا: «كل واحد فينا يعمل اللى يقدر عليه سواء بجهده أو بوقته أو بجزء من ثروته».
وأكد سلامة أن الرئيس عبدالفتاح السيسى كان قد دعا إلى مبادرة مشابهة، عندما أنشأ صندوق «تحيا مصر» لدعم الدولة المصرية، بتلقى التبرعات للمشروعات الخيرية والاقتصادية.
وذكر النقيب أن مثل هذه المبادرات متداولة فى جميع دول العالم، مستشهدًا برئيس شركة مايكروسوفت بيل جيتس، الذى تبرع بنصف ثروته، ومارك زوكربيرج مؤسس موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» الذى تبرع بجزء كبير من ممتلكاته لصالح بلدانهما، كما أن آخرين تبرعوا بمليارات الدولارات لتنمية أوطانهم.
وأردف: «بالرغم من أن هذه الدول لم تكن بحاجة إلى مثل هذه التبرعات، فإن رجال الأعمال كانوا دائمى التبرع»، مشيرًا إلى ضرورة دعم تلك الثقافة خلال الفترة المقبلة.
وفى السياق ذاته، قال حمدى الكنيسى، نقيب الإعلاميين، إن أبرز ما يميز المبادرة أنها جاءت فى وقتها المناسب، مشيرًا إلى أن مصر فى حاجة إلى دعم من جميع أبنائها فى ظل الظروف الراهنة التى تمر بها، والحرب التى تواجهها مع أعداء الداخل والخارج، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية التى تعانيها.
وأضاف: «آن الأوان لتحريك إحساس ومسئولية كبار رجال الأعمال فى مصر، وقد حان الوقت أن يتحركوا ويقفوا مع دولتهم، وهناك من تقدر ثرواته بالمليارات، ولن يخسر كثيرًا إذا أسهم بجزء من ثروته لصالح مصر»، مشيرًا إلى أن العالم به العديد من النماذج التى قدمها رجال الأعمال لأوطانهم.
كما أعلن سامح عاشور، نقيب المحامين، رئيس اتحاد المحامين العرب، تأييده الكامل لمبادرة «الدستور»، مشيرًا إلى أنها ستسهم فى تخفيف العبء عن شرائح الفقراء فى مصر.
وقال عاشور إن «الدستور» خرجت بمبادرة إنسانية مجتمعية رفيعة المستوى، فى وقت تحتاج فيه الدولة المصرية إلى دعم من أبنائها، معربًا عن أمله فى نجاحها، وأن يستجيب كبار رجال الأعمال لها، خاصة فى ظل التحديات الكبيرة التى تمر بها الدولة المصرية.
وأوضح عاشور أن مصر تعانى ضغوطًا اقتصادية وتحديات كبيرة، ويجب أن يكون رجال الأعمال فى قلب المواجهة، عن طريق التبرع بجزء من ثرواتهم لصالح مصر، كمساهمة فى بنائها بالشكل المنشود، ولحل المشكلات الاقتصادية التى تواجهها، مشيرًا إلى أن هذا الأمر سيكون بوازع وطنى.