رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حرية الإبداع ومتطلبات حمايتها «٢-٢»


أستكمل حديثى اليوم حول حرية التعبير والإبداع والذى بدأته فى مقالى الاثنين الماضى لما لهذا الموضوع من أهمية بالغة فى تقدم مصر إلى الأمام، وضرورة صون الحريات الأساسية فى التعبير والفكر والرأى والتى هى مفاتيح أساسية لو أردنا لمصر أن تتقدم للأمام، وكنت قد شاركت فى احتشاد الكتاب والمثقفين والمبدعين من أجل حماية حرية الفكر والرأى والإبداع والتى عبروا عنها فى ندوة حاشدة حضرها كبار الكتاب والمفكرين والشعراء والقانونين بالمجلس الأعلى للثقافة، ونظمتها اللجنة القانونية بالمجلس، كما وقعت على بيان بإلغاء عقوبة الحبس للكتاب والأدباء والذى أصدرته لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة باعتبارى كاتبة وعضوة فى تلك اللجنة، أننا فى حاجة إلى تفعيل المادة ٦٥ و٦٧ من الدستور المصرى الجديد الصادر فى ٢٠١٤، وأذكر للقارئ نص هاتين المادتين اللتين لا يتم تطبيقهما ولا تفعيلهما، حيث إنه لابد أن يقوم البرلمان الجديد بدوره لتفعيلهما، كما أن للبرلمان دوراً فى تعديل القوانين التى تحمى الفكر والإبداع من عقوبة الحبس، يمكن نقد الإبداع أو رفضه أو اعتباره فجا أو لا يعجبنا أو سيئا، لكن أن يتم سجن كاتب أو مفكر بسبب كتاباته فإنه يعنى العودة إلى عصور الظلام وتكميم الإبداع والفكر، جاء فىنص المادة ٦٥ من دستور ٢٠١٤ «حرية الفكر والرأى مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر»، وجاء فى المادة ٦٦ من الدستور الجديد أيضاً «حرية البحث العلمى مكفولة وتلتزم الدوله برعاية الباحثين والمخترعين وحماية ابتكاراتهم والعمل على تطبيقها»، وجاء فى المادة ٦٧ بشأن حرية الإبداع « ًًًًًًًًًًًحرية الإبداع الفنى والأدبى مكفولة، وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والآداب، ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم، وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لذلك، ولا يجوز رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية، أو ضد مبدعيها، إلا عن طريق النيابة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بسبب علانية المنتج الفنى أو الأدبى أو الفكرى، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن فى أعراض الأفراد فيحدد القانون عقوباتها، وللمحكمة فى هذه الأحوال إلزام المحكوم عليه بتعويض جزئى للمضرور من الجريمة، إضافة إلى التعويضات الأصلية المستحقة له عما لحقه من أضرار منها وذلك كله وفقا للقانون».

إن هذا المؤتمر الذى شاركت فيه، أعتقد أنه مؤتمر تاريخى ومشهود وهو يوم ٣ مارس ٢٠١٦، ولابد أن تستجيب له السلطة السياسية والدولة، وأن يستجيب لتوصياته المهمة مجلس النواب المصرى، وإلا عدنا إلى ما قبل ثورتنا العظيمة قى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، والتى قامت لبناء دولة حديثة ومتقدمة، ومستنيرة، لأن أول شروط التقدم هو ازدهار الثقافة وحرية التعبير والكرامة الإنسانية للكتاب والمبدعين، لأنهم هم الذين يعبرون بالكلمة والقول عن الناس، ولقد شارك كتاب مصر ومثقفوها فى هذه الثورة المجيدة، ومن حقهم ان تحمى الدولة حقهم فى الكتابة والابداع لتتقدم الدولة للأمام، وتصبح دولة متقدمة تحافظ على قوتها الناعمة، وعلى مبدعيها ومفكريها وهم فى طليعة ثروتها البشرية.

إن هذا المؤتمر الذى نظمته لجنة القانون بالمجلس الأعلى للثقافة قد ضم عددا كبيرا من كبار مفكرى وكتاب ومشاهير رجال القانون بمصر، كما افتتحه د. حلمى النمنم وزير الثقافة، وحضرته د. أمل الصبان أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، وأعتقد أن مثقفى مصر وأدباءها لن يتوقفوا عن المطالبة بحقهم فى حرية التعبير، فهذه أول خطوة لهم، وسوف تتسع وسوف تتلوها خطوات اكبر حتى يتم تطوير القوانين المصرية وتفعيل الدستور الجديد، وكان ممن شارك فى المؤتمر من كبار الأدباء والمثقفين على سبيل المثال لا الحصر د. جابر عصفور، والشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى، ود. محمد نور فرحات، ومكرم محمد أحمد، ومحمد فائق، وعماد غازى وسلوى بكر.

لقد تعالت الأصوات المطالبة بحرية التعبير، وهى تدق ناقوس الخطر من جراء ما يحدث للثقافة المصرية من محاولات لقمع حرية التعبير، والتى كفلها الدستور المصرى الجديد ولكنها لا تطبق على أرض الواقع، رغم أنها حق أساسى للمبدع فى أى دولة متقدمة مستنيرة أو تريد أن تتقدم فى اتجاه الاستنارة.