رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إهانة النساء وتراجع القيم


فى ظل تراجع القيم المصرية الأصيلة فإننا أصبحنا فى أمس الحاجة إلى حركة اصلاح اجتماعية يقودها كل المحبين للوطن من الإعلاميين والفنانين والمبدعين والمفكرين، وقيادات المجتمع المدنى المخلصة والمستنيرة، والحريصة على المشاركة فى بناء وتقدم الدولة المصرية، فبدون نشر منظومة من القيم سيتدهور المجتمع المصرى وسيصبح حالة من الفوضى التى يهدف إليها أعداء الوطن، لقد تراجعت القيم فى بلدنا فى السنوات الخمس الأخيرة حتى وصلت بالمجتمع إلى درجات متدنية، حيث أصبح كل شىء مستباحاً وممكناً، وأصبحنا نفتقد حتى إلى مراعاة ما يسىء للآخرين بشكل متعمد، وبشكل مهين ودون اكتراث بالنتائج، ففى ظل ما نعيش فيه من حالة الافتقاد للقيم والتى تواجه مجتمعنا منذ ٢٥ يناير ٢٠١١، مع تصاعد موجة من البلطجة وتعمد تشويه المجتمع وإضعافه عن عمد تسيدت حالة من الفوضى والغوغائية، وأصبح احترام الآخر أو الاختلاف مع الآخر من ممارسات الزمن الغابر، وأصبحت المطالبة بمراعاة القيم والأخلاق وكأنها المطالبة بالمستحيل، وإذا لم يصحح العقلاء مسار المجتمع، فإن الركاكة والبذاءة والفجاجة والقبح، ستصبح ممارسات يومية وعادية فى أجندة الحياة اليومية للمصريين، وستصبح كلمة العيب وكأنها لا يصح أن تقال.. فلا أحد يعاقب ولا أحد يحاسب أحداً على سلوكياته الخاطئة.

لقد تدنت الألفاظ والسلوكيات حتى وصلت مؤخراً إلى أقصى ما يمكن أن تتحمله أية امرأة، فقد وصل التدنى إلى حد إهانة نساء مصر فى برنامج تليفزيونى شهير، لقناة فضائية مصرية من المدعو تيمور السبكى.. حيث وصف نساء مصر بأوصاف تتنافى مع تقاليد المجتمع المصرى الأعرق حضارياً فى العالم.. إن نساء مصر خط أحمر يا سادة، ولابد أن يكون هذا بالفعل، ولابد من اتخاذ الإجراءات القانونية ضد هذا المدعو السبكى، والتى تكفل عدم تكرار مثل هذه الإهانات لنساء مصر، والتى تعتبر خدشاً للحياءً وللشرف وسباً وقذفاً لسيدات الصعيد المصرى.. وإذا كانت النيابة قد أمرت بضبط وإحضار تيمور فى إهانة نساء مصر.. وإذا كان الكثيرون من الرافضين لسلوكه قد قدموا بلاغات ضده، فإننى أراها خطوة تستحق أن تتلوها خطوات لسرعة توقيع الجزاءات والعقاب لكل ممارسات العنف ضد نساء مصر، بما فيها الفتاوى المسيئة للمرأة، أو التى تعمل على تحقير شأنها، والتى يصدرها بعض من نصبوا أنفسهم دعاة دين وهم أبعد ما يكونون عن الدين.

وحرمة الموتى أيضاً لا تُحترم، وفى ظل تراجع القيم فى المجتمع، اختلط الحابل بالنابل وتحول إلى حالة لا معقولة من التطاول المعيب والبلطجة اللفظية، فلقد شهد مجتمعنا مؤخراً ضجة كبيرة ولغطاً مؤلماً واكبا مصرع رجل الأعمال الشاب الناجح محمد الرواس وزوجته دينا حسنى فى حادثة مروعة بطريق كورنيش المعادى، ولا تزال الضجة قائمة حتى الآن لم تهدأ.. ، فلقد صاحب هذه الحادثة الأليمة لغط كثير عالى النبرة ونميمة بغيضة، لا يصح أن تصبح شيئاً مقبولاً فى مجتمعنا، حتى وإن لم يكن يعرف الاثنين.. ان تراجع القيم لا يصح ان يصل إلى التطاول على حرمة الموتى، وعلى سمعة زوجين توفيا فى حادث أليم، ولكل منهما أسرة وأبناء، لا يصح معه أن يتم تشويه صورتهما بهذا الشكل المؤلم، أو على الأقل لا ينبغى أن يتسيد اللغط فى مجتمع المتعلمين، إننا فى حاجة إلى منظومة من القيم قبل أن تختفى من مجتمعنا، لأنه حتى فى حالات الموت لا يراعى الكثيرون حرمة الموتى، ولا يتذكرون محاسن الموتى ولا يكترث أحد بما يصح أن يقال وما لا يصح أن يقال، ولهذا فإنه لابد أن يحرص المحترمون فى المجتمع والذين يحرصون على القيم على نشر منظومة من القيم التى ينبغى أن تسود فى المجتمع، وعلينا أن نلفظ فى تعاملاتنا المجتمعية السلوكيات الفجة والخارجة، وأن نعمل على الارتقاء بالمجتمع قبل أن تصبح الفجاجة والإهانة والبلطجة بالقول والفعل هى عنوان الشارع المصرى، وأعتقد أنه هنا على الإعلام أن يلعب دوراً فى تصحيح السلوكيات الخاطئة والفجة، وينبغى أن يلفظ مجتمعنا كل الكلام المعيب والتهم المرسلة بلا دليل، والتى قد تدمر سمعة أسر بأكملها، ودعونا ندعو إلى تصحيح السلوكيات البغيضة، وخالص عزائنا لأسرة محمد الرواس وزوجته شيرين وأبنائه وقبل ذلك والدته سيدة الأعمال المعروفة تاتا الرواس، والتى فجعت فى مصرع ابنها محمد، ولاتزال تبكيه بدموع حارقة لا تتوقف، وأعتقد أنها لن تتوقف أبداً، أما دينا حسنى فهى أم لأربعة أبناء فجعوا فى وفاتها الفجائية أيضاً فى الحادثة المروعة والحقيقة إن هذه الحادثة تجعلنى أقول اللهم ارحمنا من موت الغفلة.. ومن حوادث الطريق والتى أصبحت ظاهرة متكررة فى مصر.

وقلبى على الأم التى فقدت الابن، واللهم برد قلبها وصبرها على مصابها الأليم.