«تصدع الجماعة مستمر».. إخوان الأردن يعلنون انفصالهم عن الجماعة الأم في مصر.. وخبراء يحددون 3 أسباب وراء «الانفصال»
خيانة تتبعها أخرى، وانفصال يتلوه آخر، ولازالت جماعة الإخوان بكل تياراتها في الدول العربية تتلقى الضربات التي تأتيها من كل صوب وحدب، حتى من داخل أفرع التنظيم ذاته، فالكل يحاول أن يقفز من سفينة الإخوان الغارقة، علّه يجد النجاة في البُعد عن تنظيم إرهابي، محكوم على معظم قياداته بالإعدام.
«إخوان الأردن تعلن إلغاء تبعيتها للجماعة الأم في مصر».. انشقاق جديد، دب في جسد التنظيم الدولي للجماعة، بعدما أعلن منذ قليل، مجلس شورى جماعة الإخوان في الأردن إلغاء تبعيته للجماعة الأم في القاهرة
.
وأوضحت قناة «الجزيرة» في تقرير لها، أن خطوة الانفصال مع القاهرة طُرحت قبل عام، إلا أن إلغاءها فعليًا وعلانية تم في جلسة عقدها المجلس الخميس الماضي وأعلنها اليوم، والتي أقر فيها عدة تعديلات على القانون الأساسي للجماعة، شملت توسيع دائرة المشاركة في الانتخابات القادمة.
وعلق الناطق الإعلامي لجماعة الإخوان بادي الرفايعة، على هذا الأمر بأن التعديل جاء بالإجماع داخل مجلس شورى الإخوان، لكنه شكلي، ولن يؤثر على الموقف الرسمي من الجماعة، مؤكدًا أن حالة التأزيم بين الحكومة أو الدولة والجماعة مردها إلى خلاف سياسي فقط.
"انحراف الجماعة الأم، اختلاف المرجعية الفكرية، الانشقاقات".. ثلاثة أسباب حددها منشقون عن الجماعة وخبراء الإسلام السياسي، وراء إعلان إخوان الأردن انفصالها عن الجماعة الأم، مؤكدين أن انفصال الكيانات بشكل متتالي يضعف من التنظيم الدولي للجماعة.
هشام النجار، الباحث في الشؤون الإسلامية، رأى أن هناك شواهد عديدة بدأت تظهر منذ ما يقرب من عام على هذا الإعلان، متمثلُا في رغبة إخوان الأردن لعدم التصاق اسمها بأفعال الجماعة في مصر، التي انحرفت عن مسارها الدعوي إلى المسار المعادي للدولة وحمل السلاح، حتى لا تسيء سمعتها.
وأضاف، أن ما تمر به المنطقة من أحداث جسيمة وتغييرات في الأوضاع يتأثر به التنظيم الدولي، وتأثرت به جماعة الإخوان في الأردن كفرع تابع لها، مشيرًا إلى أن تدهور حال الجماعة الأم في مصر بين عمليات القبض وأحكام الإعدام وضربات أجهزة الأمن، وثبوت أن المسار المعادي للدولة لن يجدي، جعل جماعة الأردن تعقل الأمر وتعلم أن الانفصال عن الجماعة في ذلك الوقت كمن يقفز خارج القارب الغارق.
ولفت، إلى أن الحكم بحظر أنشطة الجماعة في مصر عام 2013، جعل إخوان الأردن يتخوفون من أن يلاقوا المصير ذاته لاسيما أنهم دخلوا في مصدامات عديدة مع السلطة، وشهدت علاقتهما بالحكومة توتر حادًا في العام الماضي.
وأوضح، أن إخوان الأردن ليسوا الفرع الوحيد للجماعة الذي انفصل عنها، فإعلان حركة النهضة التونسية إنشائها حزب سياسي يعد مؤشرًا على نيتها الداخلية للانفصال، موضحًا أن أفرع جماعة الإخوان في الدول العربية تحاول أن تبتعد عن منهج الجماعة الأم وإظهار نفسها كـ"كيان" مستقل ومنفصل عن الإخوان في مصر.
وشدد على أن هذه الانفصالات المتتالية، ستؤثر بشكل كبير على التنظيم الدولي للجماعة، موضحًا أن انفصال أي كيان عنها يضعف التنظيم الدولي، ويحد من تأثيره في المشهد السياسي، لاسيما إذا كان كيان قوي ومؤثر مثل تيار إخوان الأردن.
ومن الجدير ذكره، أن جماعة الإخوان في الأردن تتبنى منهج وفكر جماعة الإخوان في مصر، وشهدت علاقتها مع السلطة توترًا حادًا تجلى في اعتقال نائب المراقب العام زكي بن أرشيد، ومنح السلطة تصريحًا لمفصولين من الجماعة لتأسيس كيان جديد يحمل الاسم نفسه.
ولفت إسلام الكتاتني، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان، إلى أن إخوان الأردن يختلفون عن الجماعة الأم في مصر، في آليات العمل ووسائل التنفيذ والمرجعية الفكرية، فكل فرع للجماعة داخل الدول العربية ينتمي لمدرسة فكرية معينة، والانفصال جاء بناء على هذا الخلفية المختلفة.
وأشار إلى أن إخوان مصر ينتمون للتيار القطبي نسبة إلى سيد قطب، وهو التيار المعادي للدولة وينتهج العنف وحمل السلاح، عكس إخوان الأردن التي تتبع فكر المهادنة رغم صدامها مع السلطات الأردنية، موضحًا أن الانفصال جاء في سياق الانشقاقات التي يعاني منها التنظيم الدولي للجماعة.
وأضاف، أن إخوان مصر قادوا مسار مخالف لما قامت عليه الجماعة على يد حسن البنا، واستعجلوا للوصول إلى الحكم، تاركين العمل الدعوي الذي أنشئت الجماعة لأجله من البداية، مشيرًا إلى أن هذا الاختلاف عن المسار الأولى للجماعة جعل كل الفصائل تحاول الابتعاد عنها.
وتابع، أن فرع إخوان الأردن يعد من أقوى كيانات الجماعة التي يؤثر انفصالها على التنظيم الدولي، لاسيما أنهم لديهم تجربة سياسية في محاولة الوصول للحكم مثلما فعلت الجماعة الأم بمصر، ولكنهم استطاعوا بشكل غير مباشر إلى التعايش مع النظام الحاكم.
وأرجع هذا الانفصال إلى الصراعات الداخلية التي دبت في تنظيم الجماعة داخل مصر، من اختلافات وانقسامات بين القيادات التاريخية والشبابية بها، ودخولها في صراعات مع النظام الحاكم، الأمر الذي لم تجن منه الجماعة سوى الإساءة لسمعة التنظيم بطرفيه الدعوي والسياسي، فبدأ الجميع ينفصلون عن الفرع الرئيسي في مصر.