رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«تصدع الجماعة مستمر».. إخوان الأردن يعلنون انفصالهم عن الجماعة الأم في مصر.. وخبراء يحددون 3 أسباب وراء «الانفصال»‏

جريدة الدستور

خيانة تتبعها أخرى، وانفصال يتلوه آخر، ولازالت جماعة الإخوان بكل تياراتها في الدول العربية تتلقى ‏الضربات التي تأتيها من كل صوب وحدب، حتى من داخل أفرع التنظيم ذاته، فالكل يحاول أن يقفز من ‏سفينة الإخوان الغارقة، علّه يجد النجاة في البُعد عن تنظيم إرهابي، محكوم على معظم قياداته بالإعدام.‏

«إخوان الأردن تعلن إلغاء تبعيتها للجماعة الأم في مصر».. انشقاق جديد، دب في جسد التنظيم الدولي ‏للجماعة، بعدما أعلن منذ قليل، مجلس شورى جماعة‎ ‎الإخوان في‎ ‎الأردن‎ ‎إلغاء تبعيته للجماعة الأم ‏في‎ ‎القاهرة‎
.‎
وأوضحت قناة «الجزيرة» في تقرير لها، أن خطوة الانفصال مع القاهرة طُرحت قبل عام، إلا أن إلغاءها ‏فعليًا وعلانية تم في جلسة عقدها المجلس الخميس الماضي وأعلنها اليوم، والتي أقر فيها عدة تعديلات ‏على القانون الأساسي للجماعة، شملت توسيع دائرة المشاركة في الانتخابات القادمة.‏

وعلق الناطق الإعلامي لجماعة الإخوان بادي الرفايعة، على هذا الأمر بأن التعديل جاء بالإجماع داخل ‏مجلس شورى الإخوان، لكنه شكلي، ولن يؤثر على الموقف الرسمي من الجماعة، مؤكدًا أن حالة التأزيم ‏بين الحكومة أو الدولة والجماعة مردها إلى خلاف سياسي فقط.‏

"انحراف الجماعة الأم، اختلاف المرجعية الفكرية، الانشقاقات".. ثلاثة أسباب حددها منشقون عن ‏الجماعة وخبراء الإسلام السياسي، وراء إعلان إخوان الأردن انفصالها عن الجماعة الأم، مؤكدين أن ‏انفصال الكيانات بشكل متتالي يضعف من التنظيم الدولي للجماعة.‏

هشام النجار، الباحث في الشؤون الإسلامية، رأى أن هناك شواهد عديدة بدأت تظهر منذ ما يقرب من عام ‏على هذا الإعلان، متمثلُا في رغبة إخوان الأردن لعدم التصاق اسمها بأفعال الجماعة في مصر، التي ‏انحرفت عن مسارها الدعوي إلى المسار المعادي للدولة وحمل السلاح، حتى لا تسيء سمعتها.‏

وأضاف، أن ما تمر به المنطقة من أحداث جسيمة وتغييرات في الأوضاع يتأثر به التنظيم الدولي، ‏وتأثرت به جماعة الإخوان في الأردن كفرع تابع لها، مشيرًا إلى أن تدهور حال الجماعة الأم في مصر ‏بين عمليات القبض وأحكام الإعدام وضربات أجهزة الأمن، وثبوت أن المسار المعادي للدولة لن يجدي، ‏جعل جماعة الأردن تعقل الأمر وتعلم أن الانفصال عن الجماعة في ذلك الوقت كمن يقفز خارج القارب ‏الغارق.‏

ولفت، إلى أن الحكم بحظر أنشطة الجماعة في مصر عام 2013، جعل إخوان الأردن يتخوفون من أن ‏يلاقوا المصير ذاته لاسيما أنهم دخلوا في مصدامات عديدة مع السلطة، وشهدت علاقتهما بالحكومة توتر ‏حادًا في العام الماضي.‏

وأوضح، أن إخوان الأردن ليسوا الفرع الوحيد للجماعة الذي انفصل عنها، فإعلان حركة النهضة التونسية ‏إنشائها حزب سياسي يعد مؤشرًا على نيتها الداخلية للانفصال، موضحًا أن أفرع جماعة الإخوان في الدول ‏العربية تحاول أن تبتعد عن منهج الجماعة الأم وإظهار نفسها كـ"كيان" مستقل ومنفصل عن الإخوان في ‏مصر.‏

وشدد على أن هذه الانفصالات المتتالية، ستؤثر بشكل كبير على التنظيم الدولي للجماعة، موضحًا أن ‏انفصال أي كيان عنها يضعف التنظيم الدولي، ويحد من تأثيره في المشهد السياسي، لاسيما إذا كان كيان ‏قوي ومؤثر مثل تيار إخوان الأردن.‏

ومن الجدير ذكره، أن جماعة الإخوان في الأردن تتبنى منهج وفكر جماعة الإخوان في مصر، وشهدت ‏علاقتها مع السلطة توترًا حادًا تجلى في اعتقال نائب المراقب العام زكي بن أرشيد، ومنح السلطة تصريحًا ‏لمفصولين من الجماعة لتأسيس كيان جديد يحمل الاسم نفسه. ‏

ولفت إسلام الكتاتني، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان، إلى أن إخوان الأردن يختلفون عن الجماعة الأم ‏في مصر، في آليات العمل ووسائل التنفيذ والمرجعية الفكرية، فكل فرع للجماعة داخل الدول العربية ‏ينتمي لمدرسة فكرية معينة، والانفصال جاء بناء على هذا الخلفية المختلفة.‏

وأشار إلى أن إخوان مصر ينتمون للتيار القطبي نسبة إلى سيد قطب، وهو التيار المعادي للدولة وينتهج ‏العنف وحمل السلاح، عكس إخوان الأردن التي تتبع فكر المهادنة رغم صدامها مع السلطات الأردنية، ‏موضحًا أن الانفصال جاء في سياق الانشقاقات التي يعاني منها التنظيم الدولي للجماعة.‏

وأضاف، أن إخوان مصر قادوا مسار مخالف لما قامت عليه الجماعة على يد حسن البنا، واستعجلوا ‏للوصول إلى الحكم، تاركين العمل الدعوي الذي أنشئت الجماعة لأجله من البداية، مشيرًا إلى أن هذا ‏الاختلاف عن المسار الأولى للجماعة جعل كل الفصائل تحاول الابتعاد عنها.‏

وتابع، أن فرع إخوان الأردن يعد من أقوى كيانات الجماعة التي يؤثر انفصالها على التنظيم الدولي، ‏لاسيما أنهم لديهم تجربة سياسية في محاولة الوصول للحكم مثلما فعلت الجماعة الأم بمصر، ولكنهم ‏استطاعوا بشكل غير مباشر إلى التعايش مع النظام الحاكم.

وأرجع هذا الانفصال إلى الصراعات الداخلية التي دبت في تنظيم الجماعة داخل مصر، من اختلافات ‏وانقسامات بين القيادات التاريخية والشبابية بها، ودخولها في صراعات مع النظام الحاكم، الأمر الذي لم ‏تجن منه الجماعة سوى الإساءة لسمعة التنظيم بطرفيه الدعوي والسياسي، فبدأ الجميع ينفصلون عن الفرع ‏الرئيسي في مصر.‏