رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التهديدات المخيونية.. إلى أين؟


الصدق والأمانة صفتان تحض عليهما الأديان جميعاً سواء كانت سماوية أو وضعية بل هما صفتان تلازمان القيم والسلوك الإنسانى بشكل عام. ولكن للأسف الشديد نرى الآن الكثير من البشر الذين يراوغون لفاً ودوراناً حول هذه الصفات تحججاً وتبريراً لفعل ما يسمى بالمصلحة تستراً تحت القاعدة الفقهية التى تقول إن الضرورات تبيح المحظورات. ونحن نفهم ونعى أن هذه القاعدة لم توجد لكى تبرر الخطأ أو الكذب أو عدم الصدق دائماً وأبداً وكأن الحياة لا تبنى بل يجب أن تسير على هذه القاعدة على الدوام. ولكن لاشك فإن هذه القاعدة قد جاءت للضرورة القصوى التى يمكن أن تهدد حياة الفرد والجماعة والأمة فهى بدأت بالضرورات والضرورة غير الأوقات العادية فأوقات الحرب غير أوقات السلم وظروف الخطر غير أوقات الأمان إلا إذا كان هؤلاء الذين يتعاملون على هذه القاعدة دائماً يعتبرون أنفسهم يعيشون حياة الحرب والخطر مع بلدهم وأهاليهم.

هذا إذا كانوا يعتبرون مصر وطنهم والمصريين أهلهم وهذا ما نراه مع حزب النور وقياداته على كل مستوياتها الحزبية والدعوية، فقد شاهدنا يوم الأحد ٦/١٢ فى برنامج «العاشرة مساءً» السيد مخيون، رئيس حزب النور يدلى بحديث طويل حول الانتخابات البرلمانية ونتائجها الكارثية بالنسبة لحزب النور، الذى فاز باثنى عشر مقعداً فى البرلمان بعد سقوطه وعدم إحرازه أى نتيجة فى القوائم فى قائمة غرب الدلتا وقائمة القاهرة ووسط الدلتا بعد انسحابه التكتيكى من قائمتى الصعيد وشرق الدلتا بل بعد ترديده بغرور شديد بأنه سيحوز أكثر من ثلث مقاعد البرلمان.

والغريب أن مخيون وحزبه والدعوة السلفية يعتبرون أن هذه النتيجة هى إقصاء لحزب النور بل الأهم أنه قال إن هذا الإقصاء ستكون نتائجه وخيمة، حيث سينقلب أعضاء الحزب وسينضمون إلى «داعش».

فبداية لا نعلم كيف تم هذا الإقصاء لحزب النور؟ فالإقصاء هو أن يحرم النور بصورة أو بأخرى من الترشح مثلاً تحت فكرة أنه حزب دينى حسب الدستور ولكن هذا لم يحدث والحزب ترشح مثل غيره من الأحزاب بل هو الحزب الوحيد الذى جهز قوائمه الأربع قبل غيره من الأحزاب وكونه انسحب من قائمتى الشرق والقاهرة وهذا قرار ذاتى من الحزب وحسب رؤيته أو حسب حساباته أو ارتباطاته مع السلطة والمسئولين وهذه علاقة تحتية غير معلنة.

فهل تشكيل جماعة لا للأحزب الدينية هى مظهر الإقصاء؟ لا أعتقد فهذه جماعة معلنة لها رأى وتصور أن النور حزب دينى وتقدمت بدعوى لحل الحزب وقامت بالدعاية ضد الأحزاب الدينية حسب الدستور وكان من الطبيعى أن يقوم النور بدعاية مضادة لهذه الجماعة ويثبت أنه ليس حزباً دينياً وأعتقد أنه قام بذلك. أم أنه كان المطلوب أن يقوم النظام والحكومة بحظر هذه الجماعة ويتم القبض عليهم حباً فى حزب النور؟ وهل هذه الجماعة نفسها تقوم بالتسويق لرأيه تعتبر مخالفة للقانون؟

لو كان ذلك كذلك فلماذا لم يقم النور برفع دعوى لحظرهم؟ كما أن حزب النور هل قام أحد بمنعه أو حظره من الدعاية الانتخابية المشروعة مثل غيره من الأحزاب أو الأفراد أم قام بالدعاية حسب ما أراد وبكل الصور المشروعة وغير المشروعة مثل توزيع المواد الغذائية والعينية بل توزيع الأموال الانتخابية تلك الممارسات الشائنة والمشينة والتى مارسها الجميع والتى تعتبر وصمة عار فى جبين هذه الانتخابات. هل تم تسويد وتزوير بطاقات انتخابية لصالح منافسى النور مثلاً؟ هل تم تزوير النتائج الانتخابية لغير صالح النور؟ هل لم يشارك مندوبو النور فى المتابعة والفرز وإعلان النتيجة ولو حدث هذا لماذا لم يقم دعوى بذلك؟ فأين الإقصاء إذن الذى يهدد مخيون الجميع من أجله؟ نعم حدث إقصاء بالفعل لحزب النور من الجماهير التى خيبت توقعاته ولم تنتخبه.

نعم قالت الجماهير كلمتها ضد حزب النور، فهل هذا إقصاء أم عدم انتخاب وعدم اختيار للنور؟ وهل هناك مفهوم آخر لدى النور فى الانتخابات أن يتم اختيار النور ويفوز كما يحلو له أن يفوز لا كما تريد الجماهير ولا حسب اختيار الناخب؟ وهل تهديد السيد مخيون هذا هل هو موجه للجماهير المصرية التى لها حق الاختيار ولم تختر النور أم هذا التهديد موجه للنظام وللحكومة التى يدعى النور أنه قد انحاز لها يوم ٣ يوليو ٢٠١٣؟ وما هى قانونية تهديد رئيس حزب مازال حزباً قانونياً لحين إصدار إشعار آخر للجماهير وللنظام بهذه الصورة؟ وهل إذا لم يوفق النور فى الانتخابات كم يريد وكما يحلو له تكون النتيجة هى التهديد بالإرهاب؟ وما الفرق بين هذا التهديد وتلك التهديدات التى حدثت فى رابعة ومن قيادات الإخوان وبنفس المعنى يا نحكمكم يا نقتلكم مع العلم أن السيد مخيون أقر بصورة مباشرة وبغير مباشرة بعدم اعترافه بحق المواطنة للأقباط ولا بحقهم فى تبوء المواقع مثل المحافظ. فى الوقت الذى وضع على قوائمه أقباطاً كنوع من التقية والنفعية حقاً إنه الصدق والأمانة. حمى الله مصر وحمى الله شعبها العظيم.