رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نوبل لسفيتلانا .. وسفيتلانا لنوبل!


ما إن يتم الإعلان عن أسماء الفائزين بجائزة نوبل حتى تبدأ وسائل الإعلام فى قرع الطبول احتفاء بالفائز من دون أن تتريث لتعرف ونعرف معها: من يكون؟ ماذا قدم؟ هل أنه جدير حقاً بالجائزة؟. فى هذا العام منحت نوبل لسفيتلانا ألكسايفتش من «روسيا البيضاء» وعلى الفور أشعرتنا وسائل الإعلام بأننا مذنبون، وأننا – يا إلهى – كم تقاعسنا عن قراءة «سفيتلانا» التى لم يترجم لها بعد عمل إلى العربية. وطالما تشدق الغرب بحرية الأدب وفصله عن خدمة الأهداف السياسية، لكن الغرب فى الممارسة الفعلية يمجد «الطابع الدعائى النفعى» للأدب، ويتوجه بالجوائز، ويربط تقديره للأدب بدوره السياسى، حتى وإن كان تحقيقات صحفية رخيصة. وسفيتلانا صحفية لا أكثر وكما أشارت معظم الصحف الغربية فإنها «أول صحفية تفوز بنوبل عن أدب غير روائى»! وكل ما كتبته يندرج فى نوع الصحافة الأدبية القائمة على «الكولاج» أى القص واللزق الصحفى، وهو الأسلوب الذى بدأته سفيتلانا مع كتابها الأول «وجه الحرب غير الأنثوى» عام 1985 معتمدة فيه على لقاءات مع مئات النساء ممن شاركن فى الحرب العالمية الثانية، ثم أمست تلك الطريقة منهجاً اتبعته فى كل أعمالها اللاحقة باستخدام شهادات حية على الأحداث. وقد رشحتها تلك الأعمال غير الأدبية لنوبل لأنها صبت فيها كل الدعاية الغربية المعادية للتجربة السوفييتية، وما أسمته فى كتابها « أولاد الزنك» بجرائم السوفييت فى أفغانستان «لكن ما من حرف عن جرائم الأمريكان»، ونظراً لطبيعة أعمالها غير الأدبية فإن رابطة القلم السويدية «pen» حين منحتها جائزتها أشارت فى بيانها إلى أن الجائزة تقدير «لشجاعتها وكرامتها» ولم يشر بحرف البيان لمستواها الأدبى! وليس لدى شخصيا اعتراض على الكتابة عن أى جرائم لأى نظام سياسى، وقد انتقد الكسندر سولجينتسين من قبل التجربة السوفييتية بعنف، لكن ما كتبه سولجينتسين كان أدباً جديراً بجائزة وليس تحقيقاً صحفياً يمتاز فقط بتضخيم المثل السياسية الغربية. وليس أدل على طبيعة ما تكتبه سفيتلانا من أن الاعلان عن فوزها بنوبل قد ترافق بتصريح من الأكاديمية بأنها كانت أمام اختيارين: إما مكافأة كاتب لا يشتبه فى أنه يعمل بالسياسة، أو مؤلف ملتزم سياسياً التزاماً ليس موضع جدال فى العالم الغربى.. وكانت سفيتلانا المناسبة بين أكثر المرشحين»! الالتزام السياسى بالمثل السياسية الغربية التى اكتوينا بنارها فى العراق وليبيا وغيرها هو الحافز الرئيسى لمنح سفيتلانا جائزة نوبل التى أخذت أسهمها تنحدر منذ زمن خاصة بعد أن تم منح باراك أوباما جائزة نوبل للسلام!أما عن الفائزين بالجائزة فى مجال الأدب فقد رأينا من بينهم أنصاف وأرباع أدباء، لا يرقى بعضهم للعديد من كتابنا العرب. ويتضح الطابع الحقيقى غير الأدبى لكتابات سفيتلانا حتى من تعليقات الذين رحبوا بفوزها، إذ يصرح ب. باسترناك مدير «فريميا» لجريدة ازفستيا:» كانت تتناهى إلى الأقاويل حول أن سفيتلانا غير جديرة بالجائزة، إما لأن أعمالها ليست فنية بما يكفى، أولأن الطابع السياسى الشديد يغلب على تلك الأعمال». على أى حال فإن سفيتلانا بتحقيقاتها الصحفية موعودة لنوبل، كما أن نوبل لسفيتلانا، وكل فولة ولها كيال!