رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دستور يا سيادنا على الدستور


الدستور هو وثيقة شعبية يتم وضعها والاستفتاء عليها من الشعب حتى يكون بمثابة عقد اجتماعى يحكم إيقاع العمل ويضبط العلاقات ويوضحها بين السلطات الثلاث حتى لا تتجاوز أو تسيطر سلطة على السلطات الأخرى...

... كما أنه يحدد صلاحيات وسلطات الحاكم والحكومة لدى المواطن فى الوقت الذى يحدد حقوق وواجبات المواطن. والدستور بشكل عام هو قواعد عامة تحدد توجهات النظام لمدد زمنية قادمة، حيث إن الدستور هو الذى يحدد التوجهات والضمانات التى لا يجب أن يتجاوزها المشرع. فإذا كانت القوانين توضع لمدد زمنية بعيدة فما بالك بالدستور كقواعد عامة، فهناك دساتير لها مئات السنين لم يطرأ عليها تغيير أو تعديل فى كثير من دول العالم، وهذا ما يطلق عليه بالاستقرار الدستورى. أما هنا فنحن فى بلد العجائب بصحيح، نعم ما تم فى ٢٥ يناير وحتى لو لم يصل إلى ثورة حقيقية تسعى للتغيير للأحسن فى كل مناحى الحياة.

ولكن أسقط الحاكم وسط آمال كبار وطموحات كبيرة بلا حدود فى هذا التغيير وهنا يكون بالطبع كتابة دستور يتوافق مع هذه الأحداث ومع تلك المتغيرات. ولكن للأسف كان سيطرة الإخوان على الحكم الشىء الذى جعل دستورهم لا يعبر عن أى تغيير ثورى أو يجسد آمال الجماهير بقدر ما عبر عن توجهات وآمال الجماعة لمزيد من السيطرة والتمكين، فكانت ٣٠ يونيه هبة شعبية بحق تخلصت من حكم الإخوان، ولذا فقد أصبح أمامنا نظامان من الحكم كلاهما يجسد استبداد الحاكم وسيطرة النظام. ولذا كان هذا الاستبداد المدستر والذى يعطى الحاكم صلاحيات شبه مطلقة كانت سبباً رئيسياً لقيام ٢٥/٣٠ إضافة لطموح حقيقى لدى الجماهير أن يعبر دستور ٢٠١٤ عن هذه الآمال وذلك الطموح وحتى يحافظ ويؤكد على ألا نعود مرة أخرى أسرى لأى شكل من أشكال الاستبداد السياسى من سلطة أو من حاكم أياً كانت مسميات ومواصفات هذا الحاكم.. ولذا كان من الطبيعى أن يكون نظام الحكم فى «دستور ٢٠١٤» متوازناً بين النظام الرئاسى والنظام البرلمانى ومع ذلك لو تمعنا جيداً فى مجمل الباب الخامس وهو الخاص بنظام الحكم نجد أن المحصلة النهائية تصب فى صالح منصب رئيس الجمهورية وليس العكس وإن كانت بعض الصلاحيات الواردة فى دستور ١٩٧١ قد تقلصت جزئياً تمشياً مع المتغيرات الزمنية والسياسية بعد ٢٥/٣٠.

وبالرغم من موافقة الشعب على دستور ٢٠١٤ بنسبة كبيرة كانت مسار إعجاب بل كانت تسير فى إطار الموافقة والمبايعة لنظام ٣٠ يونيه بل للسيسى شخصياً باعتباره رمزاً للتغيير فى ٣٠ يونيه بل إن السيسى شخصياً أعلن إعجابه بهذا الدستور بل طالب الشعب بالخروج والموافقة عليه، ثم وجدنا تصريحاً للسيسى فى جامعة قناة السويس حول الدستور الذى وضع بنية حسنة ولا نعلم ماذا يقصد السيسى من هذا التصريح.

وهل كان هذا التصريح فى مكانه وفى زمانه خاصة ونحن نناضل من أجل الوصول إلى تحقيق الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق وهو انتخابات البرلمان وذلك البرلمان الذى حدد الدستور فى المادة ٢٢٦ طريقة تعديل مادة أو أكثر من الدستور وذلك عن طريق البرلمان الذى يعرض هذا التعديل على الشعب للاستفتاء. ومع ذلك وجدنا جوقة المنافقين والمطبلين الذى هم دائماً مع كل رئيس ورهن إشارة كل نظام وكله تحت زعم وكذب الوطنية، حيث إنهم لا يعرفون غير مصالحهم الذاتية. هؤلاء هم من خرجوا راقصين ومهللين لدستور ٢٠١٤. نراهم الآن تحت زعم رداء الوطنية والخوف على مصر والحرص على الرئيس يطالبون بتعديل هذا الدستور. فهل نحن طبقنا هذا الدستور عملياً على أرض الواقع حتى الآن حتى نكتشف تلك المواد التى يطالبون بتعديلها هم يدعون أن صلاحيات البرلمان قد جارت على صلاحيات الرئيس.

وهذا كذب فهذا غير موجود وإذا كان من حق البرلمان الموافقة على الحكومة فهذا معمول به منذ دستور ١٩٢٣ وحتى الآن ولكن المشكلة هى فى عدم التطبيق وعدم قيام البرلمان بممارسة صلاحياته وهذا ما أعتقد بل أجزم أنه قائم وسيكون أيضاً فى البرلمان القادم، فهناك فرق بين الصلاحيات والتوازنات فمن قال بعد ٢٥/٣٠ وبعد أن اكتوينا بنار الاستبداد من الذى يسوى والذى لا يسوى نريد العودة إلى دستور يؤله الفرد مع العلم أن الدساتير لا توضع لزمن بعينه ولا توضع من أجل شخص بذاته ولكنها توضع من أجل إرساء قيم وتأكيد مبادئ ورسم طريق يصل به ومن خلاله إلى الدولة الديمقراطية العادلة دولة القانون ودولة الشعب الذى هو السلطة العليا فوق الجميع فكفى نفاقاً، السيسى لا يريد صلاحيات، فحب الشعب وشرعيته الجماهيرية هى الأساس، السيسى لا يريد نفاقاً ولا منافقين ابعدوا عن السيسى ولا تتعاملوا مع الضعف الإنسانى ولكن تعاملوا مع السيسى المبدأ والقيمة التى ظهرت عندما تحمل وتصدى لمواجهة العمر مضحياً بحياته من أجل مصر والمصريين.