رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحقيقة كاملة!


فى أى مكان فى العالم تكفى فضيحة فساد واحدة لإخراج حكومة كاملة من الحكم، أما عندنا فإن عشر فضائح فساد كاملة لا تستطيع تغيير حكومة واحدة. وقد كانت الشهور الأخيرة شهور اللطمات المتلاحقة، بدءا من حكاية الطالبة «مريم تادرس» التى سرقوا تفوقها ونسبوه لمن دفع وأعطى، مرورا بالقبض على المحامى حمدى الفخرانى -عضو مجلس الشعب السابق- بتهمة طلب رشوة بقيمة خمسين مليون جنيه للتنازل عن قضية «مدينتى»، ثم الشهادة الخطيرة التى أدلى بها عبد الخالق رمزى لعدة قنوات تليفزيونية عن الفساد المرعب فى التعليم...
... وأخيرا حكاية معالى وزير الزراعة «صلاح هلال» الذى ألقى القبض عليه للتحقيق فى قضايا الاستيلاء على المال العام، وتسهيل الاستيلاء على أراضى الدولة، ومنها قطعة أرض عبارة عن 2500 فدان ملاصقة للريف الأوروبى بطريق القاهرة- الإسكندرية الصحراوى بقيمة ثلاثة مليارات جنيه!! وكل هذا مقابل فيللا بمنطقة التجمع الخامس تمليك للوزير، وصيدلية لابنة الوزير، ومجموعة من  البذلات الفاخرة من الماركات العالمية يصل سعر الواحدة حوالى 20 ألف جنيه، مع شوية فلوس فكة لتسليك الأمور اليومية! وتترافق فضائح النهب تلك مع تصريحات عن الأسياد الذين يحق لهم «التصييف فى شرم الشيخ» قبل غيرهم، وامتيازات واستثناءات لأبناء العاملين فى القضاء والجيش والشرطة، علاوة على التصريحات الدورية التى تتهم الشعب إما بالغباوة أو بعدم الجدارة الفكرية أو انعدام الكفاءة. وتذكرنى تلك التصريحات التى تحقر الشعب بحكاية اللص الذى هبط ليسطو على فقير وحينما لم يجد فى جيبه إلا القليل أخذ يسبه ويشتمه! نحن إذن نتعرض للسرقة، ثم الاهانة، لأننا لا نحمل فى جيوبنا ما يكفى لإسعاد اللصوص! وبين تلك الحكايات فإن أقوال عبد الخالق رمزى الرئيس السابق للجنة الامتحانات على مستوى الجمهورية تحتاج إلى وقفة خاصة. وهى أقوال أدلى بها لبرنامج» البيت بيتك» على قناة «TEN»، وعلى قناة الفراعنة، وقناة « مصر المستقبل»، وفيها يقول إنه عندما تم تعيينه رئيسا للجنة العام الماضى عرض عليه الموظفون المخضرمون: « تفصيل لجان ثانوية عامة على مقاس ناس معينين. يعنى أرشح مراقبين معينين لمراقبة لجنة بعينها تضم مدارس لغات تجريبية خاصة يدفع فيها الطالب 20 ألف جنيه سنويا والمطلوب أن تخرج النتيجة بحيث تليق بالمدرسة ! وقالوا لى وأنت لك حصة فى كل لجنة تقوم بتفصيلها، 2 مليون جنيه قيمة الحصة لى أنا وحدى، وأنا أشرف على تسع محافظات! ولو قبلت وقمت بتفصيل لجنة واحدة فقط فى كل محافظة لصرت مليونيرا فى عام واحد، وزير التعليم السابق له حصة، والمحافظ له حصة، وأنا لى حصة! صدمت ورفضت وأرسلت شكاوى لكل الجهات دون جدوى.ذهبت لوزير التعليم محمود أبو النصر رئيسى المباشر ولم أستطع مقابلته». ومعنى كلام عبد الخالق رمزى أن من الممكن تزوير كل نتائج الثانوية العامة وليس فقط أوراق طالبة الصفر مريم تادرس. أى أن الفساد قد نخر فى المنظومة التعليمية كلها. العجيب أن الوزارة لم ترد على ما قاله عبد الخالق رمزى بحرف لا علنا ولا سرا من باب ترسيخ مبدأ أن الشعب مالوش حاجة عند الحكومة ولا حتى حق معرفة الحقيقة! أحيانا يكتفى الناس بجانب من الحقيقة، بلمحة منها، لكنهم هذه المرة يحتاجون إلى الحقيقة كاملة غير منقوصة.