رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"أوغلو" يحاول شق صف المعارضة قبيل الانتخابات التركية المبكرة

رئيس الوزراء التركي
رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو

يكثف رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو رئيس حزب العدالة والتنمية محاولاته الرامية لإحداث شق فى صفوف أحزاب المعارضة التركية قبل أسابيع من الانتخابات البرلمانية المبكرة على أمل أن يسهم ذلك فى تحسين فرص العدالة والتنمية فى إنجاز ما فشل فى تحقيقه فى إنتخابات يونيو البرلمانية.

ويأمل "أوغلو" في الحصول على بعض القاعد الإضافية اللازمة لتمكينه من إحراز أغلبية فى البرلمان تتيح له العودة لتشكيل الحكومة منفردا بعد أن فشل فى تشكيل إئتلاف حكومى من الأحزاب التى دخلت البرلمان بعد إنتخابات يونيو الماضى.

وفى هذا الإطار، لجأ أوغلو الى أسلوب دق الأسافين داخل صفوف الأحزاب الثلاثة الممثلة فى البرلمان حيث إختار تجاوز الأعراف السياسية فى تركيا وعرض بشكل مباشر على شخصيات بارزة من كوادر هذه الأحزاب الثلاث تولى حقائب وزارية فى الحكومة المؤقتة التى ستسير أمور البلاد مؤقتا متجاوزا بذلك الأعراف السياسية التى تقضي بمخاطبة قادة الأحزاب المعنية فى هذا الخصوص.

وقدم أوغلو دعوات لخمسة نواب من حزب الشعب الجمهوري، ولثلاثة من حزب الحركة القومية، ولثلاثة من حزب الشعوب الديمقراطية الكردي لتسلم حقائب وزارية دون مراجعة قياديي أحزابهم السياسية للإسراع في عملية تشكيل حكومة انتخابية خلال خمسة أيام فقط بدأت أول أمس الثلاثاء وفقا لمواد الدستور حتى يحين موعد الانتخابات المبكرة في الأول من نوفمبر القادم بحسب ما أعلنه رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان.

ولم يعر أي من حزبي المعارضة الشعب الجمهوري والحركة القومية أي اهتمام لدعوات داود أوغلو، بل انتقد قياديو الحزبين خطة رئيس الوزراء الذي قام بإرسال رسائل إلى عدد من نواب الحزبين لتسلم حقائب وزارية وتجاهل آراء قياديي أحزابهم، والتي وصفت هذا التحرك ب "السياسة غير الأخلاقية وتخرج عن نطاق التعاملات الأخلاقية والقانونية".

وأمس الأربعاء فقط شهدت أنقرة هزة سياسية كبيرة بعد أن أعلن آرطغرل توركيش، نائب حزب الحركة القومية ونجل مؤسس الحزب اليميني المتشدد الراحل آلب آصلان توركيش، موافقته على رسالة داود أوغلو ليتسلم حقيبة وزارية، وهو ما أدى لحالة من الاستياء والغضب الشديدين في أوساط قياديي الحزب، حيث أعلنوا على الفور عن إحالة توركيش إلى لجنة العقوبات تمهيدا لإبعاده من الحزب المعارض لأن موافقته تمثل "خيانة لمبادئ الحزب الذي أسسه والده الراحل آلب آصلان توركيش".

أما توركيش من جانبه فدخل في جدل حاد واعتراضات شديدة على موقف زعيم حزبه دولت بهتشلي لرفضه أولا تشكيل حكومة ائتلافية، وثانيا لرفضه كل خطوة مطروحة لسلامة واستقرار البلاد، وهو بالتالي ما دفعه للتعاطي إيجابيا مع رسالة رئيس الوزراء داود أوغلو، فيما تتردد مزاعم في أنقرة حول عزم توركيش تقديم استقالته من حزبه المعارض قريبا وترشيح اسمه عن حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المبكرة، وفقا للوعود التي عرضها عليه الحزب الحاكم بمنحه حقيبة وزارية في الحكومة التي ستتشكل بعد الانتخابات المبكرة في الأول من نوفمبر.

وقد اعتبرت صحف المعارضة أن موافقة توركيش على رسالة داود أوغلو تمثل "ضربة موجعة" و"طعنة خنجر في الظهر" من القصر الرئاسي لحزب الحركة القومية، الذي رفض جميع المقترحات المطروحة خلال مفاوضات داود أوغلو لتشكيل حكومة ائتلافية.

وبكل تأكيد ستمثل موافقة توركيش على رسالة داود أوغلو دعما كبيرا لحزب العدالة والتنمية في الحملة الدعائية للانتخابات المبكرة، حيث وجد الحزب الحاكم نفسه في موقف صعب بعد أن أعلن حزبا الشعب الجمهوري والحركة القومية عن عدم مشاركتهما في حكومة الانتخابات المؤقتة، وهو ما وضع حزب العدالة والتنمية في موقف حرج مع اقتراب موعد الانتخابات المبكرة، خاصة وأن أحزاب المعارضة تستعد بفي حملاتها الانتخابية لاتهام الحزب الحاكم باتباع "سياسة مزدوجة المعايير" من جانب، وتشكيل حكومة مؤقتة مع حزب الشعوب الديمقراطية الكردي الذي تنتقده بأسلوب شديد اللهجة وتحمله مسؤولية العمليات "الإرهابية" كونه الامتداد السياسي لمنظمة حزب العمال الكردستاني.

وقد وجه داود أوغلو دعوة لثلاثة أسماء من نواب حزب الشعوب الديمقراطية، وهم علويون وبعيدون عن الحركة السياسية الكردية، وهم لفنت توزل، نائب عن مدينة "اسطنبول"، ومسلم دوغان، نائب عن مدينة "إزمير"، وعلي حيدر كونجا، نائب عن مدينة "كوجالي"، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تأتي لإرضاء ناخبي الحزب الحاكم وفي نفس الوقت تمثل ضربة للحزب الكردي.

وعلى الجانب الآخر، رفض النواب الخمسة من حزب الشعب الجمهوري الذين تلقوا رسائل من داود أوغلو التعاطي إيجابيا مع عرضه، ومنهم دنيز بايكال، الرئيس الأسبق للحزب المعارض الرئيسي بالبلاد، وحفيدة رئيس الجمهورية الثاني عصمت إينونو، وصهر رئيس الجمهورية الراحل سليمان ديميريل، وهي خطوة وصفها مراقبون أيضا بأنها كانت بمثابة "فخ سياسي" لضرب حزب الشعب الجمهوري في حال موافقة أحدهم.