رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إنهم يحرقون الأطفال أحياء!


أما هم فيقومون بذلك. وليست حادثة على دوابشة هى الأولى من نوعها، فمازالت تجوب العالم صورة الطفل «محمد الدرة» الذى تعقبه قناص يهودى فى 30 سبتمبر عام 2000 ولم يتركه إلا جثة بين ذراعى والده. وفى يوليو العام الماضى اختطف اليهود الطفل محمد أبو خضير البالغ سبع سنوات، وزجوا به فى سيارة وعذبوه فى غابة ثم أحرقوه حياً. وإحراق الأطفال أحياء ليس حادثة استثنائية بل جزء من خطة تتعامل بها النازية اليهودية مع الأطفال الذين يشكلون نصف تعداد المجتمع الفلسطينى، بدءاً من هدم مدارسهم، وتعرضهم للضرب من المستوطنين أثناء ذهابهم للتعلم، ووضع قيود على حركة التنقل، وفتح النار عشوائياً عليهم، واعتقالهم بسبب رشقهم جنود النازية بالحجارة، وتعذيبهم أثناء التحقيق معهم. وحسب ما جاء فى تقرير إسرائيلى فإن محاكمة الطفل الفلسطينى لا تستغرق سوى ثلاث دقائق وأربع ثوان! هذا بينما يبلغ عدد الأطفال الذين يتم اعتقالهم سنوياً نحو ألف طفل، يتعرضون فى السجون وفق تقارير الأمم المتحدة لشتى أنواع التنكيل حتى الاغتصاب الجنسى. وتستهدف النازية اليهودية بكل ذلك تحقيق ما صرح به أحد قادتها العسكريين من أنه: «يجب وأد روح المقاومة لدى الأجيال القادمة». ولوأد روح المقاومة ينبغى إحراق الأطفال أحياء. وليست هذه الجرائم ببعيدة عن استهداف أطفالنا فى مدرسة بحر البقر، ولا عن إجبار مائتى وخمسين أسيراً مصرياً بعد نكسة 67 على حفر قبورهم بأياديهم ثم دفنهم أحياء فيها. وعلى امتداد تاريخ العدوان لم يعرف العالم احتلالاً استيطانياً بربرياً كالذى وقع فى فلسطين، حيث يقتلع الغزاة الزرع والشجر ويهدمون البيوت والمدارس ويردمون الأنهار كأن الحياة ذاتها كلها عدوة لهم! وبعد ذلك يسرقون آثار الشعب الفلسطينى وتراثه الثقافى ليصطنعوا به لأنفسهم تاريخاً، كما تفعل الوحوش حين تحيط رقابها بعقود ملونة. وفى كتابه المهم» الشخصية اليهودية الإسرائيلية والروح العدوانية» سعى د. رشاد الشامى لتحديد معالم تلك الشخصية التى تختزن بداخلها كل مقومات العنف والقسوة والوحشية، ويستشهد خلال ذلك بلوحة متماسكة من مقتطفات القصص اليهودية والقصائد والوقائع التاريخية والخطابات العسكرية ومناهج التعليم والعادات. ويشير «د. الشامى» إلى دراسة أجراها الباحث الأمريكى «بارى بليخمان» وانتهى فيها إلى أن: «الانتقام الإسرائيلى سلوك قومى»! ويقدم د.الشامى نموذجاً لذلك قصيدة لشاؤول تشيرنحوفسكى يخاطب فيها أخاه اليهودى بقوله: «سنصعد كل ليلة من قبورنا.. لنرضع من أنهار الدم.. قطرة فقطرة». هذا ما يكتبه شعراؤهم.. فما الذى يبقى بعد ذلك سوى إحراق الأطفال الرضع أحياء؟!. إنهم يريدون حسب قولهم قتل روح المقاومة فى المستقبل، لكن التاريخ يؤكد أن الماضى يطوى كل من يحاول قتل المستقبل.

كاتب وأديب