رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكرى وفاة البابا شنودة.. الرجل الذي جسد معنى الوطنية بحق

البابا شنودة
البابا شنودة

رحل رمز الوحدة الوطنية والزعامة السياسية، الذي ترك لرعيته ثروة من الشعر والكتب والمواقف التاريخية، والعلاقات الوطنية التي لا يحصى عددها سواء كان داخل مصر أو خارجها.

بدأت حياته، من دير وادى النطرون، وانتهت هناك أيضًا، فعاش حياة الوحدة في مغارة تبعد حوالي 7 أميال عن مبنى الدير، مكرسًا فيها كل وقته للتأمل والصلاة فكان يهرب إليها ليخطف ساعات مع الله، وهو بعيدًا عن العالم وأتعابه.

البابا شاعرًا، معلمًا حكيمًا، راعيًا أمينًا.. قام البابا شنودة بكتابه الشعر ومن ضمن أشعاره "يعملوني عميد"، وهذه القصيدة كتبها وهو طالب فى السنة الثانية بكلية الآداب، "ومن تكون"، كتبها عام 1960، وقصيدة حرمت الجبال كتبها عام 2009، وماذا بعد هذا "وكيف صرت" قالها فى عيد جلوسه 36.

وقام بإنشاء عدد من المعاهد والكليات الإكليريكية، ومعاهد الرعايا التى انطلقت من مصر حتى بلاد المهجر، واهتم بدور المرأة القبطية والمصرية، فجعلها معلمة ومتعلمة، وقام بالتشجيع على إنشاء منظمات ومؤسسات حقوقية للدفاع عنها.
 
وقام بحركة تجديد واسعة بالكنائس والأديرة، حيث ساعد في إنشاء عدد كبير من الكنائس والأديرة، رغم الصعوبات التي كان يواجهها مع الأنظمة الحاكمة. وأسس خدمة البر، التى تساعد غير القادرين على المعيشة والأيتام والمحتاجين، وكان يقوم بتفقد شعبه أسبوعيًا، من خلال وعظاته داخل الكاتدرائية، ومن خلال الكلمات البسيطة التى كان يرسلها لهم فى كل عظة.

مواقف تاريخية.. من أشهر مواقفه التاريخية مع السادات، التسوية مع العدو في كامب ديفيد، الذى تعرض بسببه لاحقًا إلى مضايقات من السادات، ومع ذلك أعلن رفضه للتطبيع مع العدو، وحرم على رعاياه الأقباط الذهاب إلى القدس، وهي تحت الاحتلال الصهيوني، وقال: "لن ندخل القدس إلا مع إخواننا المسلمين بعد تحريرها"، فكان يتحدث دائمًا، عن التاريخ كثيرًا من بداية الخلفاء المسلمين وولايتهم، وكان يذكر اهتمامهم بالمسيحيين من كل ناحية، وكان يتحدث عن كنيسة "أبو سرجة" فى مصر القديمة، التى اهتم ببنائها الخلفاء المسلمون. وكثرت الأقوال من قبل، عن حضوره مؤتمرًا صحفيًا عالميًا، فعند حديثه أذن الأذان، فقام بالصمت إلى حين انتهاء الأذان، فقام الحاضرون بالتصفيق الحاد له لاحترامه لجميع الأديان.

ومن أكثر المواقف الصعبة، التي مر بها فى أحداث ماسبيرو، عندما فقدوا حوالي 45 من أبناء الكنيسة فهرب إلى خلوته بدير النطرون، وقام بالصلاة والصوم إلى الله، حتى يزيل هذا الحمل من على أكتافه.

شيعت مصر، جنازة البابا شنودة الثالث مثلما شيعت من قبل جنازة زعيم الأمة جمال عبد الناصر، وسط أجواء من الزحمة الشديدة التي شهد بها شارع رمسيس بالعباسية، وسط حشود من المصريين التى لا يحصى عددها، التى أطلق عليها "مليونية حب"، "مليونية وداع"، التي شارك فيها أكثر من 110 أساقفة و500 قس ومئات الآلاف من الشعب الذي ودعه من الكاتدرئية المرقسية بالقاهرة.

وهو على الكرسى البابوى إلى مطار القاهرة، بحضور موكب عسكري وصل بجثمانه إلى المطار، لنقله إلى وادي النطرون، وعند وصل جثمانه إلى وادي النطرون، دخل إلى الدير بصعوبة بسبب انتظار الشعب وصول جثمانه إلى الدير بحشد هائل. وعبر الشعب المصري، بإطلاق مجموعة من الأسماء عليه مثل "أسد الكرازة .. الإنسان الملائكي .. الأب العظيم .. الراعي الأمين".