رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأمين التنفيذي لـ"حظر التجارب النووية": الخطر بات يمس الجميع

لاسينا زيربو
لاسينا زيربو

أكد الأمين التنفيذي للجنة التحضيرية لمنظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية لاسينا زيربو على أن منع الانتشار النووي أصبح ضروريا في ظل الأوضاع الراهنة التي تمر بها المنطقة والعالم؛ خاصة أن الخطر بات يمس الجميع.. داعيا في هذا الإطار إلى ضرورة التعاون فيما بين الدول والتفكير جديا في تحقيق السلم والأمن العالميين.
وقال زيربو – في مقابلة مع مراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط في عمان على هامش حفل إطلاق التدريب الميداني المتكامل التابع للمنظمة لعام 2014 في منطقة البحر الميت – "إن انتشار النووي قد يساعد الإرهابيين في الحصول على الأسلحة النووية ومن ثم يقومون بتهديد الجميع ، وهو ما يتطلب التعاون والتفكير برؤية غير عاطفية ووضع آليات ومعايير لمنع النووي".
ونبه في هذا الإطار إلى أن فترة الخمسينات والستينات شهدت سباقا محموما بين الدول الكبرى والصغرى لامتلاك الأسلحة النووية حيث كانت اليابان أول دولة ترى وطأة ودمار القنبلة النووية ، إلا أن الأمر بات يختلف الآن ويتطلب ضرورة تغيير الإطار التعليمي عند الحديث عن نزع السلاح ومنع الانتشار.
وعما إذا كانت المنظمة تتخذ إجراء عقابيا بحق الدولة العضو التي تنتهك اتفاقية حظر التجارب النووية ؟..أجاب زيربو "دورنا هو الردع وليس فرض العقوبات ، لأن المجتمع الدولي هو الذي يحدد أي نوع من الإجراءات العقابية يفرضها على الدولة التي تقوم بتجربة نووية".
وشدد في هذا الإطار على ضرورة تفعيل المعاهدة وأن ينشأ عنها مجلس تنفيذي تشارك فيه الدول الأعضاء من كل منطقة في العالم ، موضحا أنه في حال وصول هذا المجلس لمعلومات تفيد بوجود شبهة إجراء تجربة نووية يطلب فورا بعمل تفتيش ميداني حقيقي وليس محاكاة ثم تتبعه الإجراءات الواحدة تلو الأخرى في الإطار المتعدد الخاص بآليات نزع السلاح وصولا إلى مجلس الأمن الدولي لأن من مهامه حماية السلم والأمن العالميين .
وقال "إنه على الرغم من المعاهدة غير المفعلة ، إلا أن محطات الرصد التابعة لمنظمة حظر التجارب النووية التي تم افتتاحها في العام 2000 كشفت بسرعة وبدقة فائقة عن إجراء كوريا الشمالية ثلاث تجارب نووية والتي أدانها مجلس الأمن".
وعن رؤيته لمقترح مصر بشأن إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل والنووي ؟ .. أجاب زيربو "بأن مصر قلقة بشأن انتشار أسلحة الدمار الشامل في المنطقة ورأيها واضح جدا في هذا الأمر ، ومع ذلك فإننا نريد أن نطلق من الأردن رسالة ثقة لجميع دول المنطقة بأن المملكة تعطي نموذجا لدولة عضو في الاتفاقيات المختلفة ولها رؤيتها فيما يتعلق بإرساء الأمن العالمي".
وأوضح "أننا نتفهم جيدا أن كل دولة لها رؤيتها للأمن القومي ومع ذلك فإننا نحاول التوصل لتفاهم مشترك معها"..مضيفا "أننا بدأنا المعاهدة بوجود دول نووية ولا نستطيع تغيير الوضع ولكن نسعى إلى عدم زيادة الأسلحة النووية الموجودة وألا تصبح أكثر قوة".
وعما إذا كانت هناك آليات لمراقبة التجارب النووية في المنطقة ؟ ..أجاب زيربو "نحن لا نركز على دولة بعينها ولكن لدينا تبع الاتفاقية نظام رصد دولي وهو مكتمل بنسبة تتجاوز 90% ، وهو قائم على شبكة من المحطات موجودة في جميع أنحاء العالم ، وهي تقوم برصد كل ما له علاقة بالتجارب النووية في الجو وعلى الأرض وتحت الماء ويتم بنفس التساوي ما بين منطقة في جنوب شرق آسيا أو في الشرق الأوسط ، أي لا نركز على دولة بعينها".
وحول ماهية سبل تفعيل اتفاقية حظر التجارب النووية ؟..قال الأمين التنفيذي "إن المعاهدة تكاد تكون عالمية لكنها لاتزال تحتاج إلى أن تصبح قانونا ملزما حيث يبلغ عدد البلدان الموقعة عليها 183 دولة فيما صادق عليها من إجمالي هذا العدد 162 دولة" ، مشيرا إلى أن هناك ثلاث دول في المنطقة وهي مصر وإيران وإسرائيل - من بين الدول الثماني ذات القدرات التكنولوجية النووية - تعمل معها المنظمة على كذا صعيد.
وأضاف "أننا نحاول من خلال الجهود أن نشغل محطات الرصد لدى هذه الدول لأنها موقعة على المعاهدة من أجل إرسال المعلومات إلى مركز البيانات العالمي في فيينا الذي يقوم بتحليلها ويرسلها إلى كافة الدول الأعضاء" ، مشيرا إلى أن هناك جهودا سياسية تستهدف خلق ظروف خاصة ببناء الثقة تجعل الدول ربما تفكر في إعادة النظر مرة أخرى بموقفها.
ولفت إلى أنه زار إسرائيل مؤخرا والتقى بالمسئولين المعنيين هناك وأيضا مع وزير خارجية إيران في نيويورك ، قائلا "إننا نستهدف من وراء هذه اللقاءات خلق نوع من الثقة حتى تتبين هذه الدول عما إذا كانت الاتفاقية ستحقق لها جزءا من منظومة الأمن القومي أم لا؟".
وعن المعايير التي تضعها المنظمة لاختيار الدول المضيفة لتمرين التفتيش الموقعي ؟ قال زيربو إن ثلاث دول تقدمت لاستضافة هذا التمرين وهي المجر وأوكرانيا والأردن ، فيما وقع الاختيار على المملكة لعدة أسباب أولها أنها دولة موقعة ومصدقة على اتفاقية حظر التجارب النووية، كما أنها متعاونة جدا وتريد أن تدخل المعاهدة حيز النفاذ.
أما السبب الثاني – وفقا للأمين التنفيذي – يتمثل في طبيعة الأرض أي أن منطقة البحر الميت مناسبة جدا لعمل المحاكاة لتدريب ميداني، علاوة على أن التمرين يبعث برسالة تطمين من الأردن للجميع بأننا "جاهزون بقدراتنا للتحقق من أية تجارب نووية وأن المملكة هي مرتكز للاستقرار في المنطقة".
وفيما يتعلق بتقييمه للتعاون الذي أبدته الحكومة الأردنية لإنجاح التمرين؟ ، قدم زيربو الشكر للأردن على تعاونه في هذا الإطار ، قائلا "إن الأردن قدم أفضل مستوى تعاون لإنجاح التمرين، كما نعمل سويا لبناء الثقة ولدخول الاتفاقية حيز النفاذ لأنها جزء من محاولات نزع السلاح النووي ومنع الانتشار".
وعن كيفية تقييم التمرين وعدد الدول المشاركة فيه ؟..أفاد الأمين التنفيذي بأن 50 دولة من جميع أنحاء العالم تشارك في التمرين وهي من إجمالي الأعضاء البالغ عددهم 183 ، مؤكدا على أن مصر وإسرائيل من بين الدول المشاركة في التمرين فيما تعد الولايات المتحدة الأمريكية أكبر دولة مشاركة على مستوى الخبراء إلى جانب ألمانيا وأوروبا وروسيا والصين وغيرها من الدول.
وقال إن المعدات المستخدمة في التمرين تبلغ 150 طنا فيما يبلغ عدد المفتشين 40 مفتشا إضافة إلى فريق مكون من 20 شخصا لتقييم التجربة والدروس المستفادة..موضحا أن المفتشين يقومون بعمل تقييم أولي لما يجدونه ويكون ذلك مرفقا بالبيانات العلمية والدقيقة وبعد ذلك تنظر الدول الأعضاء في هذا التقرير التقييمي لتبين عما إذا كانت قد حدثت تجربة نووية أم لا.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة وغيرها من الدول قدمت معدات كمساهمات عينية، كما أن الصين قدمت جهازا محمولا حديثا ، يعد الوحيد في العالم ، بهدف تحليل التربة ولمعرفة ما إذا كان غاز الأرجون موجودا أم لا.
وعما إذا كانت المعدات المستخدمة في التمرين ستبقى في الأردن أم لا ؟ أجاب الأمين التنفيذي بأن المعدات سيتم إرجاعها مرة أخرى إلى مقر المنظمة في فيينا لأنها تعد جزءا من رأسمالها فيما سيستفاد العلماء الأردنيون وغيرهم من تبادل الخبرات العلمية الجديدة.
وقدر تكاليف التمرين بواقع 20 مليون دولار أمريكي (من بينها 10 ملايين ثمن المعدات)..منوها بأن الأردن قدم الدعم اللوجيستي للمشاركين في التمرين، فضلا عن أن السلاح الملكي الأردني وفر طائرات الهليكوبتر لأن جزءا من عمليات الرصد تتم بواسطتها .. ومؤكدا في الوقت ذاته على أن الأردن وفر الحماية للمشاركين ومساحة الألف كم متربع التي يجري عليها التمرين.
والتمرين ، الذي استضاف الأردن نسخته المصغرة عام 2010 ، وهمي يحاكي الواقع ولا تستخدم فيه أسلحة أو مواد نووية ويقيس جاهزية المنظمة للتحقق من أية تجارب نووية أينما كانت.
وكان الأردن قد وقع على اتفاقية الحظر الشامل للتجارب النووية عام 1996 وصادق عليها في عام 1998 ، حيث تنسجم هذه الاتفاقية مع السياسة والمباديء الأردنية الرامية إلى نزع السلاح وبناء السلم العالمي وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.
ومعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية..هي معاهدة تحظر إجراء تفجيرات نووية فى أي مكان على سطح الأرض ، أو فى الغلاف الجوى ، أو تحت الماء ، أو في باطن الأرض ، وتجعل من الصعب جدا على البلدان التي لا تمتلك قنابل نووية أن تنتج هذه القنابل وأيضا على تلك التي تملكها (القنابل) أن تنتج قنابل أشد فتكا كما أنها تمنع الأضرار الهائلة التي يلحقها النشاط الإشعاعي الناجم عن التفجيرات النووية بالإنسان والحيوان والنبات.
ويطلق على المنظمة (اللجنة التحضيرية لمنظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية) نظرا لأن المعاهدة لم تدخل حيز التنفيذ وقد تأسست في العام 1996 ويعمل بها أكثر من 260 موظفا ينتمون إلى أكثر من 70 بلدا ، ويقع مقرها في فيينا ، ويرأسها أمينها التنفيذي لاسينا زيربو (من بوركينا فاسو)، وتتمثل المهام الرئيسية للجنة في الترويج للمعاهدة وبناء نظام التحقق بحيث يكون جاهزا للتشغيل عند دخولها حيز النفاذ وتبلغ ميزانيتها 120 مليون دولار أمريكي (أي ما يعادل 82 مليون يورو).