رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المستشفيات الحكومية.. "مصائد للموت لحصد أرواح المرضى"

جريدة الدستور

إهمال.. سوء معاملة.. نقص إمكانيات.. خدمة سيئة.. استهانة بأرواح البسطاء.. عندما تجتمع كل هذه الصفات السيئة في مكان فأنت إذن في مستشفى حكومي.
المستشفيات الحكومية في مصر، تحولت إلى "مصائد للموت تحصد أرواح المرضى"، ومن يفلت من الموت، يخرج مصابًا بعاهة مستديمة أو يدخل في غيبوبة تنتهي بالوفاة.
الأطباء من جانبهم لا يهتمون بهذا الأمر، فالمسئول دائمًا عندما تسألهم عن هذه المآسي، فإنه يكون القدر تارة وضعف الإمكانيات تارة أخرى.
وبالنظر إلى الإحصائيات، فإن مصر تأخرت إلى المرتبة الـ66 على مستوى الصحة في العالم وفق إحصائية منظمة الصحة العالمية لسنة 2013.
"الدستور" تجولت في عدد من المستشفيات الحكومية، لتضع أمام القارئ مدى الإهمال الذي وصلت إليه المستشفيات الحكومية، التي تحولت إلى مقابر للموت.
يقول أحمد محمود "27 عامًا"، أحد ضحايا المستشفيات الحكومية: "دخلت المستشفى منذ أكثر من شهر لإجراء عملية رباط صليبي في الركبة ولم يقم أحد من الأطباء بفحصه أو إجراء أي تحاليل داخل المستشفى".
وأضاف: "اضطررت لإجراء التحاليل على حسابي الخاص وأنفقت عليها أكثر من 1000 جنيه في المعامل الطبية الخاصة، وبناءً عليها تم تحديد موعد إجراء العملية بعد أسبوع".
وأشار إلى أن العملية تم تأجيلها أكثر من مرة، وفي كل مرة يقوم الأطباء بإصدار قرار بمغادرته للمستشفى لمدة أسبوع لاستقبال حالات أخرى مكانه، مما يحملني تكاليف مادية تفوق قدرتي فأنا عامل أرزقي بشتغل يوم ويوم، وبعد انتهاء الأسبوع لاستكمال مأساة العلاج بالمستشفى لا أجد مكانًا داخلها وأفترش الأرض في انتظار سرير خالٍ داخل أحد العنابر .
واستطرد: "لا أحد يقوم بفعل شيء دون مقابل الممرضين وعمال النظافة كل همهم جمع المال وشعارهم الخدمة لمن يدفع أكثر والأطباء لا نراهم سوى مرة واحدة كل يوم أو يومين ومعاملتهم سيئة للغاية مع المرضى، ولا يعلمون أحدا بحالته وأكثرهم صغير السن، أما الأطباء المتخصصون لا نراهم ولا يحضرون أكثر من ساعة يوميا ومازلت حتى الآن أعاني وأنتظر رحمة الله وأن يمن عليَّ الأطباء ويقومون بعمل العملية".
أما عرفات السيد، وهو أحد مصابي ثورة يناير وأحد ضحايا مستشفى قصر العيني، استلمه المستشفى عقب الاشتباكات التي حدثت في الثامن والعشرين مصابا بطلق ناري في الكتف، وتم حجزه ولم يلق العناية الطبية الكاملة، وافترش الأرض لعدة أيام حتى وجد سريرا ينام عليه، وتم إجراء العملية له وتركيب شريحة بكتفه.
وأضاف: "دائما ما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ولم يمر سوى قليل من الوقت وخرجت الشريحة من جسمه وعاد مرة أخرى إلى المستشفى لمعرفة سبب خروج الشريحة، لكن تم تأجيل العملية لأكثر من مرة".
وتساءل عرفات: لماذا تم تأجيلها هل أحتاج إلى واسطة مثل باقي المرضى الذين لهم معارف داخل المستشفى؟، مشيرًا إلى أنه محجوز منذ سبعة أشهر داخل المستشفى أكثر من مرة الذي كان يرفض استلامه بحجة أنه لا توجد أماكن خالية.
ويسرد أحمد حمدي "45 عامًا، مدرس"، رحلة علاجه داخل ثلاثة مستشفيات حكومية بعد إصابته بكسر في الركبة والفخذ وتقطع في الأوتار إثر إصابته في حادث سير: بدأت المعاناة داخل مستشفى التأمين الصحي بالفيوم الذي أمر بتحويله إلى مستشفى الهلال الأحمر نتيجة لنقص الإمكانيات والأدوية، وفوجئ بعد تحويله برفض المستشفى استقباله بحجة عدم وجود أسرة جاهزة لاستقبال الحالة.
بعد ذلك يكمل أحمد: بدأت رحلته مع مستشفى قصر العيني الذي تعنت في استقباله لولا توسل ذويه للأطباء، وكادت زوجته تقبل قدم المسئولين بالمستشفى حتى وافقوا على قبوله داخل المستشفى.
وتابع: "تم حجزي داخل المستشفى وبقيت ملقيا على الأرض لأكثر من شهر، في انتظار دوري لإجراء عملية تركيب شريحة ومسامير، حتى أن جرحي تعفن".
وأضاف: "بقيت هكذا لأكثر من شهر حتى تدخل أحد معارفه من عمال النظافة بالمستشفى".
وتابع: "بعد إجراء العملية بعدة أشهر حاولت أمشي على قدمي فوجدت أن هناك عجزا في القدم التي أجرى فيها العملية ولا أستطيع المشي بشكل طبيعي".
وختم: "هل على كل مواطن مصري أن يودع أهله قبل دخوله للمستشفيات الحكومية، ربما يدخل ولا يخرج منها إلا وهو محمولا في نعشه على الأعناق بسبب الإهمال".