حلّ السلطة الفلسطينية؟!
تهديد سخيف، وطريف أيضًا، بـ«تفكيك السلطة الفلسطينية وحلِّها إذا استمرت تحركاتها ضد إسرائيل فى الأمم المتحدة»، نقلته عدة صحف عبرية، أمس الأول، الأحد، عن وزير الخارجية الإسرائيلى. وكان لافتًا، أن يلتقى سفيرنا فى رام الله، مساء اليوم نفسه، رئيس الوزراء الفلسطينى، ويؤكد اعتزام الدولة المصرية تقديم كل سبل الدعم لإنجاح حكومته، مشددًا على وقوف مصر الدائم إلى جانب الشعب الفلسطينى حتى ينال حقه المشروع فى إقامة دولته المستقلة، على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.
السلطة الوطنية الفلسطينية، تعدّ تجسيدًا مبدئيًا لدولة فلسطين، وتستمد شرعيتها من إرادة الشعب الفلسطينى، والقانون الدولى، وليست رهينة لدى دولة الاحتلال. غير أن هناك مخاوف فعلية من احتمال انهيارها، ليس لاستمرار تحركاتها الأممية ضد إسرائيل، لكن بسبب «انهيار فى المالية العامة» مع «نضوب الإيرادات»، حسب تقرير أصدره «البنك الدولى»، كما أشارت بيانات وزارة المالية الفلسطينية إلى أن الديون المتراكمة على السلطة تجاوزت ١١ مليار دولار، نتيجة الإجراءات العقابية الإسرائيلية، أحادية الجانب، وغير القانونية، التى لا تستهدف السلطة فقط، بل تسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية.
فى هذا السياق، جدّد سفيرنا فى رام الله، إيهاب سليمان، تأكيد الموقف المصرى الداعم للقضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن مصر تواصل جهودها من أجل وقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، وتأمين دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وتتابع، عن كثب، ما يحدث فى الضفة الغربية من تصعيد خطير. وخلال لقائه، مساء أمس الأول الأحد، مع الدكتور محمد مصطفى، رئيس الوزراء الفلسطينى، وزير الخارجية، تناول جهود الحكومة الفلسطينية إزاء التصعيد الإسرائيلى الخطير فى محافظات شمال الضفة الغربية، والجهود المبذولة لمواجهة الأزمة المالية التى تتعرض لها السلطة الفلسطينية، منذ بداية الحرب بشكل خاص، وأيضًا دورها فى إغاثة الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة وتقديم بعض الخدمات الأساسية له، على الرغم من التحديات المفروضة، خاصة فى ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة التى يعيشها سكان القطاع.
المهم، هو أن تهديد وزير الخارجية الإسرائيلى جاء ردًا على مشروع قرار تقدمت به السلطة الفلسطينية للجمعية العامة للأمم المتحدة، من المقرر أن يتم التصويت عليه، خلال أيام، يطالب بإجبار إسرائيل على تنفيذ قرار «محكمة العدل الدولية»، الذى يطالب بإنهاء الوجود الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية، وإنهاء المشروع الاستيطانى، و«عودة الفلسطينيين إلى أرضهم»، ومنع بيع الأسلحة إلى إسرائيل إذا كان من الممكن استخدامها فى المناطق الفلسطينية، و... و... وعدم إنشاء مزيد من السفارات فى القدس المحتلة.
القرار الصادر عن محكمة العدل الدولية، فى ١٩ يوليو الماضى، قال إن سياسة إسرائيل الاستيطانية بالضفة الغربية تنتهك القانون الدولى، وطالب بوقف هذه السياسة والاستيطان الجديد، وإلغاء «جميع التشريعات والتدابير التى تخلق أو تحافظ على هذا الوضع غير القانونى»، بما فى ذلك تلك التى قالت إنها «تميّز ضد الشعب الفلسطينى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة»، مع تقديم إسرائيل تعويضات عن أى ضرر ناجم عن «أفعالها الخاطئة». وفوق ذلك، قالت المحكمة إن الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة مُلزَمة بعدم الاعتراف بالتغييرات فى وضع الأراضى الفلسطينية، وملزمة، أيضًا، بعدم مساعدة أو دعم حكم إسرائيل لتلك الأراضى، وضمان إنهاء أى عائق «لممارسة الشعب الفلسطينى حقه فى تقرير المصير».
.. وتبقى الإشارة إلى أن رئيس الوزراء الفلسطينى أعرب خلال لقائه سفيرنا فى رام الله، أمس، عن تثمينه الدور المحورى، الذى تضطلع به مصر، منذ بداية الأزمة الراهنة، ورآه استمرارًا لدورها التاريخى بشأن القضية الفلسطينية. كما أثنى على جهود الدولة المصرية، رئيسًا وحكومةً وشعبًا، فى دعم الشعب الفلسطينى، وأشاد بدعمها للقضية الفلسطينية فى كل المحافل الدولية، مقدرًا موقفها الحاسم لمنع تصفية القضية، برفضها تهجير الشعب الفلسطينى من أرضه، وجهودها الكبيرة لوقف إطلاق النار، وإغاثة الفلسطينيين فى قطاع غزة، واستقبالها الآلاف من أبناء الشعب الفلسطينى وتوفير الخدمات الأساسية لهم.