رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف يفكر "الوزير" فى ملف الصناعة

منذ حوالي أسبوع عقد الرئيس السيسي اجتماعًا مع الدكتور مصطفي مدبولي، رئيس الوزراء، والفريق كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء ووزير الصناعة وجه فيه الرئيس إلى تذليل جميع العقبات أمام ملف الصناعة المهم جدًا بالنسبة لمصر، خلال السنوات المقبلة، والذي يعد الحل الأمثل لإنهاء أزمة سعر صرف العملات الأجنبية، 
وقبلها التقط كامل الوزير الخيط وصرح بأن وزارة الصناعة سوف تنتج الدولار.. وهو هنا بالطبع لا يقصد تصنيع أو إنتاج بالمعنى الحرفي، لكنه يقصد بالطبع أن إنشاء المصانع يعني زيادة الإنتاج والتصدير، وبالتالي ينخفض سعر الدولار. 
التفكير في الاتجاه إلى الصناعة والتصنيع كملف قادر على أن يكون قاطرة التقدم الحقيقي لمصر هو بداية الطريق الصحيح بالطبع، وإن كنا تأخرنا في ذلك. 
التصريحات التي أطلقها وزير النقل والصناعة كامل الوزير بعد توليه مسئولية الوزارتين في الحكومة الجديدة كانت حماسية ومبشرة، وجاء بعدها اجتماع الرئيس ثم إعلان وزير الصناعة عن توفير أراضي صناعية لأي مستثمر بمجرد التقديم ومن خلال الشباك الواحد. 
الحقيقة أن الاتجاه إلى التصنيع ليس وليد اليوم، إنما اتجاه قديم في مصر، ولنا تجارب عديدة في هذا الاتجاه حتي قبل ثورة 1952 علي يد طلعت حرب وغيره من المصريين، وبعد ثورة 52 كان التصنيع قضية حياة أو موت، ونجحت مصر في إنشاء العديد من الصروح، مثل الحديد والصلب والغزل والنسيج والألمونيوم وغيرها من المصانع وكانت كلها تابعة للقطاع العام، ونجحنا في تصنيع السيارات نصر والثلاجات، وغيرها من الأجهزة بالإضافة إلى الملابس والأحذية. 
وشهدت سنوات الرئيس الراحل مبارك تجربة مختلفة في التصنيع، لكن على يد القطاع الخاص في المدن الصناعية الجديدة، إلا أن معظمها كان لإنتاج سلع استهلاكية للسوق المحلية، ولم يستفد منها الاقتصاد المصري بشكل كبير. 
التصنيع الحقيقي لا بد أن يسير على قطبين، الأول تشجيع القطاع الخاص في إنشاء مصانع ثقيلة، مثل التي أنشأتها الدولة في فترة الستينيات، والثاني جذب استثمارات أجنبية وتوطين التكنولوجيا والصناعات المتقدمة في مصر، 
فكيف يفكر كامل الوزير في هذا الملف المهم الذي لا يكفي فقط أن يكون الوزير متحمسًا ولديه قدرة على الإنجاز، مثلما هو معروف عن وزير الصناعة الجديد. 
نحتاج أن يعمل الوزير بشكل جماعي ومتناغم مع وزارات أخرى، مثل وزارة الاستثمار وأن يتحول الملف إلى ما يشبه القضية القومية ونحدد له خطة قصيرة الأجل وأخرى طويلة. 
الخطة قصيرة الأجل تعتمد على فتح المصانع المغلقة وتذليل أي عقبات أمام الاستثمارات الأجنبية، والتركيز على المنطقة الاقتصادية بقناة السويس، وهي منطقة واعدة جدًا وجاذبة للاستثمار. 
وخطة طويلة الأجل تعتمد على نقل وتوطين التكنولوجيا الحديثة وإنتاج السيارات والطائرات والمعدات الثقيلة داخل مصر عن طريق شراكات مع المؤسسات والشركات العالمية. 
ويجب ألا ننسي ملف الصناعات الصغيرة والمتوسطة والصناعات التكميلية، ووضع تصور واضح لها، من خلال تشكيل حاضنة من الدولة لصغار الصناع، كما فعلت الصين والهند وتحولت بهذه الصناعات إلى مقدمة الاقتصادات في العالم.