وقف إطلاق النار.. والسنوار
فى مؤتمر صحفى، عقده أمس الأول الأربعاء، وصف ماثيو ميللر، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، يحيى السنوار، الذى صار رئيس المكتب السياسى لحركة «حماس»، بأنه «إرهابى وحشى، يداه ملطختان بالدماء» وطالب بتقديمه للعدالة، ثم قال إن مفاوضات وقف إطلاق النار فى قطاع غزة يجب أن تستمر، بغض النظر عمّن يقود الحركة، مؤكدًا أن بلاده قطعت شوطًا طويلًا للتوصل إلى اتفاق!
بالتزامن، تعهّد هيرتسى هاليفى، رئيس أركان جيش الاحتلال، لجنوده فى قاعدة تل نوف الجوية، بأن يسعى جاهدًا لـ«العثور على السنوار وتصفيته واستبدال رئيس المكتب السياسى لحماس مجددًا»، كما كتب وزير الخارجية الإسرائيلى، فى حسابه على شبكة «إكس»، أن «تعيين الإرهابى يحيى السنوار على رأس حماس، سبب إضافى لتصفيته سريعًا، ومحو هذه المنظمة الحقيرة من الوجود». ومع ذلك، قال جون كيربى، المتحدث باسم مجلس الأمن القومى الأمريكى، إن إسرائيل و«حماس» قريبتان من التوصل إلى اتفاق. ونقلت وكالة «رويترز» عن ثلاثة مصادر فلسطينية، من بينها مسئول فى «حماس»، أن القيادى فى الحركة، خليل الحية، سيواصل قيادة المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، بتوجيه من السنوار.
فى بيان مقتضب، أعلنت حركة حماس، الثلاثاء الماضى، عن اختيار يحيى السنوار رئيسًا لمكتبها السياسى، خلفًا لإسماعيل هنية، الذى جرى اغتياله فى العاصمة الإيرانية طهران. ونقلت وكالة «بلومبيرج»، وغيرها، عن مخيمر أبوسعدة، أستاذ العلوم السياسية، وغيره، أن هذا الاختيار إشارة إلى رفع «حماس» راية التحدى، بينما قال المحلل الإسرائيلى مردخاى كيدار، إن السنوار كان يدير ويتحكم فى حماس منذ ٧ أكتوبر، ووصف اختياره رئيسًا للحركة بأنه مجرد ترجمة للوضع القائم. والمعنى نفسه، أكده أمير أورن. وسبق هذا وذاك، الرئيس الإسرائيلى يتسحاق هرتسوج، الذى قال، فى مارس الماضى، إن كل شىء يبدأ وينتهى مع السنوار، مؤكدًا أن العثور عليه هو السبيل الوحيد لاستعادة المختطفين.
الرجل، الذى كان يرأس مكتب «حماس» فى قطاع غزة، منذ سنة ٢٠١٧، يتصدّر قائمة الذين تستهدف إسرائيل تصفيتهم، منذ هجوم ٧ أكتوبر. وبعد أيام من الهجوم، وصفه ريتشارد هيخت، المتحدث باسم جيش الاحتلال، بأنه «ميت يمشى على الأرض»، والوصف نفسه نسبته صحف عبرية، و«فاينانشيال تايمز» البريطانية، لرئيس الوزراء الإسرائيلى. غير أن جريدة «نيويورك تايمز» الأمريكية، نقلت عن مسئولين إسرائيليين وأمريكيين، فى مايو الماضى، أن السنوار «مفاوض ذكى، نجح فى منع حدوث انتصار إسرائيلى فى ساحة المعركة بينما جعل المبعوثين الإسرائيليين يشاركون على طاولة المفاوضات». وفى مقال نشرته جريدة «جيروزاليم بوست» العبرية، الأربعاء، كتب كوبى مايكل أن اختيار السنوار زعيمًا لحماس قد يساعد فى إنهاء الحرب، لأنه سيتعامل مع المفاوضات بشكل أكثر واقعية!
بعد ثلاثة أسابيع تقريبًا من الهجوم، تحديدًا فى ٢٩ أكتوبر الماضى، جرى تداول تصريحات منسوبة للسنوار، للمرة الأولى والأخيرة، أعلن فيها عن استعداده «لعقد صفقة تبادل تشمل الإفراج عن جميع الأسرى فى سجون العدو الصهيونى مقابل الإفراج عن جميع الأسرى لدى المقاومة»، ودعا الهيئات والمؤسسات العاملة بمجال الأسرى لعد نفسها فى حالة انعقاد دائم، وإعداد قوائم بأسماء الأسرى والأسيرات لدى الاحتلال دون استثناء، وقيل وقتها إن هدف السنوار، على المدى الطويل، هو رفع الحصار عن قطاع غزة، وإنهاء الضغط العسكرى الإسرائيلى على حركة «حماس»، وضمان بقاء الحركة.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس الأمريكى، جو بايدن، سبق أن قال، خلال حوار مع شبكة «سى إن إن»، فى مايو الماضى، إنه أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلى، بعد وقت قصير من هجوم السابع من أكتوبر، بأن الولايات المتحدة ستساعد إسرائيل على الإيقاع بزعيم حماس فى غزة، يحيى السنوار. كما ذكرت الشبكة نفسها أن وليام بيرنز، مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، قال خلال تجمع مغلق، فى يوليو الماضى، إن «السنوار ليس قلقًا بشأن وفاته»، لكنه يواجه ضغوطًا لقبول اتفاق وقف إطلاق النار.