رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أسبيدس.. دعم متبادل

من قاعدة عسكرية فى مدينة لاريسا اليونانية، يقود الكومودور «فاسيليس جورباريس» العملية البحرية الأوروبية بالبحر الأحمر، المعروفة باسم «أسبيدس»، Aspides، التى بدأت مهامها فى فبراير الماضى، بقرار أصدرته دول الاتحاد الأوروبى، ويتلخص دورها فى القيام بإجراءات دفاعية تصاعدية، لحماية السفن التجارية، استنادًا إلى قرار مجلس الأمن رقم ٢٧٢٢، الذى يدعو إلى الوقف الكامل للهجمات التى يشنها الحوثيون، من الأراضى اليمنية، ويؤكد حق السفن فى الدفاع عن نفسها ضد التهديدات القريبة.

دخل الحوثيون على خط العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، بإطلاق طائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل، واستهداف السفن الإسرائيلية، أو المتجهة إلى إسرائيل، خلال عبورها بمضيق باب المندب، وحذروا شركات الشحن العالمية من التعامل مع موانئ دولة الاحتلال. وفى المقابل، أعلنت الولايات المتحدة، فى ديسمبر الماضى، عن إطلاق تحالف عسكرى يضم قوات بحرية متعددة الجنسيات تحت اسم «حارس الازدهار»، لضمان حرية الملاحة فى خليج عدن والبحر الأحمر، و... و... وبإطلاقها العملية «أسبيدس»، أثبتت دول الاتحاد الأوروبى، مجددًا، أن لديها القدرات البحرية والإرادة السياسية لحماية مصالحها الجيوستراتيجية بشكل مستقل. بالضبط، كما تمكنّت من تعزيز حضورها البحرى فى منطقة القرن الإفريقى، بإطلاقها عملية «أتالانتا»، سنة ٢٠٠٨، لمكافحة القرصنة وعمليات التهريب، أو حين أطلقت بعثة المراقبة البحرية المؤقتة «أجينور»، سنة ٢٠٢٠، لضمان العبور الآمن فى مضيق هرمز.

المهم، هو أن قائد العملية «أسبيدس» زار القاهرة، أمس الأربعاء، واستقبله الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج. وخلال اللقاء، أعرب «جورباريس» عن تقديره الدعم المصرى للعملية، وسلط الضوء على طبيعتها الدفاعية، مستعرضًا النجاحات التى حققتها فى صد العديد من هجمات الحوثيين. كما أكد قائد العملية البحرية الأوروبية أهمية تضافر الجهود من أجل تأمين الملاحة فى البحر الأحمر، وحرصه على خلق البيئة، التى تسهم فى المرور الآمن للسفن بالبحر الأحمر، مثمنًا فى الوقت نفسه الاتصالات والجهود المصرية للعمل على احتواء حالة التوتر والتصعيد الحالية.

بفرقاطات نشرتها ست دول، رافقت «أسبيدس» حوالى ١٧٠ سفينة، ودمرّت عشرات المسيرات والصواريخ، دون أن تشارك فى أى هجمات ضد الحوثيين على الأرض. ولعلك تعرف أن مصر تدعم الشرعية فى اليمن، التى يمثلها مجلس القيادة الرئاسى، وتؤيد كل الجهود الرامية إلى التوصل لحل سياسى شامل، وفق مرجعيات الحوار الوطنى اليمنى، والمبادرة الخليجية، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفى مقدمتها القرار رقم ٢٢١٦، الصادر سنة ٢٠١٥، الذى طالب الحوثيين، بسحب قواتهم من جميع المناطق التى استولوا عليها، والتوقف عن جميع الأعمال التى تندرج ضمن نطاق سلطة الحكومة الشرعية.

من هذا المنطلق، أعرب وزير الخارجية، خلال لقاء أمس، عن ارتياحه للتعاون القائم مع قيادة العملية البحرية الأوروبية، واستعرض الشواغل المصرية إزاء التصعيد الحالى فى المنطقة، وتأثيره على حركة الشحن البحرى، موضحًا ضرورة العمل على معالجة الأسباب الحقيقية لحالة التصعيد غير المسبوقة، وهى استمرار الحرب الإسرائيلية فى غزة وسياسة الاغتيالات وانتهاك سيادة دول المنطقة. كما أكد وزير الخارجية أهمية تضافر الجهود لخلق بيئة آمنة لمرور السفن وطمأنة شركات الشحن الدولية، مشيرًا إلى التأثير المباشر للتهديدات الأمنية للملاحة فى البحر الأحمر على الاقتصاد المصرى؛ نظرًا للانخفاض الهائل فى عوائد قناة السويس، الأمر الذى يجعل مصر من أكثر دول العالم تأثرًا بالوضع الحالى.

.. وتبقى الإشارة إلى أن جهود خفض التصعيد واستعادة السلم والأمن الإقليميين، كانت محور اتصال تليفونى تلقاه الرئيس عبدالفتاح السيسى، مساء الثلاثاء، من الرئيس الأمريكى جو بايدن، جرى خلاله استعراض التوتر الذى تشهده منطقة الشرق الأوسط، ومستجدات الجهود المشتركة لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، والشواغل الراهنة بشأن توسع دائرة الصراع. وفى هذا السياق، أكد الرئيس السيسى الرؤية المصرية بشأن خطورة التداعيات المترتبة على استمرار الحرب بقطاع غزة وتأثيرها السلبى على استقرار المنطقة، لافتًا إلى أن وقف إطلاق النار، يعدّ النواة الرئيسية لإعادة الهدوء والاستقرار بالإقليم.