رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«السوبر» المصرى.. خطة لتطوير إنتاجية محصول الأرز وزراعة أصناف تتحمل التغيرات المناخية

الأرز
الأرز

أكد خبراء فى قطاع الأرز أن مصر من أكبر الدول المنتجة لهذا المحصول، واستطاعت أن تطوره بتنفيذ عدد من المشروعات، مثل المشروع القومى لتطوير إنتاج الأرز الهجين والأرز السوبر تحت ظروف ندرة المياه والتغيرات المناخية، الذى تمكن من استنباط وتسجيل ١٢ صنفًا جديدًا. فى ذلك الملف، يستعرض الخبراء، لـ«الدستور»، رؤيتهم لزيادة تطوير محصول الأرز، وتقوية أصنافه وزيادة إنتاجيتها، بشكل يعود بالخير على الناتج القومى وعلى الأمن الغذائى للبلاد، خاصة مع الأزمات الاقتصادية التى يشهدها العالم بدءًا من فيروس كورونا المستجد وصولاً إلى الحرب الروسية - الأوكرانية وهو ما أثر بشدة على سلاسل الإمداد ويمكن أن ينتهى إلى وقوع كارثة اقتصادية لا يفلت منها أحد ما يستلزم اهتمامًا كبيرًا بملف الأمن الغذائى.

«غرفة الحبوب»: الأرز الصينى يعزز فرص تحقيق الاكتفاء الذاتى

أكد مجدى الوليلى، عضو غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية، أن مصر من كبرى الدول المنتجة للأرز على مستوى العالم.

وأضاف: «ينقسم الأرز إلى عائلتين، العائلة الهندية والعائلة اليابانية، فالأرز مستدير الحبة هندى، بينما الرفيع طويل الحبة يابانى، وفى مصر يكون الأرز مستدير ومتوسط الحبة، مشيرًا إلى أن مصر مميزة فى الأرز مستدير وصغير الحبة».

وأوضح «الوليلى»، لـ«الدستور»، أن إنتاج مصر قبل ٢٠٠٨ كان يصل إلى ٧ ملايين طن أرز شعير، من مساحة مليونى فدان، مشيرًا إلى أن مصر كانت من كبرى الدول المصدرة للأرز فى ذلك الوقت، حيث إنها كانت تصدر لأكثر من ٥٦ دولة.

ولفت إلى أنه مع العديد من القرارات الوزارية التى بدأت فى ٢٠٠٨، فى عهد الوزير رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة فى ذلك الوقت، شهد العالم أزمة اقتصادية كبرى أدت إلى زيادة أسعار الأرز إلى ٥٠٠ دولار للطن فى هذا الوقت، ووقتها صدر قرار بوقف تصدير الأرز.

وأشار إلى أن الدولة نتيجة لدخولها فى دائرة الفقر المائى بدأت تتخذ عدة إجراءات لترشيد استهلاك المياه، من بينها تحديد المساحات المزروعة من الأرز وتقليصها.

وأوضح عضو غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات أن مساحة الأرز المزروعة بالغمر تصل إلى ٧٢٤ ألف فدان، وأن المراكز البحثية فى سخا والجيزة، المتخصصة فى استنباط سلالات جديدة من الأرز، بدأت استنباط سلالات جديدة تتحمل درجات حرارة أعلى، وتستهلك نسبة أقل من المياه.

وأضاف أنه جرت تجربة زراعة الأرز الجاف، وهو نوع من أنواع الأرز يعتمد على الرى بالتنقيط، كما جرت زراعة نوع آخر من الأرز يتحمل نسبة أعلى من ملوحة المياه.

وتابع: «خلال العامين الماضيين زرعنا ما يقرب من ١٥٠ ألف فدان من الأرز الجاف، و١٥٠ ألف فدان من الأرز الذى يُروى بمياه مالحة، ومن خلال ذلك تمت زيادة المساحة المزروعة إلى مليون و٢٤ ألف فدان».

ولفت إلى أنه نتيجة إلى ارتفاع أسعار الأرز الشعير تخلف عدد من المزارعين عن التوريد إلى المضارب الحكومية، ما تسبب فى قلة المعروض منه فى الأسواق.

وقال «الوليلى»: «قد تختلف إنتاجية الفدان لتصل إلى ما بين ٣ و٤ أطنان وفق نوعية الأرض ومدى رعاية المزارع للأرض، ومدة الزراعة تتراوح بين ٩٠ يومًا و١٢٠ يومًا، والإنتاج يتراوح من ٤ ونصف مليون طن و٥ ملايين طن شعير».

وأضاف أن السفير الصينى بالقاهرة، لياو ليتشيانج، عرض على وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، التعاون لزراعة نوع من أنواع الأرز الصينى الذى يتحمل ملوحة المياه، لكن بعض الباحثين رفض ذلك بحجة حماية سلالة الأرز المصرى.

واختتم: «فى رأيى أن تلك التخوفات ليست فى محلها، وأنه يجب على مصر أن تتبع نهجًا جديدًا ومختلفًا، وأن تحاول التوسع فى زراعة الأرز لنصل إلى نقطة الاكتفاء الذاتى».

«التصديرى للحاصلات»: الأسعار تنخفض إلى 22 جنيهًا فى الموسم الجديد

توقّع المهندس مصطفى النجارى، رئيس لجنة الأرز بالمجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، تراجع أسعار الأرز خلال الموسم الجديد ٢٠٢٣، ليتراوح سعر الكيلو بين ٢٢ و٢٥ جنيهًا، مشيرًا إلى أن المساحات المزروعة فى مصر خلال الثلاث سنوات الماضية تبلغ ١.١ مليون فدان، وتثمر ٤.١ مليون طن شعير و٢.٦٥ مليون طن أرز أبيض.

وأضاف «النجارى»، لـ«الدستور»: «بافتراض وجود نسبة مخالفات من الفلاحين تتراوح بين ١٠٪ و١٥٪ فيكون الإنتاج الأكثر واقعية هو ٣٫١ مليون طن أرز أبيض»، لافتًا إلى أنه «على مدار السنوات العشر الماضية لاحظنا تغيرًا فى نمط الاستهلاك، نظرًا لاختلاف نمط الحياة فى المحافظات والمدن والمراكز الكبيرة التى أصبحت قريبة من نمط الحياة بالعاصمة والمدن الكبرى».

وأوضح: «أصبح كثير من مواطنى هذه المدن يقضون أوقاتًا أطول خلال اليوم خارج المنزل، سواء للعمل أو الدراسة أو الانتقال، وهذا ما يقلل معدل استهلاك الأرز لصالح أصناف أخرى».

وتابع: «الإنتاج العام من الأرز يكفى بالكاد احتياج المواطنين، ومع ارتفاع السعر أيضًا وضعف القدرة الشرائية يتجه كثيرٌ من الأسر لاستهلاك المعجنات والمواد الكربوهيدراتية الأخرى كبديل للأرز فى حال انخفاض ثمنها مقارنة بالأرز»، مؤكدًا: «ما حدث أثناء أزمة الغذاء والأعلاف العالمية حاليًا وارتباك سلاسل الإمداد العالمية، تسبب فى تأثر أسعار الغذاء بتكلفة الأعلاف».

وأشار إلى أنه جرى استخدام غذاء الإنسان كبديل للأعلاف، وهذا ما حدث فى الأرز والقمح فى كثير من الدول، ولذلك لجأت الدولة لاستيراد كميات بسيطة من الأرز لضمان توفير السلعة بسعر مستقر نوعًا ما، موضحًا أن أسعار الأرز المحلى الأبيض حاليًا تتراوح بين ٢٩ و٣٥ جنيهًا للكيلو المعبأ، بينما أعلنت وزارة التموين عن طرح الأرز المستورد بأسعار تتراوح بين ٢٠ و٢٢ جنيهًا للكيلو المعبأ.

وتوقّع رئيس لجنة الأرز أن تستمر الدولة والقطاع الخاص فى الاستيراد لحين حصاد المحصول المحلى الجديد، خلال شهر ديسمبر المقبل، مؤكدًا عدم زيادة سعر كيلو الأرز الأبيض المحلى.

وأوضح: «المحصول الجديد داخل مصر يعادل سعره ٠.٧ دولار للكيلو، إذ إن أغلب الدول المنتجة للأرز، مثل إيطاليا وإسبانيا واليونان، تتداول الأرز بهذا السعر وقت الحصاد، المتوافق- تقريبًا- مع نفس الموعد فى مصر». 

وقال: «أما دول شرق آسيا، فإن سعر كيلو الأرز فيها لم يتعد ٠.٥ دولار على مدار العام، لأنها تزرعه مرتين سنويًا»، منوهًا بأن مصر تعتبر واحدة من أكبر الدول المنتجة للأرز فى العالم، إذ تنتج ملايين الأطنان سنويًا، ومع ذلك يستهلك المصريون كميات كبيرة من الأرز، وهو ما يعنى أن الطلب على الأرز يزيد على الإنتاج المحلى.

وأكد أن الأرز من الزراعات التى تعتمد على كميات كبيرة من المياه، ويمكن لتغير المناخ أن يكون له تأثير على إنتاجية الأراضى الزراعية، لافتًا إلى ضرورة تعزيز البحث والتطوير فى مجالات الزراعة والتكنولوجيا الزراعية لتحسين إنتاجية المحاصيل وتوفير الطاقة والموارد المائية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال دعم البحوث الزراعية وتطوير برامج التدريب للمزارعين على استخدام التكنولوجيا الزراعية المتطورة، إضافة إلى ذلك يمكن تشجيع الاستثمار فى مجالات الزراعة والصناعات الغذائية لتوفير فرص العمل، وتحفيز الاقتصاد المحلى.

وأضاف: «بشكل عام، يمكن لمصر التحول إلى نظام غذائى متنوع ومستدام من خلال تنويع المصادر الغذائية وتحسين إدارة الموارد المائية وتطوير التكنولوجيا الزراعية ودعم البحث العلمى والتدريب والاستثمار فى الزراعة والصناعات الغذائية، ويمكن لمصر أيضًا تشجيع الحد من الهدر الغذائى وتحسين نظام التغذية والتغذية الصحية، وذلك من خلال توعية المجتمع بأهمية تناول الأطعمة المتنوعة والمغذية، وخفض الإهدار الغذائى فى المنازل والمطاعم والمحال التجارية».

وأكد: «يمكن لمصر تحقيق الاكتفاء الذاتى من الأرز عن طريق تنويع المصادر الغذائية، وتطوير الزراعة والتكنولوجيا الزراعية، وتحسين إدارة الموارد المائية، وتحسين نظام التغذية، وتشجيع الحد من الهدر الغذائى».

«الزراعة»:توسيع إنتاج «الهجين البسمتى» لتلبية احتياجات الفنادق والتصدير للخليج

قال الدكتور حمدى الموافى، رئيس المشروع القومى لتطوير إنتاج الأرز الهجين والأرز السوبر بوزارة الزراعة، إن المشروع استطاع تحت ظروف ندرة المياه والتغيرات المناخية استنباط وتسجيل ١٢ صنفًا وهجينًا من الأرز.

وكشف «الموافى» عن أنه تمت تجربة زراعة الأرز الجاف، وهو نوع من أنواع الأرز الذى يتم ريه بالتنقيط، كما تمت زراعة نوع آخر من الأرز يتحمل نسبة من المياه المالحة.

وذكر أن الصنف العملاق «سخا سوبر ٣٠٠»، حاز الميدالية الذهبية فى معرض جنيف الدولى للابتكارات عام ٢٠٢٢، نظرًا لسرعة انتشاره ومميزاته الإنتاجية والبيئية العالية له، ووصلت المساحة المزروعة منه نحو ٤٠٪ عام ٢٠٢٢، وأسهمت الزيادة المحصولية بنحو ٢ مليار جنيه فى الناتج القومى.

وتوقع أن تغطى أصناف السوبر الأربعة، «٣٠٠، و٣٠١، و٣٠٢، و٣٠٣»، أكثر من ٨٠٪ من مساحة الأرز المزروعة فى مصر، خلال الثلاثة أعوام المقبلة، وتتميز تلك الأصناف بقدرتها المحصولية العالية، وتصل إلى ٣٠٪ زيادة فى المحصولية، وتتحمل ندرة المياه والتغيرات المناخية.

وأشار إلى أن أصناف هجن الأرز البسمتى تضيف مميزات نوعية وتصديرية جديدة للأرز المصرى، مضيفًا أنه يجرى الانتهاء من تسجيل صنفى الأرز السوبر ٣٠٤، ٣٠٥ شديدى التحمل للتغيرات المناخية، خلال العام الجارى.

وتوقع عند انتشار هذه الأصناف والهجن السوبر، على كامل المساحة المزروعة بالأرز فى مصر، زيادة الناتج القومى بنحو ٣٠٪ عن مساهمة الأرز الحالية، وتحقيق فائض تصديرى يوفر مليارات الدولارات.

وبيَّن أن استراتيجية وزارة الزراعة حتى عام ٢٠٣٠ خططت لزراعة ١.٤ مليون فدان أرز فقط، وهى المساحة التى تحقق الاكتفاء الذاتى وتغطية الطلب المحلى، مع وجود فائض استراتيجى، لترشيد الموارد المائية وتجنب حدوث اختناقات فى مياه الرى أثناء فترة نمو المحاصيل الصيفية.

وقال إن ذلك يعنى توجيه المساحات التى كانت تزرع بالمخالفة بمحصول الأرز إلى زراعة الذرة الصفراء، خصوصًا فى الأرض الخصبة التى يمكن زراعتها فيها، ووضع الآليات المناسبة لتشجيع زراعة الذرة الصفراء.

وأضاف أن محصول الأرز لا يلقى أى دعم مادى على الإطلاق فى الوقت الحالى، إلا الأسمدة المقررة، وهذا الدعم يعتبر ضروريًا للمزارع، وللمحافظة على خصوبة التربة واستدامتها.

وأشار إلى أن المساحة المزروعة بالفعل خلال السنوات من ٢٠٠٠ حتى ٢٠٢٢، وفقًا لتقارير قطاع الشئون الاقتصادية بوزارة الزراعة، بين 1.3 و1.4 مليون فدان.

وأضاف أنه من خلال المرور والمتابعة للباحثين المختصين، فإن المساحة المزروعة لا تقل بأى حال من الأحوال عن ١.٥ مليون فدان، وقد تصل إلى ١.٨ مليون فدان.

وتابع: «وفقًا لتقديرات وزارة الرى والموارد المائية، هناك تجاوز فى المساحة الفعلية عن المساحة المستهدفة المصرح بزراعتها، باستثناء عام ٢٠١٨، حيث قلت المساحة المزروعة بشكل كبير عن ١.٥ مليون فدان».

ولفت إلى إنشاء أول برنامج للأرز على أرض الواقع فى مصر، بداية من عام ٢٠٠٨ وتطور البرنامج بداية من عام ٢٠١٤، مع أول مشروع بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، لاستنباط تراكيب مصرية حديثة من الأرز، وإدخال جينات الأرز العملاق السوبر.

وأشار إلى التوسع فى إنتاج الأرز «الهجين البسمتى» المصرى المبتكر وعالى الجودة، لتبية احتياجات الفنادق والتصدير للدول الخليجية والإفريقية، وإنشاء برنامج نوعى لهذا الغرض.

وكشف عن أن الأهداف المتوقعة من مشروع زراعة أنواع جديدة من الأرز، تتمثل فى تطوير وتحسين واستنباط وتسجيل هجن سوبر مصرية عالية الجودة، إضافة إلى تطوير وتحسين واستنباط وتسجيل سلالات وأصناف سوبر مصرية تستخدم مباشرة، وتطوير تكنولوجيا إنتاج تقاوى الهجن، وتطوير حزمة توصيات إنتاج التقاوى، ونشر زراعة الأرز الهجين والسوبر والأصناف الموفرة للمياه، التى تتحمل التغيرات الجوية، والتوسع فى إنتاج تقاوى الأرز الهجين اليابانى السوبر.

شركة كفرالزيات: مصر تحتل المرتبة الأولى فى جودة الإنتاجية

ذكر الدكتور شريف أيوب، مدير قطاع التسويق والدعم الفنى فى شركة كفرالزيات للكيماويات، أن مصر تحتل المرتبة الأولى عالميًا فى إنتاج الأرز، حيث تمتلك أفضل الأصناف التى تعطى إنتاجية عالية جدًا. وأوضح «أيوب» أن مصر نجحت فى استنباط سلالات جديدة من الأرز موفرة فى استهلاك المياه، لافتًا إلى أن المشكلة الأساسية التى تواجه الحكومة هى توفير المساحة المناسبة للمحصول، خاصة أن هناك محاصيل استراتيجية أخرى تحتاجها الدولة بشدة. وأشار إلى أنه نتيجة التخوف من أزمة المياه والشح المائى الذى تعانى منه مصر حاليًا تم تحديد مساحات الأرز المزروعة بالمحصول بمساحة تتراوح بين ٧٥٠ ألفًا ومليون فدان فقط، مضيفًا: «سنحقق الاكتفاء الذاتى من المحصول حال تمت زراعة ١.٥ مليون فدان».