رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في الخمسينيات..

وثائق الشاباك تكشف تجنيد مصر لجاسوس من الجيش الإسرائيلي.. ما القصة؟ (صور)

وثيقة إسرائيلية
وثيقة إسرائيلية

كشفت وثائق من ملفات وزارة الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" عن تفاصيل إحدى عمليات التجسس التي نفذتها مصر خلال فترة الخمسينيات، حيث تمكنت الأخيرة من تجنيد أحد العناصر، والذي كان جنديًا في الجيش الإسرائيلي.

وجاء في ملف الشاباك الذي يحمل اسم "جابرييل سوسمان" أن تلك العملية تم الكشف عنها قبل 65 عامًا، حيث تضمن ذلك الملف وثائق بخط يد "سوسمان"، وتفاصيل هجرته إلى إسرائيل حتى نجاح مصر في تجنيده.

وبحسب الوثائق، فإن سوسمان كان يحمل اسم "أولريش شنفت" وولد عام 1923 في ألمانيا، وهاجر إلى إسرائيل عام 1948، وحينها غير اسمه لـ"جابرييل سوسمان"، وعاش في مدينة عسقلان المحتلة، حسبما نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.

جابرييل سوسمان

هجرة سوسمان إلى إسرائيل

حاول سوسمان الهجرة لإسرائيل عام 1947 حيث تنكر في زي يهودي واستقل إحدى السفن، لكن القوات البريطانية استولت على السفينة حينها وأرسلتها إلى مخيمات الاعتقال في قبرص، وهناك انضم إلى مجموعات "الهاجاناه" اليهودية، وفي عام 1948 هاجر إلى إسرائيل، وانضم إلى مستوطنة كريات إينافيم، وبعدها تم تجنيده في الجيش الإسرائيلي.

وقالت الوثائق الإسرائيلية إن سوسمان خضع لدورة ضابط في الجيش الإسرائيلي، وتم تجنيده في سلاح المدفعية، وبعد تركه للجيش عاش في مدينة عسقلان، وكان يعمل لدى الوكالة اليهودية، لكنه في عام 1954 ترك إسرائيل، حيث تمكنت مصر من تجنيده لخدمتها.

بدأت الشكوك الإسرائيلي حول سوسمان في أوقات مبكرة من عام 1953، حيث شكوا في كونها مسيحيًا أم يهوديًا، ولجأت السلطات الإسرائيلية إلى فحص كل المعلومات منذ دخوله إلى إسرائيل بهدف تجميع أكبر قدر ممكن من التفاصيل حوله، وتحديدًا لكشف ما إذا كان يهوديًا أم مسيحيًا.

المعلومات التي قدمها إلى مصر

وبحسب الوثائق، لم تتمكن إسرائيل من تتبع اسمه الذي اتضح أنه لا يظهر في سجلات المهاجرين، وأنه لا يوجد ملف باسمه في قسم الاستيعاب بالوكالة اليهودية، وفي عام 1954 ورد تقرير يفيد باختفاءه دون إبلاغ مكان عمله أو أي شخص أخر، حيث ترك معظم متعلقاته وملابسه العسكرية.

بعد ذلك، اكتشفت السلطات الإسرائيلية أن سوسمان غادر إسرائيل، بل وعرض خدماته على مصر ليكون جاسوسًا لهم مقابل أن يتم منحه تأشير سفر إلى ألمانيا.

وتؤكد وثائق الشاباك الإسرائيلي أن سوسمان قدم معلومات عن الجيش الإسرائيلي إلى مصر، تشمل مواقع الوحدات العسكرية والأسلحة والآليات العسكرية، وغيرها من المعلومات التي وصفت بأن "معظمها صحيحة".

وقالت الوثائق الإسرائيلية: "المعلومات معظمها صحيح وسري، ووجودها في يد الجانب الأخر يمنحه ميزة كبيرة، وتضر بشكل خطير بأمن الجيش الإسرائيلي وقدرته".

عودة الجاسوس إلى ألمانيا

وجاء في الوثائق أيضًا سوسمان رفض عرضًا من مصر بدخول إسرائيل والتجسس عليها مرة أخر، وبعد وجوده في القاهرة لفترة قصيرة، حصل على التأشيرة وعاد إلى ألمانيا مرة أخرى.

وكشفت الوثائق الإسرائيلية أن سوسمان جمعته علاقة عاطفية بإحدى السيدات من أصل ألماني خلال وجوده في عسقلان، والتي كانت متزوجة من إحدى اليهود الألمان الذين هاجروا لإسرائيل، مشيرةً إلى أن كلاهما غادر في وقت واحد.

وأضافت الوثائق أن سوسمان تواصل مع تلك المرأة خلال وجودهما في ألمانيا، وخلال إحدى لقاءاتهما اعترف لها بأنه كان جاسوسًا لصالح مصر، وقدم لها جواز السفر الذي كان يستخدمه في ممارسة عمله.

 

إسرائيل تعتقل سوسمان

وبحسب الوثائق، فإن تلك المرأة أبلغت بالقصة التي أبلغها سوسمان، وأرسلت صورة حديثه له لكي تتمكن السلطات الإسرائيلية تتبعه ومن ثم إلقاء القبض عليه.

وكشفت التفاصيل التي حصل عليها الشاباك حينها أن سوسمان تمكن من تصوير أغراض عسكرية، وأبلغ عن تحركات الجيش الإسرائيلي.

وتمكنت السلطات الإسرائيلية من اعتقال سوسمان عام 1956، عندما عاد في زيارة مرة أخرى، وفور هبوطه في مطار اللد، وتمت محاكمته، وأدين بالتجسس ضد إسرائيل وحكم عليه بالسجن سبع سنوات.

أسباب تخفيف العقوبة الإسرائيلية ضده

وفي عام 1985، تم تخفيف العقوبة عليه بعد أن اقتنعت المحكمة الإسرائيلية أن ما فعله سوسمان كان تحت تأثير ضعفه، بينما اعترض الشاباك حينها على ذلك الأمر.

وكشفت الوثائق أيضًا أن إسرائيل سمحت في وقت لاحق لسوسمان بمغادرة إسرائيل، حيث وافقت على طلبه بذلك، نظرًا لأنه يهودي من جانب والده وينوي تربية أطفاله على الديانة اليهودية، وبعدها اختفت أثاره.

ورجحت "هآرتس" أنه في حال كان سوسمان لا يزال على قيد الحياة، فإنه سيحتفل بعامه المائة.