رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء فنون الطفل فى «صالون الدستور»: الأنشطة المدرسية وفعاليات قصور الثقافة تحمى الأجيال الجديدة من سحر الموبايل والقيم الشاذة

جريدة الدستور

ترتكز رؤية مصر الاستراتيجية ٢٠٣٠ على محور رئيس يتمثل فى الاستثمار فى رأس المال البشرى، وبينما تجرى ترجمة هذا المحور فى شكل تدريبات وإعادة تأهيل الشباب لسوق العمل، فإن المرحلة التى تسبق ذلك تركز على الاعتناء بالأطفال والنشء ورعايتهم، صحيًا ورياضيًا وفنيًا واجتماعيًا، بما يضمن تنشئتهم تنشئة سليمة من خلال غرس القيم الأصيلة فى عقولهم لتبقى الهوية المصرية محفوظة فى نفوسهم جيلًا بعد جيل.

وفى ندوة «مستقبل فنون الأطفال فى مصر» بـ«صالون الدستور» الثقافى، أكد الخبراء والكتاب أهمية تفعيل دور الأنشطة الفنية فى المدارس وإطلاق قناة متخصصة للأطفال، إضافة إلى تشبيك الجهات المعنية لجذب الأطفال للفنون مرة أخرى، وحمايتهم فى عصر الإنترنت الذى لا تحكمه أخلاقيات أو قواعد.

محمد ناصف: قناة متخصصة ومنصات لتقديم محتوى هادف وجذاب

قال الكاتب المسرحى محمد عبدالحافظ ناصف، رئيس المركز القومى لثقافة الطفل: «إننا أمام عدة أجيال جديدة من النشء، فيجب العمل على عقول الأطفال وتطلعاتهم؛ لأننا اليوم بصدد أطفال لا يمكن إرضاؤهم بسهولة». 

وأضاف: «نحن حاليًا أمام جيلين هما جيل z وجيل ألفا، وكل جيل منهما له تحدياته وتطلعاته»، مشيرًا إلى أن الجيل الأول، هو جيل برجماتى بالمعنى الإيجابى، وله أهداف يتحرك لأجلها. 

وتابع «ناصف»: «أما جيل ألفا، فهو جيل لديه مشروعاته وطموحاته، ولذلك يمكننا استثمار فلسفة الجيلين معًا ورؤيتهما المختلفة». 

كما أشار إلى اقتراح إنشاء قناة باسم «نبتة»، تضم جميع فنون الطفل، قائلًا: «ستكون قناة عظيمة جدًا، لأن الأطفال يجلسون بالساعات أمام القنوات العربية والأجنبية حسب توجهاتها وأيديولوجيتها، فلا بد من وجود هذه القناة للطفل المصرى، لتقديم محتوى يناسب الأطفال ويعزز لديهم القيم الإيجابية». 

وتابع: «نحتاج بقوة خلال الفترة المقبلة أن نطلق القناة التليفزيونية والمنصة الرقمية، إضافة إلى قناة المركز على اليوتيوب التى جذبت مشاهدين كثر». 

ولفت إلى أهمية منصة «عيالنا» التى أطلقها «القومى للطفل»، بإمكانات قليلة، آملًا إطلاق المزيد من هذه المنصات، مشيرًا إلى أنه مع التطور الموجود، تم تحويل الكثير من المواد والنصوص الأدبية إلى مواد رقمية.

إيمان سند: دعم المواهب الصغيرة لتخرج أعمالهم إلى النور

أكدت كاتبة أدب الطفل إيمان سند أن من بين أهداف قصور الثقافة الانتشار فى القرى، والبحث عن نصوص مسرحية للطفل، وهناك لجان تحكيم وقراءة لاختيار الأفضل منها لدعمها وعرضها على الجمهور.

وأضافت أنه وقت توليها إدارة المركز القومى لثقافة الطفل من قبل أطلقت مسابقة للأطفال وحرصت على طباعة الأعمال الفائزة فى الكتابة والرسم فى كتيبات صغيرة، وهو قرار قوبل بترحيب كبير.

ولفتت إلى أهمية رعاية الفائزين بجائزة الدولة للمبدع الصغير، خاصة الفئة العمرية التى فى نهاية سن الطفولة، وهو ما يجب أن تقوم به مؤسسات المجتمع المدنى الثقافية فى مصر، لإرشادهم لطرق النشر حتى تخرج أعمالهم إلى النور بشكل جيد.

ناهد السيد: تفعيل دور معهد ثقافة الطفل بأكاديمية الفنون 

ألمحت الكاتبة ناهد السيد، إنها ترى اهتمامًا كبيرًا بفنون الطفل من كتب ورقية إلى صوتية إلى بودكاست، إضافة إلى وجود محتوى رقمى كبير مخصص للأطفال.

وأضافت: «بدأ مسرح الطفل فى إحداث طفرة كبيرة منذ العام الماضى، وفى عملى لتدريب الأطفال على المسرح رأيت اهتمامًا كبيرًا من جانب الأهالى بمشاركة أطفالهم فى مسرح الطفل».

وتابعت: «ألاحظ عودة الألعاب القديمة لجذب الأطفال، ففى مركز (ساقية مصر) الثقافى، وجدت بعض الأهالى يطلبون منى إحضار مدربين لتدريب أطفالهم على لعبة الشطرنج».

واستطردت: «الأعمال اليدوية تجذب الأطفال ونحن بحاجة لتشجيعهم على ممارستها مثل أنشطة الرسم أو الأنشطة الحركية مثل البريك دانس والهيب هوب، التى يقبل عليها الأطفال حتى لا يتشتتون بوسائل جذب أخرى».

وأوضحت «السيد» أن هناك وعيًا كبيرًا من جانب الأمهات بأهمية الرياضة فى حياة أبنائهن، لذا يحرصن على إلحاق أطفالهن بالنوادى ومراكز الشباب.

وتابعت: «على مستوى واقع أدب الطفل أرى أننا ما زلنا فقراء فى هذه المنطقة»، مطالبة بتفعيل دور معهد ثقافة الطفل التابع لأكاديمية الفنون فى تقديم دورات للرسامين وكتاب أدب الطفل، مؤكدة أن قيامه بهذا الدور سيلقى بظلاله على دعم فنون الطفل فى مصر بشكل كبير.

مى إبراهيم: الاستعانة بالفائزين بجائزة «المبدع الصغير»

قالت الدكتورة مى إبراهيم، المتخصصة فى صحافة الطفل، إنها درست الإعلام الموجه للأطفال على مدار ١٠ سنوات من العمل فى رسالتها الجامعية، لفهم الواقع، وذلك عبر مجموعة من الأدوات، منها الاستبيانات على الأطفال والقائم بالاتصال، والمجلات الموجهة لهم.

وأضافت: «من خلال دراستى، اكتشفت أن المجلات الأجنبية فى نسختها المصرية هى الأكثر مبيعًا بين مجلات الأطفال، وتليها المجلات المصرية والعربية مثل (علاء الدين) و(ماجد) وغيرهما، لكن المجلات الأجنبية لا يمكن التحكم فى محتواها إلا بنسبة ٦٠٪ فقط، أى أن ٤٠٪ من هذا المحتوى يكون مليئًا بجميع القيم والعادات الغربية».

وأشارت إلى أن كثيرًا من كتاب أدب الطفل غير مؤهلين لهذه المهمة، لأنهم لم يدرسوا «سيكولوجية الطفل».

وأوصت بضرورة الاستفادة من الفائزين بجائزة الدولة للمبدع الصغير فى كل مجالاتها، من خلال الاستعانة بهم فى نشر أعمالهم من كتابة ورسم فى مجلات الطفل التابعة لوزارة الثقافة، الأمر الذى يحفزهم على الاستمرار.

محمد فتحى: دعم القيادة السياسية لتنفيذ مشروع متكامل 

أشار الدكتور محمد فتحى، أستاذ الإعلام بجامعة حلوان، ومؤسس دار «أرجوحة» للنشر، إلى أنه لا أمل فى ملف فنون الأطفال بمصر إلا بشروط، أولها توافر الإرادة السياسية الحقيقية، ثم الإدارة التى تستطيع تنفيذ مشروع متكامل لذلك على أرض الواقع.

وأكد أن تكرار نفس المعطيات فى هذا الملف وانتظار نتائج مختلفة يعد ضربًا من العبث، مشيرًا إلى أن الهيئات والجهات المعنية بشئون الطفل، الموجودة بمصر فى آخر ١٠ أو ١٥ سنة لم تتغير حتى اليوم.

وأوضح أن حل أزمة فنون الأطفال بمصر يحتاج لإنشاء لجنة متخصصة جديدة لذلك، لأن اللجان السابقة لم تفعل أى شىء فى هذا الملف، مضيفًا: «ما لم يكن مشروع الطفل مدعومًا من القيادة السياسية بشكل مباشر فلن يخرج للنور ولن ينجح بشكل حقيقى»، كما نوه إلى وجود مجهودات فردية حالمة فى الفترة الحالية.

وعن مشروع إنشاء قناة جديدة للأطفال فى مصر، قال «فتحى»: «عندما تم عرض هذه الفكرة على مجلس الوزراء تم الرد على المجلس الاستشارى بالقول إن القناة تحتاج ٣٥ مليون دولار، وهو ما لا تستطيع الحكومة توفيره».

وأشار أستاذ الإعلام إلى أزمة تدنى أجور العاملين بملف فنون الطفل فى مصر، موضحًا أنهم بالكاد يأخذون نصف أجر زملائهم من العاملين فى الفنون العادية، كما استنكر تراجع حركة النقد فيما يتعلق بأدب الطفل، وبطء تنفيذ مشروع جائزة أدب وفنون الطفل، الذى بدأت إجراءاته منذ ٣ سنوات، لكنه لم يدخل حيز التنفيذ بعد.

وأضاف أن الجوائز أصبحت نوعًا من أنواع القوى الناعمة، لذا يجب الاستفادة منها فى تشجيع كُتاب وناشرى أدب الطفل على الاجتهاد، ونشر كتب تحصد الجوائز، لافتًا إلى أهمية تدشين مراكز متخصصة فى رعاية المواهب.

ونوه إلى أن الأطفال فى بعض القرى لا يجدون من يكتشفهم أو يرعى مواهبهم، مضيفًا: «يجب أن يكون هناك تجديد دم حقيقى فى المجموعة التى تتحدث عن أدب الطفل منذ سنوات».

هويدا زكريا: أتمنى عودة تجربة الورش المسرحية فى قصور الثقافة بكل المحافظات

وصفت هويدا زكريا، كاتبة متخصصة فى أدب الأطفال عضو شعبة أدب الأطفال باتحاد الكتاب، إعادة تجربة ورش المسرح للأطفال فى قصور الثقافة، بأمر غاية الأهمية.

وأوضحت «هويدا» أنها شاركت فى تسعينيات القرن الماضى ضمن تجربة الورش الخاصة بكتابة مسرح الطفل بقصور الثقافة، التى أسهمت بشكل كبير فى إبراز ما يدور فى خيال وذهن أطفالنا من كل ربوع مصر.

وأكدت: «لا بد من أن تكون لدينا العزيمة والقدرة ككتاب ومسئولين فى كل قطاعات الدولة، لأنه بالنظر إلى تجربتنا فى تسعينيات القرن الماضى، سنجد أننا كنا نضطلع بمسئوليتنا تجاه الطفل وبأقل الإمكانات»، لافتة إلى أن فنون الطفل متنوعة؛ ولكن ينقصها أن نجعل الطفل ينتمى مرة أخرى لأسرته ووطنه، وأن يكون الفن المقدم له مستقرًا فى ذهنه، وهو ما يبرز مثلًا فى فن المسرح للطفل.

وتابعت: «يجب التعريف بالفائزين بجوائز الدولة للمبدع الصغير من خلال وسائل الإعلام، وفى قصور الثقافة، وعرض تجاربهم على نظائرهم من الأطفال وتقديمها فى المدارس حتى يفكر أقرانهم فى خوض تجربة مماثلة».

ثريا عبدالبديع: الجدية فى تفعيل دور مكتبات المدارس

دعت الكاتبة ثريا عبدالبديع إلى عودة تفعيل دور المكتبات فى المدارس، لأنها من الأمور المهمة التى يجب النظر إليها بجدية، لكونها تسهم فى دعم فنون الطفل، وكذلك تفعيل دور المركز القومى لثقافة الطفل فى مسألة متابعة الفائزين بجوائز الدولة للمبدع الصغير دوريًا؛ والعمل على إصدار كتبهم وإقامة معارضهم للفن التشكيلى، واستضافتهم فى ندوات وورش تدريبية.

وأشارت إلى أهمية تقديم المعرفة بشكل واعٍ يتناسب مع طبيعة الطفل، الذى ليست لديه الخبرة الكافية، مع الإيمان بحقيقة جهل الطفل والكتابة له من منظوره وليس من منظور الكتاب الناضجين.

وأكدت أنه أصبح من المطلوب الآن تقديم أعمال للطفل لا تلتفت إلى المحاذير أو التابوهات التى تجنبها كثير من المبدعين فى أعمالهم من قبل، مع نشر ثقافة التربية الجنسية بالشكل المضبوط الذى يتناسب مع الجمهور المستهدف، انطلاقًا من قاعدة معرفية واضحة، حتى لا يتفاجأ الجمهور بعد ذلك بما يقدم له من قيم غير مناسبة مثل القيم المثلية. 

ولفتت إلى أنها ليست مع الرد على حملات الترويج للمثلية التى تقدمها المنصات الدولية الموجهة للطفل بحملة مماثلة للرد عليها، مؤكدة أن الحل الأمثل للرد على تلك الحملات هو تقديم أدب طفل عن قيمنا وثقافتنا المحلية.

عبده الزراع: المسرح الأكثر تأثيرًا على خيال الطفل

قال الشاعر عبده الزراع، عضو مجلس إدارة اتحاد كُتاب مصر رئيس شعبة أدب الطفل بالاتحاد، إن عمله كمحكم فى مسابقة نوادى المسرح بقصور الثقافة، أتاح له مشاهدة العديد من الأعمال المسرحية فى جميع محافظات مصر، مؤكدًا: «العام الماضى رأيت حوالى ٢٠ تجربة مسرحية من أسوان إلى الإسكندرية». 

وأشار «الزراع» إلى أن العرض يتكلف من ٥ إلى ٧ آلاف جنيه، للنص والديكور والإخراج والأشعار والموسيقى، وجميعها عناصر يقدمها الأطفال أفضل من العروض المقدمة للأطفال على خشبة المسرح القومى والمركز القومى لثقافة الطفل، أو عروض قصور الثقافة الممولة والتى تتكلف ٢٥ أو ٣٠ ألف جنيه. 

وأوضح: «الجنوب فى مصر ملىء بالتجارب الرائعة، لكن للأسف لم يسلط عليها الضوء أو يجرى تسويقها بشكل صحيح»، مؤكدًا: «لدينا قوة جبارة فيما يتعلق بعروض المسرح وفنون الأطفال فى كل محافظات مصر». 

وتابع: «شاركت كعضو لجنة تحكيم فى دورات جائزة الدولة للمبدع الصغير الثلاث (مرتان فى تحكيم الأعمال الشعرية ومرة فى النثر)، وجميع الأعمال التى تقدمت للجائزة تثبت أن مصر غنية بالمواهب والمبدعين وأن مصر بخير».

وأكد: «مسرح الطفل أهم فن بالنسبة لى، وهو يعانى مثل باقى الفنون»، موضحًا: «المسرح هو الأكثر تأثيرًا فى الجمهور، فالاتصال المباشر له تأثير مهم على خيال الطفل وعقله».

صفاء عبدالمنعم:عدم التعامل مع النشء من منطلق وظيفى

كشفت صفاء عبدالمنعم، الروائية والكاتبة المتخصصة فى أدب الطفل، عن إنه فى السابق كان يوجد العديد من الفنون والآداب التى تنمى خيال الأطفال وإبداعاتهم، منها كتاب «كليلة ودمنة» وكان من أفضل الكتب من حيث العرض والأسلوب الشيق.

وأشارت «عبدالمنعم» إلى أن الراديو فى هذا التوقيت كان من الأساسيات فى كل منزل، لأن التليفزيون لم يكن متاحًا للجميع، كما كانت المدارس تهتم بحصص الموسيقى والرسم، مضيفة: «حاليًا اختلف النظام التعليمى تمامًا واختفت المكتبات من المدارس، وأيضًا تم إلغاء حصص الاقتصاد المنزلى والموسيقى وغيرهما».

وأوضحت أن دور اللغة العربية تراجع بشدة بعد الاهتمام بالمواد الأجنبية وإدخالها فى المدارس وظهور المدارس الدولية التى ألغت الكثير من المواد، والتى كانت تعتمد فى الأساس على اللغة العربية وقواعدها وأصولها، وكل ذلك أثر تأثيرًا سلبيًا على الطفل.

وقالت إن الأزمة الكبرى هى التعامل مع الطفل من منطلق «وظيفى» وليس إبداعيًا، داعية إلى تكرار تجربة زكريا الحجاوى حين زار أقاليم مصر لاكتشاف المواهب. 

وأضافت أن من بين الأزمات أيضًا عدم وصول الفنون والثقافة إلى جميع الأطفال فى مصر وعدم منحهم فرصًا متساوية فى ممارسة الأنشطة وإنتاج الفنون والتعبير والإبداع.