رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على مدار نصف قرن.. كيف دعمت مصر القضية الفلسطينية؟

مصطفى مدبولي
مصطفى مدبولي

عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مؤتمرًا مشتركًا مع الدكتور محمد أشتية، رئيس وزراء دولة فلسطين، عقب جلسة المباحثات الموسعة التي أجريت برئاستهما، بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة؛ استهل الدكتور محمد أشتية، كلمته بنقل تحيات وتقدير الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وإلى الشعب المصري.

وأشار رئيس الوزراء الفلسطيني إلى أن زيارة اليوم جاءت بدعوة كريمة من الدكتور مصطفى مدبولي، وتُعد الزيارة الثانية له لجمهورية مصر العربية، حاضنة القضية الفلسطينية، والمشهد الفلسطيني بكامل تفاصيله. وفي سياق ذلك، تستعرض “الدستور” كيف دعمت مصر القضية الفلسطينية على مدار نصف قرن؟ 

"دعم مصر لفلسطين قبل ثورة 23 يوليو"

على مدار أكثر من نصف قرن، ساندت مصر القضية الفلسطينية، فقبل ثورة 23 يوليو 1952 كان ما يجرى في فلسطين موضع اهتمام الحركة الوطنية المصرية، وكانت مصر طرفا أساسيًا في الأحداث التي سبقت حرب عام 1948، ثم في الحرب ذاتها التي كان الجيش المصري في مقدمة الجيوش العربية التي شاركت فيها ثم كانت الهزيمة في فلسطين أحـد أسباب تفجر ثورة 23 يوليو 1952 بقيادة الضباط الأحرار الذين استفزتهم الهزيمة العسكرية.

"الملك فاروق وحرب 1948"

في 28 مايو 1946 اجتمع ملوك ورؤساء وممثلو 7 دول عربية في "أنشاص"  للتباحث في قضية فلسطين ومواجهة هجرة اليهود للأراضي الفلسطينية  وفقًا لميثاق جامعة الدول العربية والذى ينص على وجوب الدفاع عن الدول العربية فى حال وقوع اعتداء، عليها وقرر المجتمعون التمسك بالاستقلال لفلسطين التى كانت قضيتها هى القضية المحورية فى جميع المؤتمرات.

كما أعلن الملك فاروق عن مشاركة الجيش المصري في حرب 1948 حيث أدرك أن الرأي العام المصري والعربي لدية رغبة في الإسهام في عملية إنقاذ فلسطين ولمواجهة خصومة السياسيين في ذلك الحين.

"عبدالناصر واللاءات الثلاث"

وضع جمال عبد الناصر القضية الفلسطينية في مقدمة اهتماماته، إذ دعا لعقد مؤتمر الخرطوم الذي رفع فيه شعار "لا اعتراف، لا صلح، لا تفاوض" مع اسرائيل، والذي سمى بمؤتمر "اللاءات الثلاث"  كما كان لمصر بقيادة عبد النصار دور كبير في توحيد الصف الفلسطيني من خلال اقتراح انشاء منظمة التحرير الفلسطينية، كما ساندت مصر في القمة العربية الثانية التي عقدت في اسكندرية يوم الخامس من سبتمبر 1964  قرار المنظمة بإنشاء جيش للتحرير الفلسطيني، وفي عام 1969، أشرف عبد الناصر على توقيع اتفاقية "القاهرة" تدعيما للثورة الفلسطينية، واستمر دفاعه عن القضية الى أن توفى عام 1970.

" السادات وشعار النصر والسلام"

خاضت مصر حرب أكتوبر بقيادة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، والتي توجت بالنصر فرفع شعار "النصر والسلام"، كما طالب السادات مرارا وتكرارا بحقوق الشعب الفلسطيني خلال خطابة الشهير في الكنيست الاسرائيلي مطالبا بالعودة إلى حدود ما قبل 1967، خلال مؤتمر القمة العربي السابع الذي عقد 29 نوفمبر 1973 في الجزائر حيث اقرا المؤتمر شرطين للسلام مع إسرائيل هما انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها القدس.

وفي أكتوبر عام 1975 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم (3375) بدعوة منظمة التحرير الفلسطينية للاشتراك في جميع المؤتمرات المتعلقة بالشرق الأوسط بناءً على طلب تقدمت به مصر وقتها نتيجة اعلان مصر والدول العربية  أكتوبر 1974 على مناصرة حق الشعب الفلسطيني في إقامة السلطة الوطنية المستقلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية؛ وكان آخر جهود السادات هو ما بادر به بدعوة الفلسطينيين والاسرائيليين للاعتراف المتبادل.

"مبارك و الأرض مقابل السلام"

امتدت العلاقات خلال فترة حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك إلى 30 عام شهدت القضية الفلسطينية فيها تطورات كثيرة نتيجة ذلك تطورت مواقف وادوار مصر لتحقيق الاستقرار في هذه المنطقة الملتهبة من حدود مصر الشرقية، وكانت البداية مع سحب السفير المصري من اسرائيل بعد وقوع مجزرة صبرا وشاتيلا 1982، وفي عام 1989 طرح مبارك خطته للسلام حيث تضمنت ضرورة حل القضية الفلسطينية طبقاً لقرار مجلس الأمن، ومبدأ الأرض مقابل السلام، مع وقف الاستيطان الاسرائيلي.

وفي سبتمبر عام 1993 شارك الرئيس الأسبق مبارك في توقيع اتفاق أوسلو الخاص بحق الفلسطينيين في الحكم الذاتي، وفي 2003 أيدت مصر وثيقة "جنيف" بين الاسرائيليين والفلسطينيين باعتبارها نموذج سلام لتهدئة الأوضاع في المنطقة.

وفي عام 2010 عندما تجدد القصف الاسرائيلي على قطاع غزة رفضت القيادة المصرية فتح معبر رفح مؤكدة أنه لن يسمح بتحقيق المصالحة على حساب البلاد، واستمر عطاء مصر حتى مجىء الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي وعد الشعب الفلسطيني بالوقوف بجانبه، بعدما تعرضت غزة مؤخراً لحرب فلسطين في القلب بعد ثورة 25 يناير.

"السيسي والقضية الفلسطينية"

بعد ثورة 30 يونيو، ثمن رئيس العمليات لمنطقة الشرق الأوسط باللجنة الدولية للصليب الأحمر روبير مارديني سماح السلطات المصرية بدخول عشرات المصابين الفلسطينيين للعلاج في المستشفيات المصرية، فضلاً عن السماح بدخول شحنات المساعدات من الأدوية والمواد الغذائية والمهمات الطبية. 

نجحت مصر في عهد الرئيس السابق عدلي منصور فى إقناع حركتى "فتح وحماس" بالتوقيع على اتفاقية المصالحة التى طالما سعى إليها وأكد عليها فى لقاءاته وحواراته خلال عشرة أشهر.

وبعد تولي الرئيس السيسي ظلت القضية الفلسطينية قضية مركزية بالنسبة لمصر وبذلت مصر العديد من الجهود لوقف إطلاق النار لتجنب المزيد من العنف وحقن دماء المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني الذين يدفعون ثمن مواجهات عسكرية لا ذنب لهم فيها، فضلاً عن الجهود الإنسانية التي قدمتها مصر من خلال فتح معبر رفح لاستقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين والمساعدات الغذائية والدوائية للشعب الفلسطيني.

عقد الرئيس السيسي لقاءات كثيرة من المسؤولين الفلسطينيين منذ توليه الحكم، حيث أكد أن مصر ستواصل مساعيها الدؤوبة من أجل إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كما أكد ضرورة التوصل لتسوية عادلة وشاملة من شأنه أن يدعم استقرار المنطقة ويساهم في الحد من الاضطراب الذي يشهده الشرق الأوسط.