رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تعرف على تاريخ استخدام ملعقة المناولة المشتركة في الكنيسة

الكنيسة
الكنيسة

ترجم الأنبا نيقولا أنطونيو، مُطران طنطا والغربية للروم الأرثوذكس، ومُتحدث الكنيسة الرسمي في مصر، ووكيلها للشؤون العربية، دراسة أصدرتها الكنيسة الأم حول ملعقة المناولة المشتركة تاريخيًا.

وقالت الدراسة المُترجمة إن في خدمة قداس يعقوب أخو الرب وخدمة قداس مرقص الرسول (القرن الرابع) يتم تناول القدسات الإلهية، الخبز والنبيذ، كل على حدة. وذلك بوضع اليد اليمنى على اليد اليسرى مع فتح راحتين كفيهما، ويضع الكاهن جزءًا من الخبز المقدس في كف المُتناول. بعد تناول الخبز، تُقدم الكأس للمُتناول من الشماس فيشرب منها.

من القرن السادس إلى السابع على الأقل كانت الملاعق الليتورجيا موجودة، لكن هذا لا يعني أنها أُستخدمت في المناولة بشكل عام. في الواقع القانون الكنسي 101 للمجمع المسكوني الخامس (691-692) يحظر استخدام أي وعاء لأخذ الخبز المقدس بخلاف اليد البشرية، يقول القانون الكنسي:  «لذلك إذا أراد أي شخص أن يشارك في الجسد النقي في وقت خدمة القدسات... دعه يشكل يديه على شكل صليب، وبالتالي يقترب، فليحصل على شركة النعمة... لأننا لا نرحب بحكمة أولئك الرجال الذين يصنعون أوعية معينة من الذهب أو أي مادة أخرى لتقديمها بدلاً من أيديهم لتلقي الهبات الإلهية».

قبل القرن الحادي عشر/الثاني عشر، كل شخص من الإكليروس أو الشعب على حد سواء، كان يتناول القُدسات (الجسد والدم المقدسين) بشكل منفصل (بنفس الطريقة التي تناول الإكليروس القُدسات الإلهية في يومنا هذا، عندما يتناولونها داخل الهيكل)، فعندما يقترب المُتناول لتناول القدسات يمد يديه، مع وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى مع فتح راحتين كفيهما، ويضع الكاهن جزءًا من الخبز المقدس في كف المُتناول. بعد تناول الخبز، تُقدم الكأس للمُتناول من الشماس فيشرب منها.

أول دليل واضح على استخدام ملاعق الشركة ظهر في القرنين الحادي عشر والثاني عشر. أصبحت الملعقة المشتركة هي القاعدة الراسخة في العديد من الأماكن بحلول منتصف القرن الثاني عشر. كما نعلم من القانوني الكنسي الشهير ثيودور بالسامون (+ 1195م)؛ ففي تعليقًا له على القانون الكنسي 101 للمجمع الخامس أعلن: عدم رضاه من أن الطريقة التقليدية لتوزيع الشركة قد تم التخلي عنها في بعض المناطق. 

بعد قرون، أشار القديس نيكوديموس (+1809م)، في تعليق على نفس القانون:  «إن إدخال ملعقة الشركة جاء نتيجة لندرة الشمامسة، فبحلول أواخر القرن الثاني عشر خدم كاهن واحد العديد من الكنائس، الذي جعل توزيع عنصُرَيّ الإفخارستيا بشكل منفصل صعبة للغاية. وقد حُلت المشكلة بإدخال الملعقة، والآن الكاهن يناول عنصريّ الإفخارستيا (الخبز والنبيذ) معًا بملعقة». 

بالإضافة إلى ذلك، يخبرنا القديس نيكوديموس «إن وضع القُدسات (الجسد والدم الأقدسين) مباشرة في فم المتناولين ساعد على الحد من الانتهاكات الحاصلة للقدسات والانسكاب عند الشرب من الكأس المقدسة». من الواضح أن بعض الناس كانوا يهملون ويسقطون جزيئات الخبز المقدس، آخرون يخفونها "لإستخدامها لأغراض خبيثة". 

إن إستخدام الملعقة لم يتم بِسَن قانون من مجمع مسكوني أو محلي. وقد جاء استخدامها تدريجيا. في البداية، ربما، تم استخدام الملعقة لمناولة المرضى والمشرفين على للموت في أول الأمر. وقد واجه إستخدامها في القداس الإلهي بعض المقاومة، مثل أي تغير مراد لأي شكل طقسي هام. فلم يكن إستبدال طريقة القرون القديمة في تناول القدسات بشكل منفصل، بناءً على ما ورد الكتاب المقدس، بالأمر السهل. ومع ذلك، فإن الاحتياجات الرعوية الجديدة جعلت إستخدام الملعقة أمرًا لا مفر منه. 

التحليل النهائي؛ تم قبول الملعقة، حتى على مضض، لأنها لا تنتهك، تُعارض، أو تتعارض مع أي تعليم عقائدي. كما أنها مناسِبَة لأنها تدعم وتحفظ كرامة فعل التناول. إن طريقة منح المناولة بالملعقة يخدم غرضًا عمليًا. 

فالملعقة كرامتها مستمدة من استخدامها كأداة يتم من خلالها مناولة جسد المسيح ودمه لشعبه. 

ميّز لاهوت الأسرار المقدسة الأرثوذكسي بين ما هو أسراري وما هو مادي. فالفاعلية الإلهية تختلف في كل سر بحسب عنصر المادة المستخدمة، التي من خلالها يعمل كل سر من الأسرار. في الإفخارستيا (سر الشكر)، نحن نؤمن ونعترف بأن العطايا الإفخارستيا (الخبز والنبيذ) استحالت إلى جسد المسيح ودمه، بصلاة الكنيسة وقوة وعمل الروح القدس. الاستحالة، مع ذلك، هي أسرارية وليست مادية. ففي الإفخارستيا الخبز والنبيذ يُحافظا على خصائصهما الطبيعية وصفاتهما ومقيدين بالقوانين الطبيعية لنوعهيما. إن الطريقة التي تتم بها إستحالة العطايا تظل سرًا عميقًا، لكننا نَعلم بالإيمان أن الاستحالة تحدث، ليصبح المسيح طعامنا لكي ينقل إلينا حياته؛ "مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ".