رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحوار الوطنى.. طموحات بلا أسقف

المتغير الجديد الذي طرأ على الحوار الوطني في مصر، هو دخول رجل الشارع والأسرة المصرية على خط المناقشات، تاريخ مصر في الحوارات بين التيارات المختلفة والدولة، هو تاريخ طويل، حتى إنه تطور في بعض الأحيان لينتقل من مصطلح الحوار إلى مصطلح المؤتمر، ولعل أشهرهم هو المؤتمر الاقتصادي الذي دعا إليه الرئيس مبارك في بداية حكمه أوائل الثمانينيات، ومشاركة مبارك شخصيا في المؤتمر من المقاعد الخلفية، إذن لغة التواصل بين الأحزاب والتيارات المختلفة مع الدولة لم تنقطع يومًا.
ويأتي الحوار الوطني الذي نشهد أعماله الآن كحلقة جديدة من حلقات الوصل.
ولأن فكرة الحوار ومحاوره المختلفة تلمس بشكل مباشر عصب المواطن المصري، صار الحمل ثقيلا على المشاركين بسبب ثقل المسئولية، وكذلك حالة الانتظار التي يعيشها المواطن لما سوف يسفر عنه الحوار الوطني، سواء بقرارات سيادية أو تعديلات تشريعية، بحيث يكون العائد من تلك القرارات أو التعديلات في صالح حياة المواطن اليومية.
وصار من العادي أن يرد مواطن على آخر في إجابته عن استفسار ما بأنه من الأفضل الانتظار لما بعد الحوار، لاحظت هذا عند مناقشة البعض في الشارع موضوع المعاشات خاصة المعاش المبكر.
لذلك حسنًا فعل مجلس أمناء الحوار الوطني عندما قام بتغطية كامل خريطة أحلام وطموحات المواطن في المحاور الرئيسية الثلاثة، وهي المحور السياسي والمحور الاقتصادي والمحور المجتمعي.
ولم يتوقف الأمر عند المحاور الثلاثة، ولكن خلف كل محور جاءت لجان فرعية بلغ عددها تسع عشرة لجنة فرعية تغطي تفاصيل المحاور الرئيسية الثلاثة.
وعلى سبيل المثال، المحور السياسي ضم خلفه خمس لجان متنوعة نرصدها بالاسم، فنجد لجنة مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل النيابي ولجنة المحليات ولجنة الأحزاب السياسية ولجنة النقابات والعمل الأهلي، بالإضافة إلى لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة. 
أما المحور الاقتصادي وهو محور بالغ الأهمية، فقد زاد عدد لجانه على لجان المحور السياسي وبلغت ثمانى لجان، وهي لجنة التضخم وغلاء الأسعار ولجنة الدين العام وعجز الموازنة والإصلاح المالي ولجنة أولويات الاستثمارات العامة وسياسة ملكية الدولة ولجنة الاستثمار الخاص (المحلي والأجنبي) ولجنة الصناعة ولجنة الزراعة والأمن الغذائي ولجنة العدالة الاجتماعية ولجنة السياحة.
اللجان الثماني في حال خروجها بتوصيات عملية، سوف تكون تلك التوصيات بمثابة روشتة طبيب معالج يمكنها أن تنعكس بشكل إيجابي على سلامة وصحة، بل عافية المجتمع المصري.
ويبقى المحور الثالث للحوار، وهو المحور المجتمعي، وقد ضم ست لجان مهمة، فنجد لجنة التعليم والبحث العلمي، ولجنة الصحة، ولجنة القضية السكانية، ولجنة الأسرة والتماسك المجتمعي، ولجنة الثقافة والهوية الوطنية، ثم لجنة الشباب.
خريطة فكرية بهذا الحجم تفرض علينا ألا نفرط في مجلس أمناء الحوار بعد انتهاء أعمال الحوار الوطني، ونقترح في ذلك بأن يبقى مجلس الأمناء بكامل هيئته في حالة انعقاد دائم وألا نختصر فكرة متابعة تنفيذ التوصيات على لجنة يتم إقرارها، الشكل المؤسسي للمتابعة سوف يحافظ على زخم التوصيات بشكل واع ومتوازن مراعيًا فقه الأولويات.
الطموحات بلا أسقف والحمل ثقيل يحتاج إلى إرادة، وهذه تحققت بالفعل في انطلاق أعمال الحوار، كما يحتاج إلى تضافر جهود كل أطراف المجتمع، وليس من باب المبالغة إذا قلت إن المشاركة الشعبية في متابعة تنفيذ التوصيات من الممكن لها أن تقدم إلهامًا مبتكرا في مواجهة مشكلاتنا، لأنني أعتبر أن الشفافية هي مفتاح التفاهم بين الدولة والمواطن، وأن الحوار الوطني هو فرصة حقيقية لنخطو خطوات واسعة إلى الأمام.