رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أجندة أردوغان.. كيف سيتحرك الرئيس التركى حيال إسرائيل فى ولايته الجديدة؟

أردوغان
أردوغان

فاز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الجولة الثانية والحاسمة من الانتخابات الرئاسية مما سيمنحه خمس سنوات أخرى في المنصب، بعد 20 عامًا تولى فيها السلطة بالفعل. حيث حصل على 52.15٪ من الأصوات مقابل 47.85٪ لخصمه المعارض كمال كليجدار. 

بدأت التهنئة من جميع أنحاء العالم تتدفق حتى قبل الإعلان الرسمي عن الانتصار، من بين أوائل الذين هنأوا أردوغان حركة حماس، التي ذكرت أنها تأمل أن يكون "النصر التاريخي"، على حد تعبيرها، بمثابة انتصار جديد ونقطة انطلاق لتركيا نحو تعزيز علاقاتها مع الدول العربية والإسلام. ثم انضم أمير قطر الشيخ تميم بن حامد آل ثاني، ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إلى المهنئين، ثم هنأه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أراد فوز أردوغان بسبب نية كليجدار أوغلو تقريب تركيا من الغرب.

إسرائيل من جهتها أخرت تهنئتها لـ"أردوغان" حتى الإعلان الرسمي عن فوزه، ثم نشر الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ رسالة قال فيها: "مبروك للرئيس التركي رجب طيب أردوغان فوزه في الانتخابات. أنا مقتنع بأننا سنواصل العمل معًا لتقوية وتوسيع علاقات جيدة بين تركيا وإسرائيل".

ما أجندة أردوغان؟

جاء أردوغان إلى الانتخابات الحالية في أضعف موقع له منذ وصوله إلى السلطة قبل نحو عقدين من الزمن، حيث تعاني تركيا منذ سنوات من تدهور الاقتصاد، واتهم الكثيرون حكومته بأنها مسئولة عن مدى الدمار الذي خلفته كارثة الزلزال الذي قتل أكثر من 50 ألف شخص في فبراير الماضي، كما أدت الإقامة المطولة لملايين اللاجئين من سوريا ودول أخرى في تركيا إلى زيادة الانتقادات الموجهة إليه، وحقيقة أنه للمرة الأولى منذ وصوله إلى السلطة فشل أردوغان في الفوز في الجولة الأولى يوضح تآكل سلطته، حسب تحليل لموقع يديعوت أحرونوت.

سياسة الرئيس التركي خلال السنوات الأخيرة تغيرت من الرغبة في الحصول على العضوية في الاتحاد الأوروبي وتنفيذ الإصلاحات التي فوضها الاتحاد الأوروبي إلى انتقاد الاتحاد الأوروبي وتنفيذ سياسات لإلحاق الضرر به.

لقد انتقل من اتباع سياسة التعامل مع الأكراد في البداية إلى تبني نهج متشدد تجاههم، وانتقل من سياسة "صفر مشاكل مع الجيران" المعلنة إلى واقع جديد يجعل تركيا على خلاف شديد مع جيرانها.

ماذا يعني هذا لـ"إسرائيل"؟

وضع أردوغان على أجندته خلال السنوات الأخيرة مسألة التطبيع مع إسرائيل، وفي تل أبيب كان هناك من أشار إلى أن فوز المعارضة كان سيضر بهذه المسألة. 

لكن الآن التطبيع بين إسرائيل وتركيا محكوم بطبيعة الرئيس التركي المتقلبة؛ لقد تأرجح من موقف هادئ ولكن ليس معاديًا بشكل علني تجاه إسرائيل في الأيام الأولى من ولايته، إلى موقف معادٍ صريح وحتى معادٍ للسامية تجاه الدولة اليهودية في الجزء الأكبر من فترة حكمه، إلى نهج أكثر براغماتية اليوم.

مما يجعل الجميع في حيرة حول السياسة المتوقعة منه حيال إسرائيل في الولاية الجديدة، والتي من المتوقع أن يواصل خلالها التقرب من إسرائيل واستكمال السياسة التي بدأت منذ قرابة 18 شهرًا عندما أعيدت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وما أسفر عنها من عودة السفير الإسرائيلي إلى أنقرة.

وتفسير السياسة المتقلبة لـ"أردوغان" حيال إسرائيل هي أنه عندما أراد أن يقدم نفسه كزعيم للعالم الإسلامي فقام برسم سياسة مناهضة لإسرائيل بشدة، عندما شعر بالحاجة إلى محاولة الاقتراب أكثر من واشنطن والغرب وحتى الإمارات العربية المتحدة بعد اتفاقات إبراهيم، وخفف من حدة الخطاب المعادي لإسرائيل وبدأ في إعادة بناء العلاقات مع تل أبيب.

لماذا يتقرب أردوغان من إسرائيل؟

لدى أردوغان ثلاث مصالح أساسية تقف خلف تقربه من إسرائيل خلال الشهور الماضية، أولاها الاقتصاد، والهدف كان أن تشحن إسرائيل يومًا ما غازها الطبيعي إلى أوروبا عبر تركيا، مما سيدر مكاسب كبيرة لـ"تركيا".

ثانيًا، يريد أردوغان أن تكون علاقته بإسرائيل بمثابة الطريق لخروج تركيا من عزلتها الإقليمية الحالية، في الوقت الذي تم تشكيل تحالف بين دول مختلفة: إسرائيل واليونان وقبرص وإسرائيل والإمارات والبحرين ومصر. قد تساعده العلاقات الأفضل مع إسرائيل على إضفاء نوع من التوازن حيال هذا التحالف.

ثالثًا: التقرب التركي من إسرائيل هو طريقة للتقرب من واشنطن، فبينما كانت لـ"أردوغان" علاقات جيدة مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، فإن علاقته بإدارة بايدن أكثر اضطرابًا. 

لإسرائيل أيضًا مصالح اقتصادية واستراتيجية في استمرار التقارب مع أردوغان، ولكنها في الوقت نفسه تمنح اهتمامًا خاصًا للعلاقات التي طورتها مع قبرص واليونان، كما أنهم في إسرائيل يتعاملون مع أردوغان بالمبدأ التلمودي: (احترمه واشتبه فيه)، حسب موقع افتتاحية صحيفة جيلروزاليم بوست، اليوم الإثنين.