رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

راعي كنيسة شيكاغو: عبور بني إسرائيل للبحر الأحمر كان من خليج السويس وليس العقبة

يوحنا نصيف
يوحنا نصيف

قال القمص يوحنا نصيف، راعي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في شيكاغو، إن مكان عبور شعب إسرائيل البحر الأحمر بحسب الوصف الذي جاء في الكتاب المقدّس، وتعليقات آباء الكنيسة في القرون الأولى، هو الطرف الشمالي من خليج السويس، وليس كما تقول بعض النظريات الحديثة أنّ العبور كان عبورًا لخليج العقبة..

وأضاف في تصريح له، أن هناك فيلم تسجيلي يحاول الترويج لنظريّة العبور من ناحية خليج العقبة، ولكنّه يتجاهل جميع التفاصيل المذكورة في سفر الخروج.. لذلك سنفنّد بنعمة المسيح هذه النظريّة، ونشرح لماذا كان العبور في منطقةٍ ما، أقصى شمال خليج السويس.


 باختصار، نظريّة عبور شعب إسرائيل البحر الأحمر من ناحية خليج العقبة، مبنيّة على بعض الصور التي التقِطَت لقاع ذلك الخليج، وفيه ما يشبه بضع عجلات حربيّة غارقة.. عدد لا يتجاوز أصابع اليد يمكن أن يكون نتيجة غرق سفينة كانت تحمل ما يشبه هذه العجلات.. وأيضًا هناك بعض الآثار الحجريّة المُكتشَفة حديثًا شرق خليج العقبة، في الأراضي العربيّة السعوديّة، يظنّ بعض الباحثين أنّها يمكن أن تكون لشعب إسرائيل..!! هذا ما لدى أصحاب هذه النظريّة.


وتابع:  لماذا نؤكِّد أنّ العبور كان من الطرف الشمالي لخليج السويس؟.. أولا يقول الوحي الإلهي في ص13 من سفر الخروج: "كَانَ لَمَّا أَطْلَقَ فِرْعَوْنُ الشَّعْبَ أَنَّ اللهَ لَمْ يَهْدِهِمْ فِي طَرِيقِ أَرْضِ الْفَلَسْطِينِيِّينَ مَعَ أَنَّهَا قَرِيبَةٌ، لأَنَّ اللهَ قَالَ: لِئَلاَّ يَنْدَمَ الشَّعْبُ إِذَا رَأَوْا حَرْبًا وَيَرْجِعُوا إِلَى مِصْرَ. فَأَدَارَ اللهُ الشَّعْبَ فِي طَرِيقِ بَرِّيَّةِ بَحْرِ سُوفٍ. وَصَعِدَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مُتَجَهِّزِينَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ."   وهذا معناه أنّهم ساروا جنوبًا (الخطّ الأحمر في الخريطة رقم 1) عكس الاتجاه الشمال الشرقي، وهو المسار المُعتاد والأسهل، تجاه أرض الموعد (الخطّ اللبني المتّصِل في نفس الخريطة).


كما يقول الإنجيل أيضا "وَارْتَحَلُوا مِنْ سُكُّوتَ وَنَزَلُوا فِي إِيثَامَ فِي طَرَفِ الْبَرِّيَّةِ".. وهذه مسافات صغيرة لا تتجاوز 70 كيلومترًا على أقصى تقدير، ويمكن سيرها بسهولة في ثلاثة أيّام.. أمّا السير إلى منطقة نويبع فهي مسافة ضخمة جدًّا، تتجاوز 340 كيلومترًا، مع مراعاة ان نويبع غير موجودة على الخرائط القديمة، ولكنّها تقع في نقطة ما على خليج العقبة شرق منطقة "حضيروت" .

كما أن السفر تجاه نويبع ليس له طريق سهل بل وسط جبال ورمال، والجزء الأخير من الطريق ناحية نويبع ليس ممهّدًا بل هو مشقوقٌ وسط جبال شاهقة، وضيّق لا يستوعِب الأعداد الضخمة، وبه ملفّات صعبة جدًّا.. ويستحيل أن يكون الشعب قد سافر كلّ هذه المسافة دون أن يحتاج لمياه وطعام، ودون أن يتذمّر، وحتّى دون أن ينتبه أنّه تائه.. والمسافة تحتاج إلى أكثر من أسبوعين سيرًا على الأقدام.

 

وجقال الإنجيل أيضا أنه الرب قال لموسى: "كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَرْجِعُوا وَيَنْزِلُوا أَمَامَ فَمِ الْحِيرُوثِ بَيْنَ مَجْدَلَ وَالْبَحْرِ، أَمَامَ بَعْلَ صَفُونَ. مُقَابِلَهُ تَنْزِلُونَ عِنْدَ الْبَحْرِ فَيَقُولُ فِرْعَوْنُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ: هُمْ مُرْتَبِكُونَ فِي الأَرْضِ. قَدِ اسْتَغْلَقَ عَلَيْهِمِ الْقَفْرُ. وَأُشَدِّدُ قَلْبَ فِرْعَوْنَ حَتَّى يَسْعَى وَرَاءَهُمْ، فَأَتَمَجَّدُ بِفِرْعَوْنَ وَبِجَمِيعِ جَيْشِهِ، وَيَعْرِفُ الْمِصْرِيُّونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ». فَفَعَلُوا هكَذَا. فَلَمَّا أُخْبِرَ مَلِكُ مِصْرَ أَنَّ الشَّعْبَ قَدْ هَرَبَ، تَغَيَّرَ قَلْبُ فِرْعَوْنَ وَعَبِيدِهِ عَلَى الشَّعْبِ. فَقَالُوا: «مَاذَا فَعَلْنَا حَتَّى أَطْلَقْنَا إِسْرَائِيلَ مِنْ خِدْمَتِنَا؟» فَشَدَّ مَرْكَبَتَهُ وَأَخَذَ قَوْمَهُ مَعَهُ. وَأَخَذَ سِتَّ مِئَةِ مَرْكَبَةٍ مُنْتَخَبَةٍ وَسَائِرَ مَرْكَبَاتِ مِصْرَ وَجُنُودًا مَرْكَبِيَّةً عَلَى جَمِيعِهَا. وَشَدَّدَ الرَّبُّ قَلْبَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ حَتَّى سَعَى وَرَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَبَنُو إِسْرَائِيلَ خَارِجُونَ بِيَدٍ رَفِيعَةٍ. فَسَعَى الْمِصْرِيُّونَ وَرَاءَهُمْ وَأَدْرَكُوهُمْ. جَمِيعُ خَيْلِ مَرْكَبَاتِ فِرْعَوْنَ وَفُرْسَانِهِ وَجَيْشِهِ، وَهُمْ نَازِلُونَ عِنْدَ الْبَحْرِ عِنْدَ فَمِ الْحِيرُوثِ، أَمَامَ بَعْلَ صَفُونَ. فَلَمَّا اقْتَرَبَ فِرْعَوْنُ رَفَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ عُيُونَهُمْ، وَإِذَا الْمِصْرِيُّونَ رَاحِلُونَ وَرَاءَهُمْ. فَفَزِعُوِا جِدًّا، وَصَرَخَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ.." 
  وهنا يتّضح ان شعب إسرائيل لم يكونوا قد تحرّكوا لمسافة كبيرة، بل كانوا على مرمى بصر المصريّين، كما ان المنطقة الواسعة جدًّا في مقابل جبل عتاقة بالسويس هي مكان مناسب لنزولهم، وعرض البحر الأحمر في تلك المنطقة بين 5 و10 كلم.. وهي مسافة من السهل عبورها في ليلة واحدة.


كما سعْيُ فرعون وراءهم في هذه المنطقة منطقيٌ، وفي متناول يده.. أمّا منطقة نويبع فهي بعيدة جدًّا عنه، ويستحيل أن يسافر وراءهم ويجدهم في موقع محدّد هناك، إلاّ إذا كان يطاردهم من البداية واستمرّ يطاردهم ويتعقّبهم لمدّة أسبوعين على الأقلّ داخل سيناء، وهذا لا يتوافق مع المنطق، إذ أنّه أسرع وأخفّ منهم بكثير وسوف يلحقهم بسرعة قبل وصولهم لمنطقة نويبع بكلّ تأكيد... وبالتالي هذه النقطة وحدها تكفي لمحو نظريّة العبور من خليج العقبة تمامًا.


وأيضا المنطقة عند خليج السويس واسعة ومفتوحة، بعكس المنطقة ناحية خليج العقبة فالجبال تحصرها ولا يوجد مكان لعدد 2 مليون، مع مراعاة ان المناطق التالية: شور ومارة وإيليم والطور ورفيديم وجبل سيناء وفاران كلّها مناطق في شبة جزيرة سيناء، وليست في السعوديّة.

 

كما أن الرب أعطى لموسى الشريعة على جبل حوريب بسيناء وليس بالعربيّة السعوديّة، وبريّة فاران هي الجزء الشرقي من سيناء شمال وغرب وشرق خليج العقبة، كما جاء في سفر الخروج ايضا:   "ارْتَحَلُوا مِنْ إِيلِيمَ. وَأَتَى كُلُّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى بَرِّيَّةِ سِينٍ، الَّتِي بَيْنَ إِيلِيمَ وَسِينَاءَ فِي الْيَوْمِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الثَّانِي بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ."، والتوقيتات هنا تؤكّد أنّهم عندما خرجوا من مصر حتّى عبورهم للبحر، لم يستغرق هذا أكثر من 3-5 أيّام.. وهو مستحيل أن يحدث إذا كان عبور البحر من منطقة نويبع.. كما ان أرض مديان هي منطقة واسعة تشمل جزءًا من جنوب سيناء وشرقها، مع الجزء الواقع شرق خليج العقبة.. وهي نفسها التي هرب إليها موسى من فرعون بعد قتله للمصري.


وأخيرا جاء في سِفر الخروج: فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ بَعْدَ خُرُوجِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، فِي ذلِكَ الْيَوْمِ جَاءُوا إِلَى بَرِّيَّةِ سِينَاءَ. ارْتَحَلُوا مِنْ رَفِيدِيمَ وَجَاءُوا إِلَى بَرِّيَّةِ سِينَاءَ فَنَزَلُوا فِي الْبَرِّيَّةِ. هُنَاكَ نَزَلَ إِسْرَائِيلُ مُقَابِلَ الْجَبَلِ.  فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَنْزِلُ الرَّبُّ أَمَامَ عُيُونِ جَمِيعِ الشَّعْبِ عَلَى جَبَلِ سِينَاءَ، فلو كانوا قد عبروا خليج العقبة منذ البداية، فقد خرجوا تمامًا من منطقة سيناء.. وهذا يتعارض مع جميع محطّات الرحلة المذكورة في سفر الخروج وسفر العدد بعد ذلك.. وقد ذُكر أنّ الرب تراءى لموسى وأعطاه الشريعة في جبل سيناء 32 مرّة في أسفار العهد القديم.


واختتم قائلا: كيف نُهمِل أيضًا جميع التقاليد المحلّية بخصوص جبل موسى والعلّيقة والصخرة التي أنبعت ماءً؟! مع تأكيدات العهد الجديد أكثر من مرّة على أنّ الله تراءى لموسى في جبل سيناء؟.