جمود التطرف.. واستسهال الحرام
تميل النفس البشرية دائمًا للمألوف، تخاف من الجديد أو المتجدد، على مدى سنوات ليست بالقليلة ونغمة "الحرام" تطرق آذاننا يوميًا، البعض اتخذها مهنة، أو سبيلا للوصول لما يريد.
"الاستسهال" صفة من صفات البشر، أن يكون الشيء سهلًا فهذا أفضل، لا إعمال للعقل، مسلمات علينا الإيمان بها، لكن سؤال، هل الجمال حرام؟ الفن حرام! الموسيقى حرام؟
في الـ 11 مساء تشدو كوكب الشرق أم كلثوم عبر أثير إذاعة الأغاني إحدى أغنياتها التي تجعل القلب يخفق فرحًا، أو حزنًا، تتلاعب بمشاعرنا، تمسك بزمام عقولنا، تجعلك في جزء آخر من العالم، وهى تحب، تعاتب، تتضرع إلى الله، وأنت لا تقدر سوى على قول الله، يا لهذا الجمال، “تاني يا ست”.
الأمر العجيب أن هناك فئة من الناس يحرمون الفنون، ويصل بهم الأمر لتكفير من يؤمن بها، مع أن أبناءنا يدرسون الشعر والأدب والموسيقى في المدارس وحتى في الأزهر.
أزمة كبرى تعرض لها الكثير من الفنانين والأدباء في مصر خلال العقود الماضية، تعنت من نموذج "مدام عفاف"، أو شيوخ "محافظين"، إلا أن المسألة باتت مختلفة مع ظهور "المجددين" وبراعتهم في مخاطبة الجماهير ولمس جانب التدين والخوف على الدين، ثم دخول من ليس لهم صلة بالدين الحقيقي على الخط، لا فهم لماهية وأهمية الفنون، ولا قدرة على إثارة الوعي الجمعي، وأصبحت الحناجر هى السبيل نحو التحريم والتجريم، هذا النوع حاول جاهدًا إطلاق أحكام مطلقة بأن العقاب سيكون مرًا لأي من المشاركين في أعمال الفن، وحتى مشاهديه.
"لا يحتاج الأمر إلى فقيه في الدين ليدرك أن هناك فتاوى تحرم حتى الفكرة ذاتها، وأخرى تحلل الفنون، ليست الموسيقى وحدها، الأصل في الدين التسهيل على معتنقيه، لا التشدد على الإطلاق، أو الانزلاق في بئر التطرف.
متطرفو الفكر يحاولون السيطرة على عقول الآخرين، والدخول من أي ثغرة لصناعة هالة "وهمية"، استخدام آلة الترهيب لا الترغيب، وهنا يأتي دور المتخصصين لخلق وعي جمعي لمواجهة التطرف والتشدد.
مصر على مر العصور كانت وستظل منارة العلم والدين والفنون، مهما كانت الظروف والدعاوى لخلق فئة جديدة تجاهر بكره الحياة.