رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صيانة ألعاب الملاهي خطر يهدد حياة الزوار

ألعاب الملاهي
ألعاب الملاهي

في الوقت الذي يبحث فيه الكثير من المصريين عن وسائل الترفيه والمتعة، خاصة في فصل الصيف، يواجهون خطرًا محدقًا بحياتهم بسبب غياب صيانة الألعاب الخطرة في الملاهي الترفيهية، التي تشهد إقبالًا كبيرًا من قبل الأطفال والشباب والعائلات،؛ ما يجعل هناك فرص كبيرة لارتفاع معدل حوادث الملاهي في مصر.

فقد شهدت مصر في السنوات الأخيرة عدة حوادث مروعة نتج عنها وفاة وإصابة العشرات من زوار الملاهي، بسبب سوء تصميم أو تشغيل أو صيانة الألعاب، التي تتطلب درجة عالية من الأمان والجودة والمراقبة، وآخرها كان داخل مول تجارى شهير بمنطقة سموحة في الإسكندرية، حين سقطت إحدى ألعاب الملاهى، يوم الجمعة الماضي؛ ما أسفر عن إصابة 6 أشخاص.

حوادث مأساوية

ليس من السهل على ذوي الضحايا والمصابين في حوادث الملاهي نسيان المأساة التي عاشوها، والتي تركت لديهم آثاراً نفسية وجسدية مستديمة، ومن أبرز الحوادث التي هزت الرأي العام المصري، وفاة طفلة تبلغ من العمر 13 عامًا، في أغسطس 2017، بعد سقوطها من لعبة "الفراشة" في إحدى الملاهي الشهيرة بمدينة السادس من أكتوبر، حيث تعرضت لنزيف داخلي وكسور في الجمجمة والعمود الفقري.

 

وفي نفس الشهر، أصيب 6 أشخاص بجروح خطيرة، بعد انقلاب لعبة "التورنادو" في إحدى الملاهي بمدينة نصر، بسبب خلل فني في المحرك؛ ما أدى إلى سقوطهم من ارتفاع 10 أمتار، وفي يوليو 2019، توفي شاب يبلغ من العمر 19 عامًا، وأصيب آخر بجروح خطيرة، بعد سقوطهما من لعبة "التارزان" في إحدى الملاهي بالإسكندرية، حيث انفصلت المقاعد عن الحبال المعدنية التي تحملها.

أما في أكتوبر 2020، توفي طفل يبلغ من العمر 12 عاماً، وأصيب آخر بجروح خطيرة، بعد سقوطهما من لعبة "الأفعوانية" في إحدى الملاهي الشهيرة بالإسماعيلية، حيث انفلتت المقاعد من السكة الحديدية.

 

رقابة مطلوبة

وفي هذا السياق، يوضح محمود مراد، خبير السلامة والصحة المهنية، إن أسباب هذه الحوادث المأساوية تعود إلى عدة عوامل، منها سوء تصميم وتشغيل وصيانة الألعاب، وعدم وجود معايير وضوابط ورقابة على جودة وأمان الألعاب، وتقصير في توفير إجراءات الإسعاف والإنقاذ في حالات الطوارئ، وغياب مسؤولية الملاك والمشغلين عن حماية حياة الزوار.

ويقول "مراد" في حديثه لـ "الدستور"، إن الجهات المعنية بالدولة، مثل وزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، لديها مسؤولية كبيرة في ضبط ومراقبة جودة وأمان الألعاب التي تستوردها مصر من الخارج، أو تصنعها محلياً في ورش بدائية، دون اتباع المواصفات الفنية والمعايير الدولية.

 

ويشير خبير السلامة والصحة المهنية، إلى أن الجهات المحلية، مثل المحافظات والأمانات والبلديات، تحمل أيضًا مسؤولية كبيرة في منح التراخيص لإنشاء وتشغيل الملاهي الترفيهية، وفحص ومتابعة حالة الألعاب بشكل دوري، وضبط المخالفات وإغلاق الملاهي التي تشكل خطراً على حياة الزوار.

ويضيف: "تحمل الملاهي الترفيهية نفسها، مسؤولية كبيرة في توفير الأمان والجودة للزوار، من خلال اختيار الألعاب المناسبة والمطابقة للمواصفات، وتدريب العاملين على تشغيلها بشكل سليم، وإجراء الصيانة الدورية واللازمة لها، وتوفير إجراءات السلامة والإسعاف في حالات الطوارئ".

 

غياب تدريب العاملين

وينوّه "مراد" إلى أن واحدة من الأسباب الرئيسية لحوادث الملاهي في مصر هي غياب تدريب العاملين على كيفية التعامل مع الألعاب وصيانتها وفحصها بشكل دوري ومنتظم، وكذلك على كيفية التعامل مع الزوار وتوجيههم وإرشادهم إلى الإجراءات الوقائية والسلامة.

ويتابع: "لسوء الحظ، لا يوجد في مصر قانون أو هيئة تنظم نشاط الملاهي الترفيهية، أو تحدد المعايير والضوابط والعقوبات المتعلقة بجودة وأمان الألعاب، أو تراقب وتضبط جودة وأمان الألعاب المستوردة أو المصنعة محليًا، أو تصدر شهادات مطابقة لها".
 

ويستطرد: "يجب أيضًا تخصيص برامج تدريب مهني في مجال الملاهي الترفيهية، سواء في الجامعات أو المعاهد أو مراكز التدريب المهني، حتى يعتمد العاملون على التعلم من خلال الخبرة العملية أو من خلال بروتوكولات التعاون مع بعض الشركات الأجنبية".

 

وفي ختام الحديث، يوجه "مراد" بضرورة إيلاء اهتمام أكبر من قبل الدولة والمجتمع إلى هذا المجال، وأيضًا إلى إنشاء هيئة مستقلة تتولى مراقبة وضبط جودة وأمان الألعاب، وإصدار قانون ينظم نشاط الملاهي الترفيهية، بالإضافة إلى إنشاء برامج تدريب مهني تؤهل العاملين في هذا المجال، وتعمل على توعية الزوار بحقوقهم وواجباتهم عند استخدام الألعاب.

 

عقوبة قانونية

ومن جانبه، يؤكد مصطفى أبو النصر، الاستشاري القانوني، أن التحقيقات السابقة أظهرت في بعض حوادث الملاهي أن العاملين لا يمتلكون المؤهلات أو الخبرات اللازمة لتشغيل الألعاب، وأنهم يتجاهلون بعض التعليمات أو الإشارات التحذيرية، مما يزيد من خطر وقوع حوادث.


ويوضح "أبو النصر" في حديثه لـ "الدستور"، أنه في قانون العقوبات المصري، يُعد الإهمال جريمة تصنف ضمن جرائم القتل والجرح، وتختلف عقوبتها حسب درجة الإهمال ونتائجه، ففي المادة 240 من قانون العقوبات، يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تزيد على 200 جنيه كل من تسبب في وفاة شخص أو إصابته بإعاقة دائمة بسبب إهماله أو تقصيره أو عدم اتخاذ الحيطة والحذر.

 

ويضيف: "أما في المادة 241 من نفس القانون، فيُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 7 سنوات كل من تسبب في وفاة شخص أو إصابته بإعاقة دائمة بسبب إهماله الجسيم أو تقصيره الجسيم أو عدم اتخاذه الحيطة والحذر، وفي المادة 242 من قانون العقوبات، يُعاقب بالسجن المؤبد أو السجن المشدد من 15 سنة إلى 25 سنة كل من تسبب في وفاة شخص أو إصابته بإعاقة دائمة بسبب إهماله العمدي أو تقصيره العمدي أو عدم اتخاذه الحيطة والحذر".
 

ويشير "أبو النصر" إلى أنه في حالة حدوث حوادث في الملاهي الترفيهية بسبب الإهمال، يُطبق على ملاك أو مديري أو عاملي الملاهي العقوبات المذكورة أعلاه، حسب درجة الإهمال ونتائجه، وذلك بعد التحقيق والتثبت من ملابسات الحادث والأدلة والشهود.

 

حلول ممكنة

ومن أجل مواجهة هذا الخطر الذي يهدد حياة الزوار، يقول الاستشاري القانوني، إنه يجب اتخاذ عدة تدابير وإجراءات من قبل الجهات المعنية بالدولة والمجتمع، منها إصدار قانون يحدد المعايير والضوابط والعقوبات المتعلقة بجودة وأمان الألعاب، بالإضافة إلى إجراء فحص دوري وشامل لحالة الألعاب في الملاهي الترفيهية، وإغلاق الملاهي التي تثبت خطورتها أو مخالفتها للمواصفات.

ويختتم: "يجب أيضًا توعية الزوار بحقوقهم وواجباتهم عند استخدام الألعاب، وتشجيعهم على الإبلاغ عن أي مخالفات أو ملاحظات، فضلًا عن تعويض الضحايا والمصابين في حوادث الملاهي، ومحاسبة المسؤولين عن الإهمال والتقصير".