رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لحظة ارتطام الجسد بالأرض

ابتهال الشايب
ابتهال الشايب

التفكير فى عدم التفكير، تجاهل الإجبار الذى يحدث وطعنه بفكرة تؤدى إلى مفهوم ينسجم مع عاطفة، تلتقطها هذه الأصوات التى تقترح، تعارض، تتماشى، وتحلل.

المصاب بالفصام يسمع دائمًا نفس الأصوات التى تعيد نفس الشىء مرارًا وتكرارًا. محظوظ أنا، لدىّ ندوة فى رأسى، وليس هناك من يقود هذه الفوضى.

- لكن هنا، أعلى الجبل، مع مثل هذا المنظر، لم يصمتوا؟

- لا، يتحدثون. البعض يحلم، والبعض الآخر يقارن، الجميع يتأثر ويعانى، كل منهم لديه رأيه الخاص.

- طوال سيرنا، هل كانوا يتحدثون؟

- لم يصمتوا أبدًا. غالبا ما يتناقشون فيما بينهم. لا يتوافقون، يحاولون ذلك. عندما يعارضون بعضهم البعض، يمزقون بعضهم، ويبكون بين ذراعى بعضهم، وأنا من يحتسى الشراب.

- كيف يتم إسكاتهم؟

- كيف تُسكت العالم بأكمله؟

- ألم تحاول أبدًا التأمل؟

- التأمل خدعة بالنسبة لهم.. يملون من محاولتى لذلك، يحتقروننى.. وهذا أسوأ من أحاديثهم.

- وعندما تحب، لا يتركونك؟

- إذا أحببت، ينقسمون إلى فريقين. هناك من يجادل حول أفضل طريقة للبقاء كما هم، والآخرون يصرخون قائلين: «عليك بالسير على الحبل كى تتأكد من قوته».

- وماذا يفعلون بعد ذلك؟

- تدريجيًا ينجح المشككون فى قوة الحبل فى تخويف الفريق الآخر فيتخلى عن أفكاره، يندمجان مرة أخرى فى كيان واحد، الضغينة تميزهما وتقسمهما باستمرار. لا يثقون ببعضهم، يواصلون الحديث لأن هذه هى طبيعتهم.

- ماذا عن الكحول؟ هل يُسكتهم؟

- الكحول يغرقهم، يشعرون بالإهانة لأننى أريد منعهم من الوجود، فيبكون، يقسمون، يصرخون بحماقة. لن أحتسيه مرة أخرى لإسكاتهم. أحب حديثهم فذلك أفضل.

- استخدم مظلة باراشوت على الأقل!

- سيعرفون محاولة خداعهم، وسيتحدثون دون هوادة.

- حسنًا.. ربما تعتقد أنه سيكون أفضل عندما تسقط إلى أسفل؟

- ليس الموت الذى أبحث عنه.

- ستموت إذا قفزت!

- صحيح فهو شرط من شروط صمتهم. عندما أسقط، أعلم، سيصمتون وسيتفقون جميعًا. سيحترمون ذلك.. لا شجار، لا صراع، ولا أدنى حد من العداء. سأكون حرًا لحظة ارتطام الجسد بالأرض.

القصة تأهلت للجائزة الكبرى التابعة لدار النشر الفرنسية «الإصدار القصير» عبر منصتها على الإنترنت لصيف ٢٠١٥.