رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رؤية مصر لإنقاذ السودان

لمناقشة تطورات الأوضاع فى السودان الشقيق، واعتماد خطة خفض التصعيد، التى تمت صياغتها بالتنسيق مع دول الجوار، اجتمع «مجلس السلم والأمن الإفريقى»، على مستوى رؤساء الدول والحكومات، أمس السبت، عبر الـ«فيديو كونفرانس»، بحضور رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى، وأمين عام جامعة الدول العربية، وسكرتير عام منظمة الإيجاد، ومبعوثة سكرتير عام الأمم المتحدة للقرن الإفريقى.

من القاهرة، طالبت الدول الأعضاء فى «منظمة الوحدة الإفريقية»، سنة ١٩٩٣، بضرورة إنشاء آلية إفريقية لإدارة وتسوية النزاعات فى القارة السمراء. غير أن الفكرة ظلت نائمة إلى أن تم تغيير اسم المنظمة إلى «الاتحاد الإفريقى»، سنة ٢٠٠٢، لتشهد السنة نفسها التوقيع على بروتوكول ملحق بالميثاق التأسيسى للاتحاد، نص على إنشاء «هيئة فوق قومية»، اختير له اسم «مجلس السلم والأمن الإفريقى». وبعد دخول هذا البروتوكول حيز التنفيذ فى ٢٦ ديسمبر ٢٠٠٣، بدأ المجلس فى ٢٥ مايو ٢٠٠٤ ممارسة نشاطه، عبر أربعة هياكل رئيسية: القوة الإفريقية الجاهزة، صندوق السلم، نظام الإنذار المبكر، وهيئة الحكماء.

على المستوى الوزارى، عقدت مفوضية الاتحاد الإفريقى، اجتماعًا موسعًا، فى ٢٠ أبريل الماضى، أثمر تشكيل آلية للتعامل مع الأزمة السودانية، تضم الأطراف الفاعلة، من بينها مصر. واستكمالًا للجهود المصرية الرامية إلى إنقاذ الدولة الشقيقة، شارك الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى اجتماع، أمس، الذى رآه خطوة مهمة، فى سبيل تحقيق الاستقرار والتوافق الداخلى، وإنهاء الصراع الدامى الحالى، لافتًا إلى أن الجهود المبذولة فى إطار الاتحاد الإفريقى، تأتى مكملة لمسارات أخرى، من بينها جامعة الدول العربية، التى أقرت قمتها الأخيرة، تشكيل مجموعة اتصال وزارية عربية، للتعامل مع الأزمة، وكذا جهود تجمع منظمة «الإيجاد»، والاتفاقيات التى تم التوقيع عليها فى مدينة «جدة» السعودية، ونصت على الالتزام بوقف إطلاق النار، وفتح الطريق لنفاذ وتوزيع المساعدات الإنسانية، وسحب القوات من المستشفيات والمرافق العامة. 

الجهود والتحركات المصرية، كما أكد الرئيس السيسى، فى كلمته، تتكامل مع مختلف المسارات الإقليمية، وتستند إلى عدد من المحددات والثوابت، أبرزها ضرورة التوصل إلى وقف شامل ومستدام لإطلاق النار، والحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية، التى تعد الضمانة الأساسية لحماية الدولة من خطر الانهيار، مع التأكيد على أن النزاع يخص الأشقاء السودانيين، وأن دور الأطراف الإقليمية هو مساعدتهم فى إيقافه، وتحقيق التوافق حول حل الأسباب التى أدت إليه. وبوضوح أكثر، أكد الرئيس احترام مصر إرادة الشعب السودانى، ورفضها التدخل فى شئونه الداخلية، وشدّد على أهمية عدم السماح بالتدخلات الخارجية، فى أزمته الراهنة.

تأسيسًا على تلك المحددات أو هذه الثوابت، شدّد الرئيس على ضرورة أن تقوم كل المسارات، على معايير موحدة ومنسقة يدعم بعضها بعضًا، وتؤسس لخارطة طريق للعملية السياسية، تعالج جذور الإشكاليات، التى أدت إلى الأزمة الحالية بمشاركة موسعة وشاملة، لجميع أطياف الشعب السودانى، كما أكد الأهمية القصوى للتنسيق الوثيق مع دول الجوار، لحلحلة الأزمة واستعادة الأمن والاستقرار بالسودان باعتبارها طرفًا أصيلًا ولكونها الأكثر تأثرًا بالأزمة، والأكثر حرصًا على إنهائها، فى أسرع وقت. ولأن التداعيات الإنسانية للأزمة، تتجاوز حدود الدولة، أوضح الرئيس أن مصر التزمت بمسئولياتها، عبر استقبال حوالى ١٥٠ ألف مواطن سودانى، حتى اليوم، إلى جانب استضافتها حوالى ٥ ملايين آخرين، تتم معاملتهم كمواطنين، داعيًا وكالات الإغاثة والدول المانحة، إلى توفير الدعم اللازم لدول الجوار، حتى تتمكن من مواصلة الاضطلاع بهذا الدور. 

.. وأخيرًا، جدّد الرئيس السيسى، فى ختام كلمته، التأكيد على استمرار مصر، فى بذل كل الجهود، من أجل إنهاء الأزمة الحالية، سواء عبر دعم جهود الاتحاد الإفريقى وجميع الآليات القائمة، أو بمواصلة التنسيق مع كل الشركاء والمنظمات الإغاثية، لدعم جهود توفير الاحتياجات الإنسانية العاجلة، للتخفيف من الوضع الإنسانى المتدهور، معربًا عن ثقته فى أن ينتهى الاجتماع إلى النتائج، التى يأمل فيها الشعب السودانى، من أشقائه الأفارقة، والتى يحتمها واجبنا تجاه هذا الشعب الشقيق.