رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيد أبو ليلة يكتب: «سنتوت النَو».. هل يتحقق «كابوس ويجز» قريبًا؟

لقطة من باتل هزيمة
لقطة من "باتل" هزيمة ويجز

تستطيع دفنَ رأسك في الرمال كما تشاء، وصرفَ انتباهك عن قصص صعود نجوم من الشباب يبدو أنهم يقدمون شيئًا يجذب الجمهور في مصر والعالم.

يمكن أن تتهمهم بالتفاهة والجهل وإفساد ذوق الجمهور وإهانة التراث الموسيقي.. سيخفت لمعان نقدك أمام صدق مشاعرهم البدائية العميقة في نفس الوقت، وستفتح فمك مندهشًا حينما ترى حجم جمهور شاب عشريني مصري، في دول أوروبية وعربية.

دخلنا معًا في مقالة سابقة إلى عالم شباب الراب في مصر (اختراق الراب سين | «من غير ما أتمرن يابا أول جمهورية».. لماذا نجح ويجز؟)، كرصدٍ واجبٍ لتطوّرٍ ملحوظٍ في نمط الموسيقى في مصر، تطوّر نجح في بناء قواعد جماهيرية في دول أخرى، لشباب يحكون مشاكلهم شديدة الخصوصية مستعينين بموسيقى إلكترونية.

والغريب أنهم لم يسبقوا نظرائهم من الشباب في الدول الأخرى في فن الراب، لكنهم رغم ذلك نافسوا وحجزوا لنفسهم مكانًا مهمًا –باسم مصر- بين فنانيّ الراب في العالم، بإمكانيات محدودة أثمرت ملايين المشاهدات، علاوة على المزاحمة في تريند "يوتيوب" العالمي، وسط مليارات البشر.

هي إمكانيات محدودة بالفعل.. الفنان «أبيوسف» مثلًا، الذي يراه قطاعٌ عريضٌ من «الرابرز» أبًا شرعيًا لهم، وأهم من صنع تراكات الـ«أولد سكول»- يفتخر بأنه كان يسجل أغنياته في الدولاب، في بداية مسيرته الفنية.. تلك الأغنيات التي حققت رواجًا ضخمًا، قد يصيب النقاد بصداع.

هنا.. في هذا العالم الموازي، إن وصل شاب للقمة، مثل الفنان «ويجز»، العشريني صاحب الشهرة العالمية، فهذا لا يعني أنه –أو غيره- سيحافظ على مكانته تلك فترة طويلة.. فجمهور الراب من الشباب يؤيدون الأقوى، بنفس الروح التي كان يؤيد بها سكان حواري نجيب محفوظ، الفتوات.

صاحب النبوت الأشد هنا سيحظى بالدعم، والشير، كأنها جائزة من جمهور صغير السن شعر بمن يمثله، أو استمع لمن ينطق بدلًا عنه بما يؤرق الجيل الجديد، ولا يفهمه الكبار.

أشرنا في الموضوع السابق لهزيمة ساحقة تلقاها «ويجز»، على يد شاب صغير أطلق على نفسه «أحمد سانتا»، وذلك خلال مواجهة «باتل» بينهما، على مسرح، وأمام حشد كبير من الشباب والفتيات.

وسنكتفي بالإشارة هنا إلى هذه المواجهة، لأنها جاءت في سياق «ديرتي»، أي مسموح فيه بالشتم والتنمر.. نعم هذا ما يفضله عدد كبير من المراهقين.

الهزيمة في «باتل» قد تعني النهاية لأي «رابر»، لأنها بالضرورة ستظل وصمة لفترة طويلة، ولن يخرج منها إلا عندما يواجه «فتوة» أكبر.

لم تكن مجرد هزيمة بالنسبة للفنان ويجز، فقد تلعثم أمام الناس واضطر لاستخدام هاتفه المحمول، لتذكر «مقاطع شتم» كتبها قبل أن يشارك في المواجهة، ورغم أن ذلك أمر مسموح به في قوانين هؤلاء الشباب، لكنه يقلل من فروسية الخصم، فمن يستطيع الارتجال بخفة، واحتواء الآخر، سيكسب كل هذا الجمهور في صفه، وقد يقفز حسابه الإلكتروني على «فيس بوك» بعد حفل واحد، بمتابعات من آلاف الشباب.

ويجز: كنت أكره «مكي» و«زاب ثروت» وغيرهما.. وشايفهم مايستحقوش

لم يكتف ويجز بالإيمان بحلمه وصناعة أغنيات وبثها على الإنترنت، لأنه يعلم أن هذا الطريق طويل وممل، فقبل بأن يشارك في «مواجهات ديرتي» لصناعة جماهيرية سريعة بين طلاب في جامعات مختلفة، لكن الأمر تحول إلى كابوس، فلم يخسر ويجز فقط، بل أصبح مطاردًا حتى الآن بلقب أطلقه عليه «سانتا».. بالتأكيد لن يُسَرّ «وجّوزة» إن سمع جمهور ميسي يناديه بـ«معزة».

كما ظهرت تسجيلات قديمة لويجز يصرح فيها بأنه «كان يكره» عدد كبير من الفنانين، ويراهم لا يستحقون ما وصلوا إليه.. على رأسهم أحمد مكي، وهدد صراحة منافسيه إن نشروا فيديو الباتل واتهمهم بالحقد ورأى أن المواجهة كانت «غير عادلة».

جاءت أغنية «دورك جاي» لويجز، كطوق نجاة، فتلك المواجهة التي حدثت بينه وبين الفنان محمد رمضان، كانت لصالح السكندري ويجز بالطبع، لأن كل جمهور الراب أدرك حينها أنه قويٌ بما فيه الكفاية ليسرق منه «نمبر وان» إعلانًا.. وفصيحٌ بما فيه الكفاية ليهين النجم صاحب ملايين المشاهدات، لكن الرابرز يدركون أنه «طلع على كتاف السادات»، بحسب ادعاءاتهم.

نجح ويجز بالفعل، لكن بمرور الوقت بدأ جمهور الشباب في دفع شخص آخر نحو السطح، هو الفنان أحمد سانتا، الذي يطلق على نفسه لقب «lyrics machine»، أو «سنتوت النَو»، وينتمي لمجموعة «المكسيك» التي سبق أن تكلمنا عنها، ويمكن أن تراه ابنًا من أبناء «أبيوسف» عاد لينتقم.

الجمهور تصرف وكأنه يعيد ما حدث في الماضي بين ويجز ومحمد رمضان.. كأنه يقول للفتوة: أنت مضطر دائمًا لمواجهة خصم ما.. إن لم تصنع خصمًا سنأتي لك بأحدهم.

ويجز تعلم من خطئه وترك المواجهات لأهلها، واتخذ مسارًا أخلاقيًا بالتزامن مع صعوده، مؤكدًا أنه يحترم جمهوره وسيقدم محتوى جاد ومثالي، رغم أنه يدرك أنه جاء –هو ومن سيأتي بعده- بتأييد من جمهورِ شباب يفضلون مواجهات الفتوات «بالشتم»، كمعادل لضربة النبوت.

قد يستمر ويجز بقوة دفع ما صنعه، لكن الصعود الحالي للشاب «سانتا»، ونجاحه في صناعة أغنيات «نكش» أي استفزاز، سيثير تلقائيًا لدى جمهور الراب مقارنة جديدة بين ويجز وسانتا، الذي سيترك –بطبيعة الحال- المواجهات سيئة السمعة، ويحاول أن يقدم محتوى «جادًا» لجمهوره، وقد يتركه الشباب ويرفعون غيره للقمة، بعد فترة طويلة أو قصيرة.