رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خسائر فادحة.. الطقس المتطرف يودي بحياة مليوني شخص خلال 50 عاما

كوارث طبيعية
كوارث طبيعية

من الجفاف في إثيوبيا إلى إعصار كاترينا في الولايات المتحدة، شهد العالم خلال الخمسين عامًا الماضية زيادة كبيرة في عدد وشدة الكوارث الناجمة عن الطقس والمناخ والماء المتطرف.

ووفقًا لتقرير أممي جديد، أودت هذه الكوارث بحياة أكثر من مليوني شخص، وتسببت في خسائر اقتصادية بلغت 4.3 تريليون دولار منذ عام 1970، وحذر التقرير من أن التغير المناخي سيزيد من تواتر وحدة هذه الظواهر المتطرفة، مطالبًا بتحسين خدمات الإنذار المبكر وشبكات الأرصاد الجوية والهيدرولوجية في البلدان الأكثر ضعفًا.

 

وأعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، التابعة للأمم المتحدة، عن هذه الأرقام في تحديث لأطلسها بشأن الوفيات والخسائر الاقتصادية الناتجة عن الطقس والمناخ والماء المتطرف، وشمل التقرير فحص نحو 11 ألف كارثة وقعت بين 1970 و2021، منها كوارث كبيرة مثل الجفاف في إثيوبيا في 1983، وإعصار كاترينا في 2005.
 

وأشار التقرير، إلى أن أكثر من 90% من مجمل الوفيات المبلغ عنها في جميع أنحاء العالم كانت من نصيب البلدان النامية، وكانت موجات الجفاف هي المسؤولة عن 95% من الوفيات في أفريقيا، حيث قضى 733585 شخصاً نحبهم بسبب هذه الظاهرة.
 

كارثة بيئية
 

وفي هذا السياق، يُعلق يحيى عبد الجليل، خبير التغيرات المناخية، على هذا التقرير الأممي، قائلًا: "أشعر باندهاش شديد من الأرقام الصادمة التي كشف عنها التقرير الجديد، وأعتقد أنه يبرز الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة التغير المناخي وتقليل الانبعاثات الغازية، كما يدعو إلى تضامن دولي أكبر لدعم البلدان النامية والأكثر ضعفًا في تحسين قدراتها على التكيف والتخفيف من آثار الكوارث المتصلة بالطقس والمناخ والماء.

ويتابع" عبد الجليل" حديثه مع "الدستور": "أتمنى أن يكون هذا التقرير محفزًا للجميع للعمل من أجل حماية كوكبنا وإنقاذ الأرواح البشرية، ليس فقط الوفيات والخسائر الاقتصادية هي النتائج المأساوية للكوارث المرتبطة بالطقس والمناخ والماء المتطرف، بل هناك أيضًا تأثيرات اجتماعية وصحية وبيئية عميقة تؤثر على حياة الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم".

وعن هذه التأثيرات، يشير خبير التغيرات المناخية، إلى أن الكوارث الطبيعية تؤدي إلى تشريد الملايين من الناس داخل بلدانهم أو خارجها، مما يزيد من حالات الضعف والفقر وانعدام الأمن، كما تؤثر الكوارث المرتبطة بالطقس والمناخ والماء على إنتاجية الزراعة والثروة الحيوانية والصيد والزراعة المائية، مما يهدد إمدادات الغذاء وسبل عيش المزارعين والصيادين، وتؤدي موجات الجفاف أيضًا إلى تدهور جودة التربة وانخفاض مستوى المياه، مما يقلل من إنتاجية الأرض.

ويضيف: "تزيد الكوارث المرتبطة بالطقس والمناخ والماء من خطر انتشار الأمراض المعدية وغير المعدية، مثل التهابات الجهاز التنفسي، والكوليرا، والملاريا، وحمى الضنك، كما تؤدي حالات الطقس الشديد إلى حدوث إصابات أو حروق أو اختناق أو غرق".

ففي عام 2020، أظهرت دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية (WHO)، أن نحو 12.6 مليون شخص قضوا في عام 2012؛ بسبب التلوث البيئي، منهم 8.2 مليون شخص بسبب التلوث المرتبط بتغير المناخ.

 

مواجهة صارمة
 

وينوّه "عبد الجليل" إلى أن مصر تواجه قضية التغيرات المناخية بإدراك للتحديات والفرص التي تنطوي عليها، وتسعى  إلى تعزيز قدرتها على التكيف مع التأثيرات السلبية للظواهر المناخية المتطرفة، وخاصة في الساحل الشمالي ودلتا النيل، والتي تشكل مناطق حيوية للاقتصاد والزراعة والسكان، كما تعمل أيضًا على تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والاستثمار في مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، وحماية التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية. 

وعن جهود مصر في مواجهة التغيرات المناخية، يوضح: "مصر من الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ منذ عام 1994، وبروتوكول كيوتو منذ عام 2005، واتفاق باريس منذ عام 2016، كما أطلقت الدولة المصرية استراتيجية وطنية للتكيف مع تغير المناخ في عام 2011؛ بهدف تحديد القطاعات والمناطق الأكثر تأثرًا بالظواهر المناخية، ووضع خطط عمل لزيادة قدرة التحمل والمرونة. 

ويستكمل: "كان رئيس الجمهورية أصدر قانون رقم 9 لسنة 2020 بإنشاء هيئة شئون التغيرات المناخية، كهيئة حكومية مستقلة تهدف إلى صياغة سياسات وبرامج ومشروعات للتكيف مع تغير المناخ، والحصول على التمويل اللازم من المصادر المحلية والخارجية، وبناء قدرات الأفراد والمؤسسات في هذا المجال".

وواصل: "وبالفعل نفذت مصرعدة مشروعات لزيادة قدرة التكيف في قطاعات حساسة مثل الموارد المائية والزراعة والسكان، ففي عام 2019، أطلقت مصر بالتعاون مع صندوق التكيف (AF) مشروع "تعزيز التكيف مع تغير المناخ في الساحل الشمالي ودلتا النيل"، بقيمة 31.4 مليون دولار، بهدف حماية هذه المنطقة من خطورة ارتفاع مستوى سطح البحر، من خلال إجراء دراسات حول التأثيرات المستقبلية، وبناء سور حمائي، وإزالة التشوهات في شبكات التصريف، واستبدال بعض المحاصيل بأخرى أكثر صلاحية"، وفق حديث "عبد الجليل".

 

دور حيوي

 

تلعب الأمم المتحدة دوراً هاماً في دعم جهود مصر في مجال التكيف مع تغير المناخ، يوضحها خبير التغيرات المناخية، قائلًا: "الأمم المتحدة تساعد مصر في تنفيذ مشروعات وبرامج للتكيف مع تغير المناخ، من خلال صناديق ووكالات وبرامج مختلفة، مثل صندوق التكيف، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبرنامج الأغذية العالمي، واليونسكو، وغيرها".

 

وفي ختام الحديث، يؤكد "عبد الجليل" أن الأمم المتحدة تساهم أيضًا في رفع الوعي والتوعية بضرورة التصدي للتغيرات المناخية، وتسلط الضوء على أهمية التكيف كجزء من التنمية المستدامة، وتنظم حملات وفعاليات وورش عمل للشباب والإعلام والجهات المعنية.

 

لتوضيح حجم وتأثير الكوارث المرتبطة بالطقس والمناخ والماء المتطرف، يمكن ذكر بعض الأمثلة من مختلف أنحاء العالم خلال السنوات الخمسين الماضية، ومنها:

 

في عام 1970، ضرب إعصار "بهولا" ساحل بنغلاديش، وأودى بحياة نحو 300 ألف شخص، وهو أعلى عدد من الوفيات بسبب إعصار مداري في التاريخ.
 

في عام 1983، اجتاح جفاف شديد إثيوبيا وأدى إلى مجاعة قتلت نحو 300 ألف شخص، وهو أعلى عدد من الوفيات بسبب جفاف في التاريخ.
 

في عام 1998، تسببت ظاهرة النينيو في فيضانات وانزلاقات أرضية في فنزويلا وأودت بحياة نحو 30 ألف شخص، وهو أكبر عدد من الوفيات بسبب كارثة طبيعية في تاريخ فنزويلا.
 

في عام 2003، اجتاحت موجة حر قياسية أوروبا وأدت إلى وفاة نحو 70 ألف شخص، وهو أكبر عدد من الوفيات بسبب موجة حر في التاريخ.
 

في عام 2005، ضرب إعصار كاترينا ساحل الولايات المتحدة وألحق خسائر اقتصادية بقيمة 163.61 مليار دولار، وهو أكبر مبلغ من الخسائر بسبب كارثة طبيعية في التاريخ.
 

في عام 2010، تسببت هطولات مطرية غزيرة في فيضانات كبرى في باكستان وأثرت على نحو 20 مليون شخص، وهو أكبر عدد من المتضررين بسبب كارثة طبيعية في التاريخ.
 

في عام 2019، تسبب انهيار سد فى برومادينهو فى جنوب شرق البرازيل فى اغراق منجم للحديد وقرى قريبة منه بالطين، مما اودى بحياة 270 شخصاً، وهى اكبر كارثة طبيعية فى تاريخ البرازيل.

 

في عام 2020، اجتاح جراد صحراوى غير مسبوق شرق أفریقیا وآسیا الغربیة والشرقیة الأوسطیة والهند والصین، مھددًا سبل عیش الملایین من المزارعین والرعاة.
 

في عام 2021، تسبب تغير المناخ في حدوث حرائق غابات هائلة في كاليفورنيا وكندا وروسيا والجزائر واليونان وتركيا؛ مما أدى إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة.