رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سياسى سورى يكشف لـ"الدستور": كيف ستسهم قمة جدة فى إنهاء أزمات المنطقة؟

محمد كمال الجفا
محمد كمال الجفا

قال محمد كمال الجفا، الباحث والخبير العسكري السوري: “لا نستطيع أن نحكم على نجاح أو فشل قمة جدة إلا بتحليل دقيق لكل أزمات المنطقة وتراكمات حروب السنوات المتنقلة التي ضربت عميقا في بنية عدد من الدول والمجتمعات التي اجتاحتها نيران الحروب المستعرة في المنطقة”. 

وأضاف الجفا، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن أشد الأزمات التي اجتاحت وطننا العربي هي أزمة سوريا التي تناثرت شظاياها إلى معظم أقطار الوطن العربي. 

وأكد الجفا أن سوريا اليوم تعيش مرحلة حساسة جدا، وأبرز التحديات التي تواجهها المجتمع الدولي هي قضية اللاجئين والمهاجرين وإعادة الإعمار والوضع الاقتصادي المتردي في البلاد، وقضية تواجد عدد من جيوش الاحتلال غير الشرعية في مناطق واسعة من سوريا.

القضية الفلسطينية والصراع المستمرة

وأشار الجفا إلى أن القضية الشائكة الثانية هي قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهي مشكلة المشكلات وسبب أساسي لكل ما يعانيه الوطن العربي من صراعات قديمة مستجدة والقضية التي عجز عنها الجميع، منذ تأسيس الكيان الصهيوني هي كيفية انهاء هذا الصراع الدامي الذي ادمى الجميع داخل وخارج فلسطين.

ولفت الجفا إلى أن عقد القمة جاء بعد أيام قليلة من التصعيد العسكري في قطاع غزة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحركة الجهاد الإسلامي، موضحُا أن إسرائيل دائما تبرر ما تقوم به من تصعيد حيث تقول إسرائيل إنه جاء لقصف أهداف لحركة الجهاد الإسلامي، التي تصنفها منظمة إرهابية، مما أدى إلى مقتل 34 فلسطينيا على الأقل بينهم قادة من الحركة ونساء وأطفال. 

وتابع الجفا: أيضا قضية الردود الفلسطينية وإطلاق صواريخ فلسطينية على إسرائيل ووصول جميع الأطراف إلى طريق مسدود في أي إمكانية لإحداث أي خرق في هذا الملف الشائك، مع استمرار إسرائيل في بناء مزيد من المستوطنات التي تعتبر العثرة الأساسية التي تعترض إيجاد أي حلول ترضي الطرفين.

 

حرب السودان فرضت وجودها على طاولة القادة العرب في جدة

وأضاف الجفا أن القضية المستجدة والأخطر التي فرضت وجودها على طاولة القادة العرب هي حرب السودان، التي لم تكن متوقعة وبدأت نتائجها المدمرة تضرب العمق السوداني، التي أسفرت عن مقتل وإصابة مئات الأشخاص، بينهم عدد كبير من المدنيين، ونزوح ما يقرب من مليون شخص.

وأوضح الجفا، أن القضية الرابعة على طاولة العرب كانت الوضع في ليبيا، التي تمثل تحديا آخر أمام قمة جدة، فلا تزال الأزمة السياسية قائمة من دون أن تلوح في الأفق نهاية قريبة لها، لافتًا إلى أن القضية الليبية حتى الآن لا يوجد أفق لحلها في القريب العاجل وتبقى المعضلة الكبيرة وهي عدم وجود قاعدة دستورية لإنجاز الانتخابات في ظل وجود تشكيلات مسلحة تسيطر على السياسيين، وهو ما كان عائقا أمام إنجاز الانتخابات في موعدها. 

وتابع الجفا: "الأزمة اليمنية هي القضية الخامسة المستعصية على طاولة القادة العرب، حيث تعترضهم تحديات كبيرة فرضت نفسها على طاولة محادثات قمة جدة لأن الصراع اليمني مستفحل منذ سنوات وحتى الآن فشلت كل المحاولات في الوصول إلى اتفاق شامل يؤدي لوقف إطلاق النار بشكل دائم وإنهاء الحرب المستمرة منذ سنوات في البلاد".

وأكد الجفا، أن الوضع الاقتصادي المتردي في عدد كبير من الدول العربية شكل عبئا آخر يضاف إلى ملفات قمة جدة، والتي يسعى القادة العرب إلى إيجاد أرضية مشتركة للتخفيف من آثار الحروب المتنقلة وشح الغذاء وشح الموارد والتي ستهدد الأمن الغذائي للمنطقة بأكملها.

وأوضح الجفا أن هناك قضايا عابرة أخرى فرضت نفسها على دول المنطقة مثل وباء كورونا وحرب أوكرانيا والتي ضاعفت وفاقمت الوضع الاقتصادي في معظم الدول العربية، والوضع الاقتصادي في  لبنان وتونس ومصر وغيرها وجميعها بحاجة إلى مساعدات اقتصادية وذلك بعد انخفاض قيمة عملاتها المحلية بشكل كبير أمام العملات الأجنبية خلال السنوات القليلة الماضية.

وأكد الجفا أن هذه القضايا الملحة التي معظمها يتعلق بأزمات دول المنطقة هي الأكثر إلحاحا ويجب العمل على تقطيب الجروح العربية ومعالجة اثارها، لكن من المستحيل حل هذه المشكلات بلمسة سحرية وكل أزمة من الأزمات التي تم ذكرها تحتاج إلى جهود جبارة ولأموال طائلة ولسنوات حتى يمكن إغلاق جزء من هذه المشكلات التي توغلت وحفرت عميقا في جسد هذه الأمة. 

نتائج القمة العربية

وكشف محمد كمال الجفا عن نتائج القمة العربية، قائلا: “عقدت القمة وكان للملف السوري الأولوية في برنامج عمل القادة العرب لما له من تداعيات ضربت معظم دول المنطقة، وسيتم تشكيل لجنة رباعية لمتابعة تطبيق ما تم الاتفاق عليه قبل القمة والجولات المكوكية التي قام بها عدد كبير من السياسيين العرب لإعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية، وبالتالي يمكن أن نقول أن عودة الدولة السورية الى شغل مقعدها في مؤسسات الجامعة ومشاركة الرئيس السوري بشار الأسد شخصيا في هذه القمة وكسر جبل الجليد بين سوريا وعدد من الدول العربية، هو الإنجاز الأكبر لهذه القمة والتعويل هو على المراحل اللاحقة لتطبيق ما تم الاتفاق عليه”.

وحول القضية الفلسطينية وما تم بحثه خلال التحضيرات الأولوية وما تم تقديمه للقادة العرب، قال الجفا: “لن يكون هناك أي اجراءات ميدانية حقيقية داعمة للقضية الفلسطينية وخاصة انهاء حالة الانقسام الداخلي او تقديم أي دعم عسكري حقيقي للفصائل الفلسطينية وحتى الوصول إلى حالة جامعة لكل مكونات واتجاهات الفصائل وموقفها من الصراع العربي الصهيوني، وبالتالي لن تخرج بيانات القمة عن شعارات سياسية اعتاد عليها الشارع العربي عبر سنوات عديدة لأن الصراع هو صراع وجودي بالنسبة لإسرائيل ولا يمكن لها القبول بالشرعية الدولية ولا بقرارات الأمم المتحدة”. 

وأوضح أن القضية الليبية والتدخلات الدولية وحالة الانقسام بين طرفي النزاع والاحتكام الكلي إلى السلاح، مع وجود تدخل دولي وإقليمي، يجهد أي جهود لإحداث أي خروقات في هذا الملف، وبالتالي القضية الليبية لن تشهد أي خروقات إيجابية تؤدي إلى تغيير الواقع العسكري والميداني والسياسي في البلاد والقرارات التي تناولت هذا الصراع هي فقط إعلانات وتمنيات لن تأخذ طريقها الى التنفيذ. 

وأكد الجفا أن القضية اليمنية أيضًا شغلت حيزا من نقاشات القادة العرب وجرى البحث في تفاصيلها بدقة ولأن المملكة العربية السعودية والإمارات طرفين أساسيين فيها، والطرف الآخر المؤثر هي إيران وربما سوريا تستطيع أن تلعب دور إيجابي، فمن المؤكد أن هذا الملف سيشهد تطورات إيجابية وسيكون هناك تحسن تدريجي وتمديد الهدنة والبدء بمفاوضات جدية وحقيقية وسيتم وضع خارطة طريق لإنهاء هذه الحرب المدمرة لليمن ولشعبه أولاً ولكل دول المنطقة ثانيا وخاصة دول الخليج.

وحول باقي القضايا التي تم تناولها وخاصة قضية الحرب في أوكرانيا والوضع السياسي المتأزم وملف الأمن الغذائي، قال الجفا: “فقد تشهد اختراقات مهمة إذا كانت هناك نوايا طيبة وصادقة وحقيقية من أصحاب القرار والأطراف الدولية الفاعلة في كل ملف وخاصة الملف اللبناني، والذي من المؤكد أنه سيشهد انفراجات سريعة في الأيام والأسابيع القادمة”.