رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا مانع.. رجال دين وخبراء علم اجتماع: الوصاية للأم بعد وفاة الأب

أم وطفلها
أم وطفلها

أثمر اجتماع لجنة «الأسرة والتماسك المجتمعى»، فى الحوار الوطنى، توصيات مهمة حول قضية الوصاية على القُصّر حال وفاة الأب، أبرزها إعادة النظر فى الاجتهاد القائل بأن «الوصاية للجد بعد وفاة الأب».

وتضمنت التوصيات الأخرى العمل على تسريع إجراءات «النيابات الحسبية» عبر «رقمنة» هذه النيابات، وزيادة الخبراء فى «المجلس الحسبى»، وإنشاء قواعد بيانات به.

كما تضمنت تبسيط الإجراءات حال تغير الولى، وتخصيص مبلغ مالى للحالات الحرجة، وتوقيع بروتوكول تعاون بين وزارتىّ العدل والإسكان، لتخصيص وحدة سكنية للقُصّر.

لجنة الأسرة والتماسك المجتمعى بالحوار الوطنى: الأدرى بشئون الطفل.. والشريعة الإسلامية لا تُحرم وصايتها

قالت الدكتورة نسرين البغدادى، مقرر لجنة «الأسرة والتماسك المجتمعى» فى الحوار الوطنى، إن الجلسة التى عقدتها اللجنة لمناقشة قضية الوصاية والولاية على المال، أثمرت توصيات كثيرة.

وأضافت أن هذه التوصيات تضمنت العديد من الرؤى والأفكار من كل أطياف المجتمع، سواء متخصصين أو فقهاء وعلماء الدين أو أحزابًا وقوى سياسية، معتبرة أن الجلسة كانت «دسمة ورائعة»، والأفكار التى نتجت عنها واقعية وقابلة للتطبيق على أرض الواقع.

وواصلت: «النقاشات استهدفت تقديم حلول تسهم فى إعلاء مصلحة تماسك الأسرة، وتحقيق المصلحة الفُضلى للأطفال، بجانب النظر إلى الإجراءات التنفيذية المطبقة فى القانون الحالى، ومواجهة الروتين الذى يحول دون تيسير الإجراءات».

ورأت أن «وجود الجد فى الولاية ليس من الشريعة، والشريعة لا تمانع أن تكون الأم هى الوصية، ولا يوجد نص يقول إن الجد هو الوصى بعد وفاة الأب، والعديد من رجال الدين أكدوا أنه لا مانع أن تتولى الأم الوصاية، لأنها الأدرى بشئون الطفل».

واستعرضت التوصيات التى توصلت إليها اللجنة خلال الجلسة، وهى كالتالى: العمل على تسريع إجراءات النيابات الحسبية عبر «رقمنتها»، وتخصيص مبلغ مالى للحالات الحرجة، وتبسيط الإجراءات حال تغير الولى، وتوقيع بروتوكول تعاون بين وزارتىّ العدل والإسكان لتخصيص وحدة سكنية للقاصر، وزيادة الخبراء فى المجلس الحسبى، وإنشاء قاعدة بيانات به، وإعادة النظر فى الاجتهاد القائل بأن «الوصاية للجد بعد وفاة الأب».

وقالت الدكتورة ريهام الشبراوى، المقرر المساعد للجنة «الأسرة والتماسك المجتمعى»، إن جلسة «الوصاية والولاية على المال» جاءت محققة للأهداف المأمولة من انطلاق نقاشات «المحور المجتمعى» بالحوار الوطنى، وميّزتها حالة الحرص الجماعى على التوافق، رغم المشاركة الواسعة من مختلف أطياف المجتمع.

وأضافت: «الجلسة تناولت عرضًا وافيًا وشاملًا لكل المقترحات والرؤى واسعة المدى، المتعلقة بتقديم حلول لإشكالية تعد من أصعب الإشكاليات، وهى الوصاية على مال القُصّر بعد وفاة الأب».

وشددت على نجاح الجلسة فى التوصل إلى توصيات شديدة الأهمية بشأن قضية «الولاية والوصاية على مال القُصّر»، معتبرة أن تطبيق تلك التوصيات على أرض الواقع بكل تأكيد سيسهم فى حل المشكلة، وتحقيق نوع ما من التماسك الأسرى بين الأم وأبنائها، وبينهم وبين عائلة الأب المتوفى.

وأضافت: «واثقة فى أنه خلال الجلسات المقبلة ستكون هناك مساحة لتوسيع النقاش حول القضايا الجوهرية التى تحقق صالح المرأة والرجل والطفل، وسنكون بصدد مزيد من المخرجات والتوصيات والأفكار القيمة».

قانونى: التشريع الحالى ينعكس سلبًا على المجتمع 

كشف الدكتور محمد ميزار، الخبير القانونى، عن أن «الولاية على النفس» يقصد بها «الإشراف على شئون القاصر الشخصية، من رعاية وتربية وحفظ وتأديب وتعليم وغيرها من الأمور»، أما «الولاية على المال» فيقصد بها «الإشراف على شئون القاصر المالية من بيع وشراء وإجارة، بشرط أن يراعى فى إدارتها معاملتها كأموال أولاده، كما أنه يلزم بتقديم حسابات دورية عن تصرفاته فى إدارة أموال القاصر».

وأضاف «ميزار» أن «الوصاية» هى «الإشراف على تدبير شئون وأمور القاصر المالية، بتفويض من الولى أو القاضى»، والوصى بذلك يُقسم إلى نوعين؛ الوصى المختار والوصى القاضى، المختار هو من يختاره الشخص قبل مماته ليدبر أمور وشئون القاصر المالية، والقاضى هو الشخص الذى يعينه القاضى. أما الولاية التعليمية فهى «إدارة شئون الصغير من الناحية التعليمية، وذلك قبل بلوغه سن الـ١٥ سنة، وهدفها الاهتمام بالمستقبل الدراسى، واختيار نوع التعليم والمستوى الذى يتعلم به، وجميع الأمور المتعلقة بالطفل ودراسته»، وفق الخبير القانونى.

وخلص إلى أن «الأصل أن الولاية على النفس والمال للأب، وكذلك الولاية التعليمية، وعند الطلاق والخلاف فى القانون الحالى تنتقل الحضانة للأم، إذا توافرت فيها الشروط التى تطلبها القانون، ولم تتحقق فيها الشروط المُسقطة للحضانة، وكذلك الولاية التعليمية تكون للأم».

واختتم بقوله: «القانون الحالى به عوار كبير، وينعكس سلبًا على الأسرة والمجتمع بأكمله، لذا تتم المطالبة بتعديله خلال فعاليات الحوار الوطنى».

خبيرة اجتماع: تفكك بعض الأسر بسبب هذه الأزمة 

وصفت الدكتورة ريهام عبدالرحمن، خبيرة علم الاجتماع والإرشاد الأسرى بجامعة عين شمس، الحوار الوطنى، بأنه فرصة عظيمة للتطرق لموضوعات تهم الأسرة، ومن بين هذه الموضوعات «الوصاية على أموال القُصّر».

وقالت خبيرة علم الاجتماع: «هناك بعض الأسر تتفكك نتيجة أن الأم ليس لديها من الأموال ما يكفى لسد احتياجات أطفالها، وبالتالى إما أن تلجأ إلى فكرة الزواج مرة أخرى، ليساعدها شخص فى تربية أولادها، وهذا الاختيار يكون فى الحالات البسيطة أو النادر حدوثها، أو تستعين بأسرة الأب، سواء الجد أو العم، وبالتالى لا تستطيع اتخاذ قرار سليم تجاه أولادها فى النهاية».

وأضافت: «من ضمن التحديات التى تتعرض لها الأم؛ قطع صلة الأرحام والتفكك الأسرى أو انشغال الأم بالتحديات المادية أو النفسية التى تواجهها لكسب المال، وينتج عن ذلك عدم قدرتها على تربية أولادها بشكل سليم، ما يؤثر بالسلب على صحتها النفسية بسبب التفكك الأسرى أو التدخلات العديدة من قبل أشخاص آخرين».

ورأت أنه «لذلك لا بد من إعطاء المرأة الأحقية فى الوصاية على أولادها من الناحية المادية، خاصة عندما تتمتع هذه المرأة بالأهلية والعقل والعدالة، بما يجعلها جديرة بالثقة فى الإنفاق وتربية أولادها».

عالم دين: اعتبار السيدة ناقصة الأهلية غير منطقى

قال الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الدينى السابق بوزارة الأوقاف، إن الحوار الوطنى جاء ليزيح التراب عن بعض القضايا والقوانين التى عفا عليها الزمن، مثل قانون الولاية على المال، الذى وُضِع منذ ٧٠ عامًا، كاشفًا عن أن بعض الفقهاء أجازوا تولى المرأة أمر الوصاية على المال بعد وفاة الزوج.

وأوضح «طايع» أن «هناك فهمًا بأن جموع الفقهاء قالوا إن الولاية للأب، ثم وصىّ الأب، ثم الجد، ثم وصىّ الجد، وتغافلوا عن أن الأم هى التى رسمت الحياة والأسرة، وحتى فى حياة الأب فهى تتولى دور وزير المالية الذى يُسيّر الأمور، لذا كيف نقول إنها صارت قاصرة عندما ينتقل الأب للرفيق الأعلى؟».

وأضاف: «المرأة صارت قاضية ووزيرة، وتتقلّد مناصب عظيمة فى هذا المجتمع، ومن ثم فلا يمكن النظر للمرأة على أنها ناقصة الأهلية. فلو أن المرأة التى ترمّلت قاضية أو مستشارة، وتحكم بين الناس فى الأموال والنفس وغير ذلك، فمن غير المنطقى أن نقول لها إنها غير جديرة ولا تؤتمن على مال أبنائها الصغار». وأعرب عن أمله فى أن تلبى مخرجات وتوصيات الحوار الوطنى احتياجات المجتمع ورغباته وتكون على قدر المسئولية.