رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البابا تواضروس: المحبة هى الأساس الدائم والطريق الرئيسى للكمال والطريق الوحيد لله

البابا تواضروس الثاني
البابا تواضروس الثاني

شارك البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، في اجتماع لوفدي الكنيستين القبطية الأرثوذكسية والكاثوليكية في الفاتيكان صباح اليوم.

وقال البابا تواضروس الثاني في كلمته: فرحي اليوم كبير بالتواجد بينكم وأصافحكم بقلبي لا بيدي فقط، أفرح معكم بالمسيح القائم من بين الأموات وأشكركم لإتاحة الفرصة لنا لأن أقوم بهذه الزيارة.

وأضاف: أنا ممتن لأني متواجد على هذه الأرض، التي كرز فيها الرسل، ويسكنها مرقس الرسول كاروز ديارنا المصرية، ومنها خرج الكثيرون في طريق طويل للكرازة باسم ربنا يسوع للعالم كله فاديًا ومخلصًا.

وتابع: أتأمل معكم ما كتبه بولس الرسول من هنا في روما إلى أهل أفسس، "وَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي الْمَحَبَّةِ، حَتَّى تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُدْرِكُوا مَعَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، مَا هُوَ الْعَرْضُ وَالطُّولُ وَالْعُمْقُ وَالْعُلْوُ" (أفسس ٣: ١٨).

وأوضح أنها المحبة يا أحباء، الأساس الدائم والطريق الرئيسي للكمال، والطريق الوحيد لله، لأن الله محبة، وكل من يعرفه يمشي خطوات المحبة معه وإليه إنني أرى العالم كدائرة كبيرة مركزها الله، وكل منا يقف عند نقطة على الدائرة، وكلما اقتربنا من الله مركز الدائرة نجد أنفسنا نتقارب تلقائيًّا، ونفهم بعضنا بعضًا بسبب اقترابنا من النور الإلهي، وتزداد محبتنا يومًا بعد يوم بسبب قربنا من الله المحبة.

وتابع: إنه طريق طويل نسيره معًا نحو الله الذي قال «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ" (يو ١٤: ٦)، حتى أننا في بعض الأزمنة أُطلِق علينا "أصحاب الطريق" لأننا نتبعه. هكذا "سَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ." (تك ٥: ٢٤)، و"سَارَ نُوحٌ مَعَ اللهِ" (تكوين ٦: ٩) وإبراهيم وداود وتلميذا عمواس وكثيرون آخرون، وكل من سار معه واتخذه رفيقًا للطريق فَرِحَ.

وتابع: أما عرض وطول وعمق وعلو هذه المحبة فهي لا نهائية لأنها من الله ولا يمكن أن تقاس، ومسئوليتنا أن نصير مثله ونقدم المحبة غير المشروطة لبعضنا وللعالم كله وإحدى علامات طريق المحبة لكل إنسان إصداركم الدستور الجديد "إعلان الإنجيل"، الذي أهنئكم عليه لأنه يشهد على الاهتمام بكل نواحي الإنسان.. ونحن خلال جلسات الحوار بين الكنيستين القبطية الأرثوذكسية والكاثوليكية نسير في طريق المحبة، "نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ" (عبرانيين ١٢: ٢).

وفي عصرنا الحديث بدأت زيارات متبادلة بين كنائسنا منذ عام ١٩٦٢، ثم زيارة قداسة البابا شنودة الثالث إلى كرسي روما في مايو ١٩٧٣ في ضيافة قداسة البابا بولس السادس. وخلال هذه الزيارة تسلّم قداسته جزءًا من رفات القديس أثناسيوس أثناء الاحتفال بذكرى مرور ١٦ قرنًا على نياحته، وهو البابا القبطي من القرن الرابع الميلادي، وقد قال قداسة البابا بولس السادس في كلمته الاحتفالية: "إن القديس أثناسيوس هو أب ومعلم للكنيسة الجامعة".

وفى ١٠ مايو ١٩٧٣، وقَّع رئيسا كنيستينا بيانًا مشتركًا فيه تم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة، مهمتها توجيه دراسات مشتركة في ميادين: التقليد الكنسي، وعلم آباء الكنيسة، الليتورجيات، واللاهوت، والتاريخ، والمشاكل العلمية، حتى نستطيع أن نعلن معًا رسائل الإنجيل التي تتطابق مع رسالة الرب الأصيلة ومع احتياجات عالم اليوم وآماله".

نشكر الله على استمرار الحوار اللاهوتي للجنة الدولية المشتركة بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية والتي شَرُفنا باستقبال آخر اجتماعاتها في مركز لوجوس بالمقر البابوي بمصر، والتي نحتفل العام القادم بالاجتماع العشرين لها. 

هكذا بدأنا الحوار ومستمرون فيه، فالحوار طريق طويل لكنه آمن، تحميه ضفتان من المحبة، ضفة محبة المسيح لنا وضفة محبتنا لبعضنا، لذلك مهما واجهنا من تحديات فإن المحبة تحمينا، لنكمل مسيرتنا ونستمر من أجل الفهم المتبادل. والصلاة مبدأنا لكي نسند بعضنا البعض، متحملين مسئوليتنا واضعين أمامنا قول يوحنا الحبيب "لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ!" (١ يو ٣: ١٨).

وكما أن القديسين إحدى الدعائم الأساسية لكنيستينا، بدأت بالرسل بطرس وبولس ومرقس، والآن نكتب في كتاب سنكسار الكنيسة شهداءً جددًا، حفظوا الإيمان وتمسكوا بالشهادة للمسيح ولم يلينوا أمام التعذيب والترهيب ووضعوا لنا مثالًا حيًّا في الشهادة الحقة لله "لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ"(فيلبى ١: ٢٩).

وهكذا كان الـ ٢١ شهيدًا  في ليبيا، إذ اعترفنا بقداستهم في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وصرنا نعيد كل يوم ٨ أمشير، الموافق ١٥ فبراير، عيدًا لشهداء العصر الحديث الذين استشهدوا خلال السنوات الماضية، ونقدم اليوم جزءًا من متعلقاتهم المغمورة بدمهم المسفوك على اسم المسيح للكنيسة، لكي تُذكَر في سنكسار كل الكنائس في العالم ونعلم أن "لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ مِقْدَارُ هذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا" (عب ١٢: ١)، ويصيروا قدوة ومثالًا معاصرًا للعالم كله، يشهد بأن مسيحيتنا ليست مسيحية تاريخية فى الماضي، لكنها أمس واليوم وإلى الأبد. 

واختتم: أخيرًا أشكر قداستكم، على دعوتكم لي والوفد المرافق، وعلى كلمات الترحيب الطيبة التي استقبلتنا بها، باسمك وباسمكم جميعًا، وأنا على العهد أذكركم في صلاتي الخاصة يوميًّا كما تعاهدنا منذ زيارتي السابقة هنا، وأصلي أن يعطيكم الله الصحة الكاملة والعمر الطويل والفرح الدائم، وأصلي معكم من أجل كنيسة الله على الأرض أن يثبتها إلى دهر الدهور، لترفع على الدوام التسبيح السماوي، وأن يحرسها بعنايته التي لا تغفل ولا تنام، وأن يباركنا جميعًا إلى الأبد، آمين.

7be73b35-0248-42ad-ac4b-6384cd6953a5
7be73b35-0248-42ad-ac4b-6384cd6953a5
2eca961e-97f4-487c-91fa-4ded149c7e1d
2eca961e-97f4-487c-91fa-4ded149c7e1d
af343177-43eb-4dd2-88d0-c79e6b4eba6d
af343177-43eb-4dd2-88d0-c79e6b4eba6d