رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكرى رحيله.. ماذا قال مصطفى صادق الرافعي عن الموت؟

مصطفى صادق الرافعي
مصطفى صادق الرافعي

"الموت هو اكتشاف العالم الأكبر.. نسأل الله حسن الخاتمة".. هكذا قال الأديب والمفكر الراحل مصطفى صادق الرافعي عن الموت، مشيرا إلى أنه لا يكرهه بل يكره ذنوبه.

ورحل الرافعي عن عالمنا في 10 مايو 1937، بعد أن استيقظ لصلاة الفجر، وجلس يتلو القرآن الكريم، فلما شعر بحرقة في معدته، تناول الدواء وعاد إلى مصلاه، وبعد دقائق قليلة سقط على الأرض، ودفن جثمانه بمقابر العائلة في طنطا، وكانت وصيته قبل وفاته هي "تكرار المبدأ الذي وضعته لأولادي: النجاح لا ينفعنا بل ينفعنا الامتياز في النجاح".

وفي مقال له بمجلة "الرسالة" في عددها رقم 203 بتاريخ 24 مايو 1937، تحدث عن الموت قائلًا: “ما هي الكلمات التي تقال عن الحي بعد موته إلا ترجمة أعماله في كلمات؟ فمن عرف حقيقة الحياة عرف أنه فيها ليهيئ لنفسه ما يحسن أن يأخذه، ويعد للناس ما يحسن أن يتركه، فإن الأعمال أشياء حقيقية لها صورها الموجودة وإن كانت لا ترى”.

وتابع: “بعد الموت يقول الناس أقوال ضمائرهم لا أقوال ألسنتهم، إذ تنقطع مادة العداوة بذهاب من كان عدوا، وتخلص معاني الصداقة بفقد الصديق، ويرتفع الحسد بموت المحسود، وتبطل المجاملة باختفاء من يجاملونه، وتبقى الأعمال تنبه إلى قيمة عاملها، ويفرغ المكان فيدل على قدر من كان فيه، وينتزع من الزمن ليل الميت ونهاره فيذهب اسمه عن شخصه ويبقى على أعماله”. 

ومن هنا كان الموت أصدق وأتم ما يعرف الناس بالناس، وكانت الكلمة بعده عن الميت خالصة مصفاة لا يشوبها كذب الدنيا على إنسانها، ولا كذب الإنسان على دنياه، وهي الكلمة التي لا تقال إلا في النهاية، ومن أجل ذلك تجيء وفيها نهاية ما تضمر النفس للنفس.