رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكايات قسطنطين كفافيس.. "كان يتمتع بصوت جميل فى الغناء ويحب الضوء الخافت"

قسطنطين
قسطنطين

"أنا من القسطنطينية بالنسب، لكنني ولدت في الإسكندرية- في منزل في شارع الصرفة. تركت صغيرًا، وقضيت الكثير من طفولتي في إنجلترا. بعد ذلك قمت بزيارة هذا البلد كشخص بالغ، ولكن لفترة قصيرة من الزمن. لقد عشت أيضًا في فرنسا. خلال فترة مراهقتي، عشت أكثر من عامين في القسطنطينية. لقد مرت سنوات عديدة منذ آخر زيارة لي لليونان. كانت وظيفتي الأخيرة كموظف في مكتب حكومي تابع لوزارة الأشغال العامة في مصر. أعرف الإنجليزية والفرنسية والقليل من الإيطالية".. هكذا قال الشاعر قسطنطين كفافيس في سيرته الذاتية.

لعب "كفافيس"، الذي يتزامن تاريخ ميلاده مع وفاته، وهو 29 أبريل، إذ ولد في عام 1863 بالإسكندرية، لأبوين يونانيين نشآ من المجتمع اليوناني في القسطنطينية، ورحل بعد إصابته بسرطان الحنجرة عام 1923، دورا أساسيا في إحياء الشعر اليوناني والاعتراف به في الداخل والخارج، إذ تضمنت قصائده استحضارا حميمًا لشخصيات حقيقية أو أدبية وبيئات لعبت أدوارا في الثقافة اليونانية.

في مقال منشور للأديب نقولا يوسف بمجلة "الأديب" بعددها رقم 12 والصادر بتاريخ 1 ديسمبر 1963؛ كشف عن أنه بعدما غاب "كفافيس" عن الأنظار، حتى بدأ النقاد عملهم، مستطردا: أقام أصدقاؤه عقب وفاته حفلا تذكاريا بالنادي اليوناني بالإسكندرية، ألقوا فيه خطبا كثيرة، ونشر الأديب ستافرو فرينوس عددا خاصا من مجلته الفرنسية "الأسبوعية المصرية" عن كفافيس، مع ترجمات لبعض قصائده إلى الفرنسية.

وأعقب نشر ديوانه بالإيطالية عام 1957، مقالة كتبها الأديب الإيطالي أوجين مونتالي، جاء فيها ما يلي من الذكريات: كان لكفافيس صوت جميل في الغناء والحديث.. وكانت أمه المرأة الوحيدة التي أحب بين النساء، وكان يحتفظ في بيته بشارع "ليبسيوس" ببعض الأثاث الثقبل من الخشب المشغول العربي الطراز، وببعض التذكارات العائلية ثقّل بها حاملا لديه.

وكان يحب الضوء الخافت، ضوء شمعة أو مصباح بترول، ولم يستخدم الكهرباء، فإذا زاره ضيف يحبه، أضاء له شمعة ثانية وإلا فشمعة واحدة، فإذا ضاق بالضيف، أطفأ الشمعة.

كان نحيف الجسم، متوسط القامة، ضعيف البصر، أنيق الملبس، شديد الاهتمام بتاريخ الإسكندرية وتاريخ بيزنطة، ويحب أن يقص بعض الوقائع التاريخية التي لا يهتم بذكرها في شعره، فموضوعاته ذاتيه تخصه وحده، وشخصياته خيالية ينفرد بها شعره، ولو أنه يبث في تلك الشخصيات القديمة حياة- فتعيش معنا اليوم، وتدع القارئ مأخوذا.