رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ملحمة مصرية فى معبر أرقين الحدودى

من معبر أرقين الحدودى البرى بين مصر والسودان انتقل 16 ألف إنسان من جحيم الحرب إلى مصرنا الآمنة، الرقم ليس نهائيًا ولكنه قابل للزيادة الفترة المقبلة، وحينما أعلنت وزارة الخارجية المصرية عن هذا الرقم لم يندهش المصريون لضخامته خاصة أننا ما زلنا فى بداية هذه الحرب المجنونة، وتكمن عادية هذا الرقم لأننا شهدنا فى السنوات العشر الأخيرة موجات متلاحقة سواء من اليمن أو سوريا أو ليبيا.
نفتح حدودنا ونتلقف أهالينا من مختلف البلدان العربية بل الإفريقية بكل الود، لهم ما لنا وعليهم ما علينا، هذا هو المعدن المصرى، وبالرغم من المحاولات الممنهجة التى يقوم بها الإخوانجية، ومن على شاكلتهم، بهدف تسميم الأجواء بين الشعب المصرى والشعوب المجاورة فإن صوت العقل هو المنتصر دائمًا.
فى بداية الحرب بالسودان انكسرت قلوبنا حزنًا على جنودنا البواسل الذين تم احتجازهم فى مطار مروى السودانى، وبرغم بؤس الموقف فإن ثقتنا فى قيادتنا السياسية كانت على أعلى مستوى، وبالفعل ما هى إلا ساعات وكان أبناؤنا الجنود فى بيوتهم بمصر، وربما كانت الطائرة المصرية التى نقلتهم هى أول طائرة فى العالم تدخل السودان بينما لعلعة الرصاص مسموعة فى كل الشوارع السودانية.
لذلك يأتى رقم الـ«16 ألفًا» الذى ذكرته الخارجية المصرية رقمًا عاديًا وطبيعيًا، وفى هذا السياق لا يمكن وصف تلك الملحمة الكبرى، التى تتم يوميًا لإجلاء الباحثين عن الأمان من خلال معبر أرقين البرى، إلا بوصف ملحمة الواجب المقدس نحو أهالينا فى السودان.
المتابع لهذه الأزمة يعرف أنه منذ اندلاع الأحداث فى السودان وجّه الرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة تنظيم عملية الإجلاء سواء للمصريين أو غير المصريين والابتعاد بمن يريد من جحيم نيران الموت إلى مظلة الأمان، لذلك تضافرت كل مؤسسات الدولة لتسهيل تنفيذ هذه المهمة التى نراها إنسانية فى الأساس.
خلية الأزمة التى تشكلت فور وقوع الأحداث فى السودان برغم اتساع دائرة المشاركين فيها فإن لقلب الصلب لهذه الخلية نراه يوميًا فى أعمال وزارة الدفاع وجهاز المخابرات العامة ووزارتى الداخلية والخارجية، نعم الحمل ثقيل ولكن مَن يكون لهذا الحمل سوى مصر.
الثعالب الصغيرة بواقى إخوانجية السودان لا يسعدهم هذا التفاعل القوى الذى تمارسه مصر يوميًا فى الاتصال والتواصل والدعم اللوجستى لتخفيف آثار الحرب، لا يسعدهم الموقف العاقل والحكيم الذى اتخذته مصر بتغليب فكرة الحوار على فكرة الرصاص، لذلك نقرأ لهم ونحزن عليهم حيث هبطوا إلى مستنقع لا قرار له من الخسة والنذالة وضيق الأفق.
أحلامنا للسودان عريضة وأملنا كبير بأن تحط الحرب أوزارها ليدخل السودانيون إلى معركتهم الأصلية وهى معركة البناء والتقدم، ولا شك أن مصر فى معركة حلم البناء ستكون السند والعون القوى.