رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البابا فرنسيس يوجه رسالته في اليوم العالمي للصّلاة من أجل الدعوات ٢٠٢٣

 البابا فرنسيس
البابا فرنسيس

أصدر البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، اليوم الأربعاء، رسالته بمناسبة اليوم العالمي للصّلاة من أجل الدعوات ٢٠٢٣، والذي جاءت تحت عنوان «الدعوة .. نعمة ورسالة».

 كتب البابا في رسالته:  إنّها المرّة السّتون التي نحتفل فيها باليوم العالمي للصّلاة من أجل الدعوات، الذي أنشأه البابا القدّيس بولس السّادس سنة ١٩٦٤، خلال المجمع المسكوني الفاتيكاني الثّاني. تريد هذه المبادرة التي أرادتها العناية الإلهيّة أن تساعد أعضاء شعب الله، أفرادًا وجماعات، لكي يجيبوا على الدعوة والرّسالة التي يوكلها الرّبّ لكلّ واحد في عالم اليوم، بجراحه وآماله وتحدياته وإنجازاته. أقترح عليكم هذه السّنة أن نتأمّل ونصلّي يقودنا موضوع: "الدعوة: نعمة ورسالة". إنّها فرصة ثمينة لكي نكتشف مجدّدًا بدهشة أنّ دعوة الله هي نعمة، وهي عطيّة مجانية، وفي الوقت عينه هي التزام لكي نذهب ونخرج لنحمل الإنجيل. نحن مدعوُوّن إلى الإيمان الذي يشهد، ويوثِّق بقوّة الرّباط بين حياة النّعمة، من خلال الأسرار والشّركة الكنسيّة، وبين الرّسالة في العالم. إذ يحرّكه الرّوح القدس، يسمح المسيحي بأن تسائله الضواحي الوجوديّة، وهو حساس إزاء المآسي البشريّة، ويعي دائمًا أنّ الرّسالة هي عمل الله، ولا يمكننا أن نحققها بمفردنا، وإنما في الشّركة الكنسيّة، مع الإخوة والأخوات، تحت إرشاد الرّعاة. لأنّه هذا هو حلم الله دائمًا وأبدًا: أن نعيش معه في شركة المحبّة.

وتابع فرنسيس يقول: يُشرِّع بولس الرّسول أمامنا أفقًا عجيبًا. قال: في المسيح، اختارَنا الله الآب "قَبلَ إِنشاءِ العالَم لِنَكونَ في نَظَرِه قِدِّيسينَ بِلا عَيبٍ في المَحبَّة وقَدَّرَ لَنا مُنذُ القِدَم أَن يَتَبنَّانا بِيَسوعَ المسيح على ما ارتَضَته مَشيئَتُه". إنّها كلمات تسمح لنا بأن نرى الحياةَ بمعناها الكامل: لقد خلقنا الله على صورته ومثاله ويريدنا أن نكون أبناءه: نحن قد خُلقنا من الحب، وبحب، وخُلقنا لكي نُحبّ.

مضيفًا: خلال حياتنا، تبلغنا هذه الدعوة، المطبوعة في نسيج كياننا، والتي تحمل سرّ السّعادة، بواسطة عمل الرّوح القدس، بطريقة جديدة على الدوام، وتنير عقلنا، وتفيض القوّة في إرادتنا، وتملؤنا بالدهشة وتُضرم قلبنا. وأحيانًا تتفجّر فينا بشكل غير متوقع. هكذا كان الأمر بالنسبة لي في ٢١ سبتمبر ١٩٥٣ عندما كنت في طريقي إلى حفلة الطّلاب السّنويّة، شعرت برغبة في أن أدخل الكنيسة وأعترف.

وتابع: وذلك اليوم غيّر حياتي وأعطاها بصمة لا تزال مستمرّة حتّى اليوم. لكن الدعوة الإلهيّة لبذل الذات تتكوّن فينا شيئًا فشيئًا من خلال مسيرة: في لقاء بحالة فقر، أو في لحظة صلاة، أو بفضل شهادة صادقة للإنجيل، أو في قراءة تفتح ذهننا، عندما نصغي إلى كلمة الله ونشعر أنّها موجهة لنا، أو في نصيحة أخ أو أخت ترافقنا، أو في زمن المرض أو الحزن... إن مخيّلة الله الذي يدعونا لامتناهية، ومبادرته وعطيته المجانية تنتظران جوابنا. الدعوة هي "الحبكة بين الخيار الإلهي والحريّة البشريّة"، علاقة ديناميكيّة ومحفِّزة، يتحاور فيها الله مع القلب البشري. وهكذا فإنّ عطيّة الدعوة هي كبذرة إلهيّة تنمو في تربة حياتنا، وتفتحنا على الله وعلى الآخرين لكي نتشارك معهم الكنز الذي وجدناه. هذه هي الهيكليّة الأساسيّة لما نُسمّيه دعوة: الله يدعو بالحبّ ونحن، بامتنان، نجيب بالحبّ. 

وختم البابا رسالته: أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، الدعوة هي عطيّة وواجب، وينبوع حياة جديدة وفرح حقيقي. ولذلك على مبادرات الصّلاة والتّنشيط المرتبطة بهذا اليوم أن تُعزز الوعي والحس بالدعوات في عائلاتنا، وفي الجماعات الرّعويّة وفي جماعات الحياة المكرّسة، وفي الجمعيّات والحركات الكنسيّة. ليُنهضنا روح الرّبّ القائم من بين الأموات من خمولنا وليمنحنا الوئام والتّعاطف، لكي نعيش كلّ يوم متجددِّين كأبناء الإله المحبة، ونكون بدورنا مولِّدين للحياة في المحبّة: قادرين على حمل الحياة إلى كلّ مكان، ولا سيّما حيث هناك الاقصاء والاستغلال والفقر والموت. بهذه الطّريقة تتوسّع فسحات المحبّة ويملك الله بشكل أكبر في هذا العالم. لترافقنا في هذه المسيرة الصّلاة التي كتبها البابا القدّيس بولس السّادس بمناسبة اليوم العالمي الأوّل للدعوات، ١١أبريل ١٩٦٤: "يا يسوع، راعي النّفوس الإلهيّ، يا من دعوت الرّسل لكي تجعلهم صيادِي بشر، أُجذب إليك نفوس شباب مُتقدّة وسخيّة لكي تجعلهم أتباعك وخدامك؛ واجعلهم يشاركون في عطشك الشامل للفداء، افتح لهم آفاق العالم بأسره، لكي وإذ يجيبوا على دعوتك، يواصلوا رسالتك هنا على الأرض، ويبنوا جسدك السّرّي، الذي هو الكنيسة، ويكونوا "ملح الأرض" و"نور العالم".