رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حبس الغنوشى.. هل يكون بداية انتهاء التواجد الإخوانى بتونس؟

الغنوشي
الغنوشي

باتت محاكمة عناصر وقيادات جماعة الإخوان الإرهابية في تونس، جاهزة بعد ما يقرب من عامين، عمل فيهما الرئيس قيس سعيد على تطهير القضاء والأجهزة الأمنية من التواجد الإخواني، لتنتهي بالقبض على رئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي، بعد عودة العلاقات مع سوريا، وفي سياق اندلاع اشتباكات السودان بين قوات الدعم السريع والجيش الوطني، بحسب محللين تونسيين تحدثوا لـ"الدستور".

وقال عضو المكتب السياسي لحركة الشعب التونسية محمد بوشنيبة، إن الأمر لا يتعلق براشد الغنوشي وحده، وإنما شمل الإيقاف العديد من الأطراف خلال الأشهر القليلة الماضية؛ منهم سياسيون ومنهم رجال أعمال، وإعلاميون وغيرهم، لأسباب كثيرة، منها التصدي للإرهاب ومنها مقاومة الاحتكار، علاوة على قضايا فساد مالي وإداري.

 

وقائع جديدة

وأضاف بوشنيبة بـ"الدستور"، أن الغنوشي جرى استدعاؤه للتحقيق من قبل، في شهر نوفمبر 2022، وفي شهر فبراير 2023، ولكن قاضي التحقيق قرر إبقاءه في حالة سراح، ولكنه ظل على ذمة القضايا المنسوبة إليه.

وتابع بقوله: "كل هذا يجعلنا نقول إن مسألة التوقيت قد لا تكون مقصودة، وإنما فرضتها وقائع جديدة، لعل أهمها تصريحات راشد الغنوشي الأخيرة التي اعتبرها البعض تهديدا للسلم الاجتماعي".

وأشار إلى أن محاكمة قيادات الإخوان وغيرهم ممن تورط في قضايا أضرت بتونس وشعبها خلال العشرية الماضية، أمر على قدر كبير من الأهمية، ويمكن القول إن ذلك قد تأخر، ولكن تأخره كان مقصودًا ومفتعلًا، إذ إن هذه الأطراف كانت تتحكم في الدوائر الأمنية والقضائية، ومن ثم عملت على تعطيل هذين المرفقين؛ حتى تظل تلك القضايا طي الكتمان، ويظل المتسببون فيها خارج دائرة القانون والعدالة.

وواصل بقوله: "لكن بعد 25 يوليو 2021، كانت ملاحقة المذنبين أيًا ما كان مجال ذنبهم أحد أهم المطالب، وإحدى أهم الركائز التي بنيت عليها توجهات هذا المسار. وبالفعل هذا ما شرعت السلطات الأمنية والقضائية وتقوم به منذ أشهر".

ونوه بأن ملاحقة المذنبين ومحاسبتهم وفق ملفات دقيقة ومعطيات مضبوطة من شأنه أن يعيد الحقوق إلى أصحابها، سواء كانوا أشخاصًا طبيعيين، أو جهات معنوية، ومن شأنه كذلك أن يوفر جوًا من الشفافية، تكون العلوية فيه للقضاء والعدالة. وما من شك أن جوًا كهذا من شأنه أن يفتح آفاقًا جديدة للتنمية والاستثمار، واستقطاب المستثمرين، سواء من داخل البلاد أو خارجها.

 

عوامل داخلية وخارجية

ويرى المحلل السياسي التونسي محمد الهادي غابري، أن توقيف رئيس حركة النهضة يأتي في إطار عوامل داخلية وأخرى. أما الداخلية فعلى خلفية تصريحاته في مسامرة رمضانية في إطار إنهاء اعتصام جبهة الخلاص، التي هاجم فيها بقوة ما أسماه بالانقلاب ومناصريه. وبالتالي من الناحية القانونية يمكن اعتبار هذا التصريح دعوة للعنف، ودفع الناس للاقتتال، خاصة أنه نعت مساندي إجراءات رئيس الجمهورية بالإرهابيين، والاستئصاليين، والذين يجب رميهم بالحجارة، والتصدي لهم. 

وقال غابري، لـ"الدستور"، إن هذا الكلام يجعل صاحبه محل مساءلة قضائية. ومن جهة أخرى قد يكون وصل لعلمه أنه لا محالة سيودع السجن مع اقتراب انتهاء الأبحاث في القضايا التي استدعي بشأنها للتحقيق معه سابقًا، في شبهات تبييض الأموال، والتسفير، وأعمال ذات صبغة إرهابية، وكأنه أراد استباق ذلك بتغليف إيقافه على أنه تعسف وملاحقة للسياسيين على خلفية حرية الرأي.

وأضاف أن هناك عوامل خارجية، ولكنها تبقى مجرد استقراء بحكم أن أعوان الضابطة العدلية الذين نفذوا الاعتقال لم يصرحوا للموقوف، وحتى لمحاميه بالتهم، إلا بعد جلبه لمكتب التحقيق. وتتعلق هذه العوامل المحتملة يتزامن التوقيف مع زيارة وزير الخارجية السوري لتونس، بعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

وتوقع غابري، أن يكون وزير الخارجية السورية، قد جلب معه محاضر أبحاث واعترافات مسجلة عن إرهابيين تونسيين ضبطوا في سوريا، ومن المحتمل أن يكون فيها ما يدين الرجل وجماعته. ومن جهة أخرى لا أعتقد أن هذا التوقيف ليس بمعزل عن التطورات الأخيرة في ليبيا، أو حتى التصعيد بين الأجنحة السياسية المتصارعة في السودان مؤخرًا. 

واختتم تصريحاته بالقول: ربما يكون الأمر حرصًا من السلطة لاستباق تصعيد إخواني في تونس على الطريقة السودانية، خاصة أنه لم يعرف إلى الآن أي شيء عن فحوى التحقيق مع الغنوشي. وبصورة عامة أعتقد أن التحقيقات مع قيادات الإخوان في تونس مازالت في بداياتها وكما قلت سابقًا إن آخر قطعة ستتدحرج من لعبة الدومينو هي بلا شك سقوط الغنوشي.

ساعة الحساب

وقال عضو المكتب السياسي لحركة الشعب في تونس أسامة عويدات، إن القبض على الغنوشي جاء على خلفية تصريحاته الأخيرة التي هدد فيها الشعب التونسي، واعتبر المساندين لقرارات 25 يوليو إرهابيين، وحرض عليهم، وحرض على المثقفين، ودعا بشكل واضح للذهاب نحو الاقتتال والفوضى العارمة في البلاد.

وأضاف عويدات لـ"الدستور"، أن إيقاف الغنوشي يتزامن ويتقاطع مع عودة العلاقات التونسية السورية، ويأتي في لحظة نذهب فيها نحو المحاسبة الحقيقية لكل من أجرم بحق تونس.

وتابع بقوله: تأخرنا كثيرًا في المحاسبة، واليوم يجب أن نحاسب كل من أجرم في حق البلاد، وكل من ارتكب الفساد، فالوضع لم يعد يحتمل أكثر، ويجب أيضًا أن تكون هناك شفافية حتى يعرف الشعب التونسي ما قام به هؤلاء من جرائم.

وأوضح أن عودة العلاقات مع سوريا كشفت فظاعات كثيرة، لأن هناك جزءًا غير مكتمل من الصورة، وسنعرف قريبًا، من الذي سفر الشباب للقتال في الشام، ومن نفذ ومول، ومن خطط، وبالتالي الجزء المتخفي من الصورة يمكن أن نراه من خلال عودة العلاقات.

وأشار إلى أنه في وقت قريب، سيعرف التونسيون، من كان وراء تفسير التونسيين، ومن كان يدير الغرف المظلمة التي انطلقت منها عمليات الموت، واغتيال شكري بالعيد، ومحمد البراهمي، ونحاسب المجرمين، المتورطين في اغتيال قوات الأمن، وتحمل كل شخص نتيجة أفعاله.