رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمود المليجى

فنان مصري تميز بأداء أدوار الشر، قدمها بشكل بارع ومميز، تميز بصوت رخيم وملامح حادة أهلته لتقمص أدوار الشر وإجادته لها. يعد واحدًا من أشهر الممثلين في القرن الماضي، والأكثر حضوراً في تاريخ السينما والتليفزيون العربي. استطاع أن يسجل رقمًا قياسيًا في أدوار الشر. صار عاملاً مشتركاً في كل عمل سينمائي، شجع صناع السينما على إسناد العديد من أدوار الشر إليه، خاصة  في فترة أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، أطلق عليه النقاد لقب "شرير الشاشة وفيلسوفها" بسبب وعيه الثقافي وحرصه على القراءة والاطلاع.
لقب أيضًا بـ"أنتوني كوين الشرق"؛ ولم يتوقف مطلقا عن مواصلة مشواره الفني حتى مع تقدمه في العمر، شارك في بطولة 21 فيلما ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، صنع تاريخا فنيا رائعا. إنه عملاق التمثيل الفنان القدير محمود المليجي.. أحد رموز الشر في السينما العربية.. موهبة لم ولن تتكرر.

البداية:
ولد محمود المليجي  في 22 ديسمبر عام 1910 بحي المغربلين بالقاهرة، انتقل برفقة عائلته إلى حي الحلمية، أكمل تعليمه الأساسي  بها، التحق بالمدرسة الخديوية لاستكمال تعليمه الثانوي. علم بوجود شخص يدعى "لبيب الكرواتي"،  يشجع التلاميذ على هواية التمثيل، انضم إليه. لتبدأ مسيرته الفنية..!
شاءت الظروف أن تشاهده الفنانة الكبيرة فاطمة رشدي خلال متابعتها عرضا مسرحيا نظمته فرقة المدرسة، وأعجبت بأدائه الفني وعرضت عليه العمل في فرقتها مقابل 4 جنيهات شهريا، رحب بالفكرة ومن هنا بدأت شهرته. شارك في العديد من العروض المسرحية، عمل أيضًا ملقنًا في المسرح مقابل 9 جنيهات، حتى بات وجهًا مألوفًا ذا صوتًا مميزًا، انتقل لشاشة السينما وأسعده الحظ بالوقوف أمام كوكب الشرق أم كلثوم في فيلم "وداد" إنتاج 1936.
توالت أعماله الرائعة على شاشة السينما وشكل مع الفنان فريد شوقي ثنائيًا ناجحًا، وكان شوقي في أغلب الأفلام يلعب دور الطيب والمليجي هو الشرير ومدبر المؤامرات.
اكتشفه المخرج يوسف شاهين، حيث أبرز الوجه الآخر لمحمود المليجي فقد راهن عليه عام 1970 في فيلم "الأرض" وقدم شخصية الفلاح محمد أبوسويلم ببراعة شديدة، شاركه أيضًا بطولة أفلام “الاختيار، والعصفور، وعودة الابن الضال، وحدوتة مصرية" وهي من علامات السينما العربية.

محطات فنية:
استمرت رحلة عطائه مـع الفن أكـثر من نصف قـرن، قدم خلالها أكثر من 750 عملاً فنيًا، بين سينما ومسرح وتليفزيون وإذاعة. أشهرهم، صلاح الدين الأيوبي عام 1941 كليوباترا عام 1943، غرام وانتقام عام 1944، اليتيمة عام 1946، البوسطجي عام 1948، أمير الانتقام عام 1950، مصطفى كامل عام 1952، إسماعيل يس في الأسطول عام 1957، فضيحة في الزمالك عام 1959، بين السما والأرض عام 1960، الأرض عام 1970، غروب وشروق عام 1970، حدوتة مصرية عام 1982، أيوب عام 1983، وغيرها.
 رفض الفنان محمود المليجي العودة مرة أخرى للوقوف أمام كاميرات السينما بالرغم من ابتعاده عنها منذ أواخر السبعينيات.
وقال لجريدة «أخبار اليوم» في العدد الصادر يوم 24 أبريل من نفس العام، إنه اعتذر عن عدم قبول 4 سيناريوهات جديدة قدمت له من أصدقائه المنتجين والمخرجين، موضحًا أنه يفضل أن يظل مقيمًا في بيته بعيدًا عن كاميرات السينما، على أن يعود في أدوار "تافهة" تطيح برصيده الفني الذي شيده على مدى تاريخه الطويل.
ويرى المليجي، أنه اتخذ قرار ابتعاده عن السينما أيضًا بسبب ضعف الأجور التي يتقاضاها عن الأدوار المتميزة التي يقوم بأدائها، فهو كان يتقاضى في أوائل السبعينيات 5 آلاف جنيه في الفيلم الواحد، في الوقت الذي زادت فيه أجور غيره من الفنانين ظل هو "محلك سر" لذلك قرر أن يكون الحد الأدنى لأجره 10 آلاف جنيه.
وكان آخر أجر سينمائي قام بأدائه بالأجر الجديد الذي حدده لنفسه أوائل الثمانينيات عندما شارك في بطولة فيلم "القرش"، حيث تقاضى ثلاثة آلاف جنيه مقابل الأيام الثلاثة التي استغرقها تصوير دوره في الفيلم.
وعن أخباره مع المسرح، أكد المليجي أنه لن يعود لقبول العمل فيه حتى لا يشارك في لعبة "بايخة" سئمها الجمهور فمعظم الأدوار التي عرضت عليه تتسم بالضعف الشديد وتخلو من المتعة والفن والتفكير.
وبذلك فقد طلق المليجي العمل في السينما والمسرح بالثلاثة، ووجد نفسه في الأعمال التليفزيونية التي ينتقي من بينها الأدوار التي تتناسب مع مرحلة النضج الفني التي يعيشها، خاصة أنه يتقاضى الأجر الذي يحدده دون قيد أو شرط.

حياته الشخصية:
تزوج المليجي من الفنانة علوية جميل في بداية مسيرته الفنية وأحبها بصدق، وكان حريصا على كسب ودها ورضاها بشكل دائم، وزاد من حبه لها أنها تحملته رغم عجزه عن الإنجاب.
بمرور الأيام والسنوات تسرب الملل لحياته مع علوية جميل، فتعرف على الفنانة لولا صدقي، وفكر في الزواج منها لكن علوية أجبرته على إنهاء هذا الارتباط سريعا.
تزوج سرا من الفنانة سناء يونس وعاش معها فترة طويلة، وبعد رحيله عام 1983 كشفت سناء يونس عن هذا السر وقالت إنها كانت شديدة الوفاء له.

الرحيل الصادم:
كما يموت المحارب في ميدان المعركة، مات محمود المليجي في مكان التصوير، وهو يستعد لتصوير آخر لقطات دوره في الفيلم التليفزيوني "أيوب"، حيث حدث ما لم يخطر على بال أحد، أثناء تصوير أحد مشاهد فيلم «أيوب»، الذي كان يجمع كلاً من الفنانين: عمر الشريف، ومحمود المليجي.
جسد المليجي مشهد وفاته، حينما قال: «يا أخي الحياة دي غريبة جداً، الواحد ينام ويصحي وينام ويصحى» وأحنى رأسه إلى الأسفل، ليصدر بعدها صوتاً، فاجأ الحاضرين به، وبعد انتهاء هذا المشهد، قال الشريف له، «قوم بقى يا محمود المشهد خلص خلاص»، ليتفاجأ الجميع برحيل المليجي عن الحياة في هذه اللحظة، وذلك وفقاً لما قاله مخرج العمل هاني لاشين، خلال أحد اللقاءات المسجلة.
قررت أسرة فيلم «أيوب» عدم إخبار زوجته بنبأ وفاته.
بعد تجازوهم  حالة الصدمة والحزن ، قرروا أن يحملوا الفنان الراحل محمود المليجي، إلى منزله بحي الزمالك، كما اتفقوا على ألا يخبروا زوجته النجمة علوية جميل، بخبر وفاته، ثم علم الجميع بخبر وفاة أحد أبرز نجوم الفن إثر أزمة قلبية. ليرحل في 6 يونيو عام 1983، عن عمر ناهز 73 عاماً.